تلقى المغاربة التساقطات المطرية الأخيرة في مدينة مثل الدار البيضاء، بالكثير من الفرح، خاصة بعد عامين من الجفاف، أفضيا، مع الأزمة الصحية، إلى تراجع النمو وكساد أثرا على إيرادات الأسر وفرص العمل.
وشهد الموسم الزراعي انطلاقة متعثرة، حيث بلغ عجز التساقطات خلال شهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني الماضيين، ما يقرب من 48 في المائة، إلا أن عودة التساقطات بشكل شبه عام خلال الفترة الأخيرة ستساهم في تسريع أشغال الحرث وتحسن المراعي، حسب المندوبية السامية للتخطيط. ويذهب المزارع عبد الله البشعيري، في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن التساقطات المطرية التي تعرفها بعض المناطق في المغرب في الأيام الأخيرة، منعشة لمعنويات المزارعين، على اعتبار أنها ستساعد على نمو العديد من المزروعات، بل إنها ستساعد على توفير الكلأ الطبيعي.
ويشدد على أن هذه التساقطات المطرية، ستساعد إذا ما تواصلت بتوزيع جغرافي متوازن، على تعزيز مخزون المياه الجوفية والسدود التي تأثر رصيدها بسبب توالي سنتين من الجفاف.
ويرتقب أن تساعد التساقطات المطرية الغزيرة التي يعرفها المغرب في الأسبوع الأخير على نمو جيد للعديد من المزروعات، خاصة الحبوب، بعد موجة البرد القارس التي تشهدها المملكة في هذه الفترة من العام. كما ستساهم الأمطار في تعزيز مخزون المياه الذي تراجع بسبب توالي سنتين من الجفاف. وارتفع مخزون المياه في السدود لأول مرة، منذ أشهر، حيث وصل إلى 42 في المائة، وزاد مخزون المياه في السدود منذ مستهل العام الجاري، على أثر التساقطات المطرية، التي بلغت مستويات قياسية في العديد من المناطق بحوالي 770 مليون متر مكعب، وهي كميات ينتظر أن تتعاظم، حسب الفني في القطاع الزراعي، ياسين أيت عدي، الذي يؤكد لـ"العربي الجديد" أن مخزون السدود سيتعاظم مع ذوبان الثلوج والتساقطات المطرية المرتقبة.
ويشدد على أن التساقطات المطرية، إذا دعمت مخزون المياه في السدود، فإنها ستساعد على زيادة مردودية بعض الزراعات غير المروية مثل القطاني والحبوب، التي شهد محصولها تراجعا حادا في الموسم الماضي بسبب الجفاف.
ويتصور الخبير في القطاع الزراعي، محمد الهاكش، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن التوقعات الاقتصادية بالمغرب، ارتهنت دائما للتساقطات المطرية، التي تحدد محصول الحبوب والزراعات الأخرى، ما ينعكس على الطلب الداخلي، وينعش العديد من القطاعات المرتبطة بالزراعة وتلك التي لا ترتبط بها. وأشار أيت عدي إلى أن الانكماش الذي شهده الاقتصاد المغربي في العام الماضي، زاد من حدته تراجع محصول الحبوب الذي تهاوي إلى 3 ملايين طن، من 5 ملايين طن في الموسم الذي يسبقه، ما أثر بشكل حاسم على انطلاق الموسم الزراعي الحالي في ظل انخفاض السيولة المالية لدى المزارعين.
ودفع تعثر الموسم الفلاحي المندوبية السامية للتخطيط (حكومية) إلى توقع أن يواصل قطاع الزراعة تراجعه بوتيرة ناقص 7.4 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي، في ظل ظرفية متسمة بارتفاع تكاليف الإنتاج وتأخر التساقطات المطرية الخريفية، حيث ستشهد مصاريف المزارعين الخاصة بالبذور والأعلاف ارتفاعا ملموسا في موازاة زيادة أسعارها.
غير أن المندوبية السامية للتخطيط، تؤكد أنه بالنظر لتحسن التساقطات المطرية خلال فصل الشتاء وتعميمها على جل المناطق، ينتظر أن تعرف القيمة المضافة الفلاحية ارتفاعا ملحوظا.