01 أكتوبر 2020
+ الخط -

عندما تقتحم الشركات الكبرى عالم السياسة، ويستخدمها بعض كبار المسؤولين لتضليل وخداع الرأي العام لحصد أصواتهم الانتخابية، فإن نهايتها الطبيعية هي التعثر المادي وبعدها الإفلاس ثم الخروج من السوق إلى الأبد، وقبل ذلك تلويث سمعتها وسمعة القائمين عليها من مساهمين وإدارة عليا، ذلك لأن الجزء الأهم من رصيد أي شركة هو سمعتها والتزامها بما تعلن عنه من مشروعات.

شركة أرابتك، أكبر شركة مقاولات في الإمارات وإحدى أكبر شركات التطوير العقاري في منطقة الشرق الأوسط، هي واحدة من تلك الشركات، فهذه الشركة مارست قبل نحو 6 سنوات أكبر عملية خداع تعرّض لها المصريون في السنوات الأخيرة.

ففي شهر إبريل 2014 خرج الرئيس التنفيذي للشركة، حسن أسميك، في صورة شهيرة جمعته بالفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري في ذلك الوقت ليعلن عن توقيع اتفاق ينص على إقامة أضخم مشروع سكني في مصر بالتعاون مع القوات المسلحة المصرية وبتكلفة 280 مليار جنيه، أي ما يعادل 40 مليار دولار حينئذ، على أن يتم الانتهاء منه قبل عام 2020، أي هذه الأيام.

ولاستكمال عملية الخداع، أعلنت الشركة الإماراتية أنها ستبدأ على الفور إقامة مليون وحدة سكنية في محافظات مصر المختلفة، وأن هذه الوحدات سيتم تخصيصها لمحدودي الدخل من الفقراء والشباب المقبل على الزواج وصغار موظفي الحكومة وغيرهم من الفئات المهمشة في البلاد.

ولم تنتظر أرابتك وقتها طرح أسئلة مشروعة من المتابعين للمشهد حول كيفية تدبير احتياجات هذا المشروع العملاق من أراض وتكاليف ضخمة تبلغ 40 مليار دولار، حيث أعلن حسن أسميك أن كل الأمور مرتبة، فأرض المشروع مقدمة مجانا من القوات المسلحة المصرية، والإمارات ستقدم التمويل اللازم للمشروع.

وسارعت وسائل الإعلام المصرية والعربية المحسوبة على الإمارات إلى المشاركة في ترويج أكبر عملية خداع تمارسها أرابتك على المصريين، حينما راحت تبشر هؤلاء، ليس فقط بقرب حل أزمة السكن الخانقة التي فشلت الحكومات المتعاقبة في حلها، لكن توفير وحدة سكنية لكل مواطن وبسعر رمزي يناسب دخله.

وقبيل الانتخابات الرئاسية المصرية في منتصف العام 2014، كثّفت وسائل الإعلام نشر الأخبار المتعلقة بمشروع المليون شقة، من عقد اجتماعات مكوكية لاختيار المواقع التي سيتم إقامة الوحدات عليها، وبدء تحويل السيولة المالية اللازمة من الإمارات للبدء فوراً في التنفيذ، والتعاقد مع شركات بناء وتشييد.

لكن بعد اجراء الانتخابات هدأ منسوب الأخبار المتعلقة بأضخم مشروع سكني، إلى أن اختفى تماما عقب نشر خبر عن خروج القوات المسلحة من المشروع وإسناده إلى وزارة الإسكان المصرية للمشاركة في تنفيذه بالتعاون مع الشركة الإماراتية.

وتمر السنة تلو الأخرى، والمصريون ينتظرون خروج مشروع المليون وحدة سكنية إلى النور، إلى أن تأكد الجميع أنه كان سرابا كبيرا ومجرد عملية خداع لتخدير هؤلاء وقبلها حصد الأصوات.

ويوما بعد يوم، تتعرض أرابتك لأزمات مالية حادة تؤثر سلبا على أنشطتها، ليس فقط في دول العالم الذي تتواجد فيه بقوة، بل داخل الإمارات أيضا، إلى أن تقرر، أول من أمس، وضع نهاية لأكبر شركة مقاولات، بإعلان حل وإفلاس وتصفية أرابتك وتسريح العمالة بها، وذلك بعد أن حققت الشركة خسائر بلغت 1.45 مليار درهم تشكل 97.22% من رأسمالها البالغ 1.5 مليار درهم.

المساهمون