عمليات شراء مكثفة للدولار وسط توقعات ارتفاعه خلال العام الجاري

22 يونيو 2021
توقعات بحدوث تصحيح في مؤشرات "وول ستريت" (Getty)
+ الخط -

في أعقاب ضخ أكثر من 5 تريليونات دولار في السوق، يتجه مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) إلى بدء دورة جديدة من السياسة النقدية تنهي سياسة التيسير الكمي ورفع الفائدة على الدولار.

وبدأ أول مؤشرات هذه الدورة الجديدة يظهر في التراجع الجاري في البورصات العالمية وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية منذ يوم الخميس الماضي.

وحتى الآن، يواصل مجلس الاحتياط الفيدرالي سياسة التيسير الكمي بشراء سندات شهرية بقيمة 120 مليار دولار، ويُبقي على سعر الفائدة المنخفض الذي يراوح بين صفر و0.25%.

وعلى الرغم من أن المجلس قال، في اجتماعه يوم الأربعاء الماضي، إنه سيرفع الفائدة بنسبة 0.5% في عام 2023، إلا أن مسؤولين نقديين ومصرفيين في الولايات المتحدة وأوروبا يرون أن المركزي الأميركي سيضطر إلى رفع الفائدة في وقت أقرب مما أُعلن وربما خلال العام المقبل، وقد يوقف برنامج شراء السندات خلال أشهر.

وفي هذا الشأن، قال رئيس الاحتياط الفيدرالي في سانت لويس جيمس بولارد، في تعليقات نقلتها قناة "سي أن بي سي" قبل يومين، إنه وزملاءه يرون أن ارتفاع معدل التضخم بمعدل أكبر من التوقعات سيجبر مجلس الاحتياط على رفع الفائدة بأسرع من التوقعات، وربما في العام المقبل.

ويعني رفع الفائدة مزيداً من دعم سعر صرف الدولار الذي بدأ رحلة ارتفاع قوي منذ يوم الأربعاء الماضي.

حتى الآن، يواصل مجلس الاحتياط الفيدرالي سياسة التيسير الكمي بشراء سندات شهرية بقيمة 120 مليار دولار، كما يبقي على سعر الفائدة المنخفض الذي يراوح بين صفر و0.25%

ولاحظ خبراء عملات أن المستثمرين يعيدون منذ يوم الخميس رهاناتهم على العملات ويشترون الدولار بشراهة خوفاً من حدوث نقص في الدولارات خلال العام الجاري.

وفي هذا الاتجاه، قالت محللة العملات بمصرف "رابو بانك"، جين فولي، لنشرة "ماركت ووتش" يوم الجمعة، إن "ارتفاع الدولار القوي يعني أن هنالك عملية تقييم للمراكز في سوق الصرف بدأت فعلياً منذ يوم الخميس".

وعادة ما تحدث دورة الدولار انقلاباً كبيراً في السوق، إذ إن الدولار حينما يتحول من الانخفاض إلى الارتفاع يعمل على خفض أسعار السلع الأولية والذهب ويحدث اضطراباً في العملات الناشئة.

وكسب مؤشر الدولار خلال العام الجاري نحو 2.2%، وكانت الرهانات حتى اجتماع الاحتياط الفيدرالي يوم الأربعاء الماضي تتوقع أن يرتفع الدولار بمعدل متواضع خلال العام الجاري. وتشير التوقعات الحديثة إلى أن الدولار قد يدفع اليورو إلى التراجع بمعدلات تراوح بين 1.15 و1.20 دولار.

وهنالك عدة عوامل تدعم ارتفاع الدولار خلال العام الجاري، أولها تشديد السياسة النقدية الأميركية.

وفي هذا الشأن، قال محلل العملات بمصرف "آي أن جي" الهولندي، كريس تيرنر، أمس الاثنين: "إن هنالك مؤشرات على أن مجلس الاحتياط الفيدرالي قد يوقف سياسة التيسير الكمي التي كان يشتري بها السندات في سبتمبر/ أيلول المقبل، وهذا يدعم سعر صرف الدولار".

وفي الشأن ذاته، يتوقع محللو "كابيتال إيكونومكس" ارتفاع الدولار مقابل اليورو والين الياباني بسبب الفارق في العائد على السندات الحكومية، فبينما يرى محللون أن العائد على سندات الخزانة الأميركية سيواصل الارتفاع فوق معدل 2%، لكن في المقابل من غير المتوقع ارتفاع العائد على السندات اليابانية والأوروبية. ويتجه البنك المركزي الأوروبي نحو مزيد من التحفيز النقدي خلال العام الجاري.

في هذا الصدد، يتوقع خبير الأسواق بمصرف "ويلز فارغو"، مايكل شوماخر، أن ينهي العائد على السندات الأميركية أجل 10 سنوات العام الجاري لدى مستوى 2.2% على الرغم من الانخفاض الذي يشهده المعدل حالياً، الذي يراوح بين 1.44 و1.43%.

أما العامل الثاني الذي سيدفع الدولار إلى الارتفاع، فهو هجمة المستثمرين الشرسة المتوقعة على الأصول المقومة بالدولار لتغطية مراكزهم المكشوفة في سوق الدين. وقد يعمل الفيدرالي على تعزيز سعر صرف الدولار، وبالتالي تعزيز وضعه في الاحتياطات العالمية، بعد التراجع المستمر خلال العام الماضي والتكهنات الخاصة بأنه قد يخسر موقعه كعملة احتياط دولية بنهاية العقد الحالي.

وحسب بيانات صندوق النقد الدولي الأخيرة، تراجعت حصة الدولار من احتياطات البنوك المركزية العالمية في الربع الأخير من العام الماضي إلى 59%. ويلاحظ أن توقعات التصحيح في سوق المال الأميركي تدفع المصارف إلى الاحتفاظ بحجم السيولة المرتفع لديها الذي يقدَّر بأكثر من 3 تريليونات دولار.

وتنتظر المصارف الأميركية فرص الاستثمار في الأصول ذات العوائد المرتفعة في المستقبل.

ويرى الاقتصادي بمؤسسة "موديز" في مذكرة للعملاء في نهاية الأسبوع، أن سياسة تشديد الفائدة ستؤدي بشكل أقرب وأكبر من التوقعات إلى حدوث تصحيح في أسعار الأسهم يراوح بين 10% إلى 20%. وتدفع مخاوف الأصول الخطرة في الأسواق الناشئة الدولار كذلك إلى الارتفاع.

حتى الآن، تواجه الاقتصادات الناشئة مخاطر جائحة كورونا التي تفشت في الهند وتنتقل بسرعة إلى اقتصادات عديدة في الدول الفقيرة، وتهدد الانتعاش الاقتصادي في آسيا وأميركا الجنوبية وأفريقيا. لكن رغم هذه التوقعات بارتفاع الدولار وتواصل النمو الاقتصادي في الاقتصادات الكبرى، هنالك العديد من المخاطر التي تهدد دورة الانتعاش الأميركي، إذ إن بعض كبار المستثمرين يرون أن التضخم قد يفضي بالاقتصاد الأميركي إلى دورة من "التسخين الاقتصادي" وحدوث اضطراب في سوق "وول ستريت".