- في آسيا، تميزت الاحتجاجات بالمطالبة بظروف عمل أفضل وحقوق موسعة، مع تركيز خاص في بعض البلدان مثل كوريا الجنوبية على السياسات المناهضة للعمال، بينما في الفيليبين وإندونيسيا تركزت المطالب على زيادة الأجور والأمن الوظيفي.
- بعض الاحتجاجات اتخذت طابعًا سياسيًا واجتماعيًا، مثل المطالبة بحظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل في بريطانيا والاحتجاج على الحرب في غزة في اليونان، مما يعكس الرابط بين القضايا العمالية والسياسية والاجتماعية.
شارك عمال في عديد البلدان الصناعية والمتقدمة منها الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا في مسيرات وإضرابات في عيد العمال اليوم الأربعاء، وذلك للمطالبة بحقوق مالية ومعيشية؛ بالتزامن مع ارتفاع نسب التضخم والمخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.
في اليوم العالمي للعمال الموافق الأول من مايو/أيار من كل عام، إليك أبرز الاحتجاجات العمالية في عديد الدول:
الولايات المتحدة
يخوض سائقو خدمات النقل والتوصيل في العديد من الولايات الأميركية، اليوم الأربعاء إضراباً وطنياً، للمطالبة بأجور عادلة وحماية إلغاء تنشيط التطبيقات. وجاء في تعهد الإضراب الذي حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه: "في جميع أنحاء البلاد ترتفع تكاليف المعيشة، ويرى السائقون أموالاً أقل وأقل من كل رحلة.. لقد سئمنا رؤية المديرين التنفيذيين في وادي السليكون يصبحون مليونيرات بفضل عملنا الشاق".
ومن المقرر تنظيم مظاهرات وإضرابات في مدن الولايات الكبرى ومنها نيويورك وشيكاغو وأورلاندو وأتلانتا وهارتفورد وتامبا، والتي سيتم تنظيمها من قبل "العدالة لعمال التطبيقات" The Justice for App Workers، وهو تحالف يمثل أكثر من 130 ألف سائق.
وفي العام 2023 شرعت النقابات العمالية الأميركية في أكبر عدد من الإضرابات منذ 23 عاما، حيث طالبت بزيادة كبيرة في الأجور والمزايا، وظروف عمل أفضل لأعضائها. وقال مكتب الإحصاءات التابع لوزارة العمل في فبراير/شباط الماضي، إن العام 2023 شهد 33 توقفا كبيرا عن العمل، وهو أكبر عدد منذ عام 2000. كذلك، أعلن سائقو القطارات في 16 شركة سكك حديدية في 24 إبريل/نيسان الماضي، إضرابات بين السابع والتاسع من مايو/أيار الجاري؛ ومن المرجح أن يؤدي هذا الإجراء إلى إلغاء وتأخير وانقطاع الخدمات. وتسعى نقابة سائقي القطارات إلى الحصول على أجور أفضل لأعضائها؛ وتقول إنه يُطلب من السائقين التضحية بظروف العمل مقابل زيادة الأجور.
النقل في أوروبا
أصبحت الإضرابات أمراً متكرر الحدوث في العديد من الدول، حيث يرفض الموظفون الاستمرار في أعمالهم قبل الحصول على أجور وظروف عمل أفضل. وفي قطاع النقل الأكثر تأثرا في أوروبا، شهدت ألمانيا خلال العام 2024 إضرابات هي امتداد للعشرات في 2023، والتي تسببت بإلغاء الرحلات الجوية والقطارات وفوضى السفر.
وفي المملكة المتحدة، بدأ موظفون في مطار هيثرو إضرابات عمل اعتبارا من 29 إبريل الماضي وحتى 2 مايو الجاري بسبب خطط لتسريح موظفين. ويستعد المطار كذلك لإضراب آخر لمدة أسبوع في مايو، حيث سينضم للإضراب نحو 800 موظف في مختلف الإدارات، خلال الفترة من السابع إلى الـ13 من مايو، وقد يتسبب في اضطراب خطير. كذلك، طالب عمال مترو أنفاق لندن بحظر العمل الإضافي من 29 إبريل إلى الخامس من مايو 2024، مما قد يتسبب في إغلاق جزئي للمحطات.
وفي ألمانيا، تأثر الملايين بسبب إضراب موظفي شركتي "دويتشه بان" و"لوفتهانزا" للمطالبة بزيادة الأجور في وقت سابق من مارس/آذار الماضي، مما تسبب في اضطرابات كبيرة في السفر. وهذا هو الإضراب الخامس في نزاع الأجور المستمر منذ أشهر بين نقابة السائقين وشركة السكك الحديدية "دويتشه بان" إذ يطالب موظفوها بأجور أعلى؛ ومثلهم موظفو شركة الطيران الوطنية لوفتهانزا.
وفي بلجيكا، سيضرب موظفو مطار شارلروا لمدة 24 ساعة خلال الأسبوع الجاري، ما قد يتسبب بتعطيل كبير في حركة الطيران من ثاني أكبر مطار في البلاد وإليه. وأكدت نقابة العاملين في المطار لوكالة أنباء بلجيكا أن بعض الموظفين في المطار (جنوبي البلاد) سيتوقفون عن العمل لمدة 24 ساعة في الثاني من مايو.
وكانت النقابة قدمت بالفعل إشعارا بالإضراب لخدمات الأمتعة والمطاعم في وقت سابق من إبريل الماضي. وتتصاعد التوترات الاجتماعية بمطار شارلروا؛ إذ قدم الموظفون مرارا شكاوى بشأن مضايقات المديرين ومطالبات بحقوق عمالية.
كذلك، شهدت كل من إيطاليا وإسبانيا وفرنسا واليونان إضرابات متقطعة خلال العام الجاري، للمطالبة بزيادات أجور وتأمينات عمالية، امتدادا لموجة احتجاجات غير مسبوقة شهدتها تلك الدول في 2023.
والخميس الماضي، ألغيت مئات الرحلات الجوية في فرنسا، بسبب إضراب هدد به مراقبو الحركة في ذات اليوم، قبل أن يتراجعوا عنه. وفي باريس، تم إلغاء حوالي 75 بالمائة من الرحلات الجوية في أورلي، و55 بالمائة في مطار شارل ديغول الخميس الماضي، بحسب ما أعلنت هيئة الطيران المدني لشركات الطيران.
وأضافت أنه تم أيضا إلغاء حوالي 65 بالمائة من الخدمات في مطار مرسيليا و45 بالمائة في أماكن أخرى في فرنسا، رغم تراجع النقابة عن إضرابها في اللحظات الأخيرة.
واعتقلت الشرطة في إسطنبول اليوم وفقاً لوكالة أسوشييتد برس، عشرات الأشخاص ممن حاولوا الوصول إلى ساحة تقسيم الرئيسية بالمدينة في تحد لحظر فرضته الحكومة على الاحتفال بعيد العمال في الأول من مايو/أيار في هذا الموقع.
غزة حاضرة في الاحتجاجات
شارك عمّال بريطانيون، الأربعاء، في مظاهرات واسعة عمّت الشوارع بمناطق عدة في العاصمة لندن، بمناسبة يوم العمال العالمي، مطالبين الحكومة بحظر تصدير أسلحة لإسرائيل، وفق وسائل إعلام محلية.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت عبر وسائل التوصل الاجتماعي والصفحات البريطانية، احتجاجات ومسيرات حاشدة، بمناسبة اليوم الذي يوافق 1 مايو/أيار من كل عام، حمل خلالها المتظاهرون أعلاما وكوفيات فلسطينية ولافتات كتب عليها شعارات مثل: "عمال من أجل فلسطين حرة"، وهو اسم الحركة المنظمة للتظاهرات.
ورفع المتظاهرون أصواتهم مطالبين بـ"تحرير فلسطين وإيقاف الإبادة في غزة ووقف صادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل، وإنهاء الاحتلال". وبحسب صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية، نظم نشطاء، اليوم، المزيد من الاحتجاجات أمام المصانع في جميع أنحاء المملكة المتحدة، "احتجاجا على إرسال الأسلحة إلى إسرائيل".
وذكرت أن "أكثر من ألف عامل ونقابي تظاهروا خارج مواقع شركة بي أيه إي سيستمز (تصدّر أسلحة لإسرائيل)، بالإضافة إلى وزارتي الأعمال والتجارة في لندن". ونقلت عن المنظمين قولهم إن "الهدف من التظاهر هو إظهار التضامن مع العمال الفلسطينيين".
وبحسب الصحيفة، قالت حركة "عمال من أجل فلسطين حرّة"، إنها "تصعّد تحركاتها من خلال استهداف شركة بي أيه إي سيستمز والإدارة الحكومية في اليوم نفسه". واحتج أعضاء الحركة خارج المصانع في غلاسكو وجنوب ويلز وفي لانكشاير.
كما نظم مئات اليونانيين من القوى العاملة مسيرة في وسط أثينا اليوم الأربعاء، للمطالبة بزيادة الأجور حتى تقترب رواتبهم من المتوسط على مستوى أوروبا وللاحتجاج على الحرب الدائرة في غزة.
وظلت السفن راسية في الموانئ اليونانية وتعطلت خدمات النقل بالحافلات ومترو الأنفاق في العاصمة أثينا مع مشاركة العاملين في قطاع النقل في إضراب لمدة 24 ساعة دعت إليه أكبر النقابات العمالية في القطاعين العام والخاص في اليونان بمناسبة عيد العمال.
وحمل الكثيرون من المتظاهرين الذين احتشدوا في تجمع سلمي أمام مباني البرلمان الأعلام الفلسطينية وأطلقوا بالونات في السماء تضامنا مع الفلسطينيين في غزة. وقالت ماريانا تساجاري (48 عاما) التي انضمت للمظاهرة لوكالة "رويترز": "كان من واجبنا ألا ننسى هذه الإبادة الجماعية".
وفي أثينا، طالب المحتجون بزيادات في الرواتب تعوض سلسلة من تخفيضات الأجور التي فرضتها حكومات سابقة في إطار إجراءات تقشف للحصول على حزم إنقاذ مالي دولية حالت دون انهيار اليونان خلال أزمة الديون بين عامي 2008 و2018.
مزارعو أوروبا
خلال الربع الأول من العام 2024، شهدت عدة دول أوروبية من إيطاليا إلى فرنسا ثم ألمانيا وصولا إلى بولندا وهولندا وبلجيكا، احتجاجات للمزارعين، للمطالبة بـ"حقوق مالية ومعيشية، ووقف سياسة الإغراق بالمنتجات الأوكرانية الرخيصة".
المظاهرات، شارك فيها مئات آلاف المزارعين، واتخذت أشكالا عدة، أبرزها إعاقة الحياة الطبيعية في مراكز المدن، مثل باريس وبرلين، وبروكسل، كتأخير حركة المرور وعرقلة التواصل بين المدن الرئيسة. وتتشابه مطالب المزارعين في غالبية هذه البلدان، أبرزها، دعوة الحكومة لمساعدتهم بتحسين أوضاعهم المعيشية، وتنفيذ إعفاءات ضريبية على المحاصيل المحلية، وفرض ضرائب على المحاصيل المستوردة.
وكانت السلع الزراعية القادمة من أوكرانيا، من أبرز أسباب نزول المزارعين إلى الشوارع، إذ أدت الواردات رخيصة الثمن إلى إغراق أسواق التكتل الأوروبي على حساب المنتج المحلي.
وفي فرنسا، احتج عشرات آلاف المزارعين في العاصمة باريس وأمام المباني الحكومية في أكثر من مرة، بسبب إغراق السوق المحلية بالمنتجات الزراعية المستوردة، والتوجه إلى خفض الدعم الموجه للمزارعين. وخلال الاحتجاجات التي بلغت ذروتها في فبراير/شباط، أغلقت الجرارات الزراعية شوارع رئيسة في باريس، وألقى مزارعون فضلات الحيوانات وأسمدة كيميائية أمام مقار حكومية.
وفي بلجيكا، أغلق مزارعون الطرق بالجرارات وأحرقوا إطارات فارغة، لتحقيق ذات المطالب المرتبطة بتسهيلات وحوافز ومنع الإغراق، وهو ما تحقق جزئيا اعتبارا من مارس/آذار. بينما قام مزارعون من ألمانيا وإيطاليا واليونان بإلقاء البيض على مقرات البرلمان الأوروبي، وإشعال النيران، حتى أنها أطاحت بتمثال جون كوكيريل، رجل الصناعة البريطاني في القرن التاسع عشر.
مسيرات في آسيا
وفي آسيا، احتفل عمال ونشطاء وآخرون بعيد العمال في عواصم ومدن القارة مثل مانيلا وتايبيه ولاهور وداكا وغيرها بمسيرات طالبوا خلالها بظروف عمل أفضل ومزيد من الحقوق.
ففي سيول، عاصمة كوريا الجنوبية، هتف آلاف المتظاهرين ولوحوا بالأعلام ورددوا شعارات مؤيدة للعمال في مسيرة الأربعاء. وقال المنظمون إن تجمعهم يهدف في المقام الأول إلى تصعيد انتقاداتهم لما قالوا إنها سياسات مناهضة للعمال تتبعها الحكومة المحافظة بقيادة الرئيس يون سوك يول.
وقال يانغ كيونغ سو، زعيم اتحاد نقابات العمال الكوري الذي نظم المسيرة: "في العامين الماضيين في ظل حكومة يون سوك يول، غرق عمالنا في اليأس. لا يمكن التغاضي عن حكومة يون سوك يول، سوف نسقطها من السلطة بأنفسنا".
وقال مسؤولو اتحاد النقابات العمالية الكوري الجنوبي وفقا لوكالة أسوشيتد برس إنهم يخططون لتنظيم مسيرات مماثلة في عيد العمال في أكثر من عشرة مواقع في جميع أنحاء البلاد.
ودان أعضاء اتحاد النقابات العمالية الكوري حق النقض الذي استخدمه يون في ديسمبر/كانون الأول ضد مشروع قانون يهدف إلى الحد من حقوق الشركات في المطالبة بتعويض عن الأضرار الناجمة عن إضرابات النقابات العمالية. كما يتهمون حكومة يون بالتعامل مع إضراب سائقي الشاحنات عام 2022 بطريقة عدوانية للغاية، وإهانة عمال قطاع البناء الذين تعتقد السلطات أنهم متورطون في أنشطة غير قانونية مزعومة.
ومنذ توليه منصبه في عام 2022، دفع يون من أجل إصلاحات لدعم النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل. وتعهدت حكومته بالتعامل بصرامة مع الإضرابات غير القانونية، والمطالبة بسجلات محاسبية أكثر شفافية من النقابات العمالية.
وقال يون في رسالة عيد العمال عبر فيسبوك: "النمو الملحوظ الذي حققته جمهورية كوريا كان بفضل عرق وجهود عمالنا. أشكر عمالنا البالغ عددهم 28.4 مليون عامل. أنا وحكومتي سوف نحمي القيمة الثمينة للعمل". وقالت الشرطة إنها ستحشد آلافا من عناصرها للحفاظ على النظام، وإنها ستتعامل بصرامة مع أي أنشطة غير قانونية مثل احتلال الشوارع.
وفي العاصمة الفيليبينية مانيلا، نظم مئات العمال والنشطاء اليساريين مسيرة رغم حرارة الصيف الحارقة للمطالبة بزيادة الأجور والأمن الوظيفي وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية والنفط. ومنعت شرطة مكافحة الشغب العمال المحتجين من الاقتراب من القصر الرئاسي. واحتشد المتظاهرون في الشارع، وهم يلوحون بالأعلام الحمراء ويحملون لافتات كتب عليها "نعمل لنعيش لا لنموت" و"أخفض الأسعار، زد الرواتب"، وألقوا خطابات حول الصعوبات التي يواجهها العمال الفيليبينيون.
وانضم سائقون إلى الاحتجاج ودعوا إلى إنهاء برنامج التحديث الحكومي الذي يخشون أنه سيؤدي في نهاية المطاف إلى وقف تشغيل سياراتهم الجيب المتهالكة، وهي الوسيلة الرئيسية للنقل في شوارع مانيلا.
وفي إندونيسيا، عبر العمال عن غضبهم من قانون جديد قالوا إنه ينتهك حقوقهم ويضر بمصالحهم، وطالبوا بحماية العمال المهاجرين لخارج البلاد، وبزيادة الحد الأدنى للأجور.
وقال سعيد إقبال، رئيس اتحاد النقابات العمالية الإندونيسية، إنه من المتوقع مشاركة نحو 5 آلاف عامل من مدن بوغور وديبوك وتانغيرانغ وبيكاسي التابعة لجاكرتا في مسيرات عيد العمال في العاصمة.
واحتشد المتظاهرون وسط وجود مكثف للشرطة بالقرب من حديقة النصب التذكاري الوطنية، ملوحين بأعلام ملونة للحركات العمالية، ورددوا شعارات مناهضة لقانون خلق فرص العمل، والقواعد الفضفاضة للاستعانة بمصادر خارجية، وذلك خلال مسيرة متجهة إلى الملعب الرياضي الرئيسي في جاكرتا، غيلورا بونغ كارنو.
وقال إسباندي أنغونو أحد المتظاهرين: "بسن هذا القانون، أصبح مستقبلنا غامضا، لأنه أثار العديد من المشكلات في الأجور وتعويضات نهاية الخدمة، ونظام التعاقد".
والعام الماضي، صدق البرلمان الإندونيسي على لائحة حكومية تحل محل قانون مثير للجدل بشأن توفير فرص العمل، لكن منتقدين قالوا إن بنودها لا تزال في صالح الشركات. ويهدف القانون إلى الحد من البيروقراطية، في اطار جهود الرئيس جوكو ويدودو لجذب المزيد من الاستثمارات لأكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا.
(الأناضول، أسوشييتد برس، رويترز، العربي الجديد)