عقوبات أميركية صينية متبادلة قبل أيام من تولي ترامب منصبه

08 يناير 2025
شملت العقوبات الأميركية شركة تينسينت لألعاب الفيديو، شنغهاي في 4 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصدرت وزارة الدفاع الأميركية عقوبات جديدة ضد 134 شركة صينية، بما في ذلك "تينسنت" و"كاتل"، للحد من التعاون مع جيش التحرير الشعبي الصيني، مما أثار انتقادات من الصحافة الصينية.
- ردت الصين بفرض حظر تصدير على 28 شركة أميركية، مثل "رايثيون" و"بوينغ"، مؤكدة معارضتها للعقوبات الأميركية واتخاذ تدابير لحماية حقوق الشركات الصينية.
- يرى الخبراء أن العقوبات المتبادلة تعكس استراتيجية خاسرة للطرفين بسبب الاعتماد المتبادل، وتأتي ضمن التنافس المستمر بين البلدين في ظل العلاقات المشحونة.

أصدرت وزارة الدفاع الأميركية، مطلع الأسبوع الجاري، قائمة عقوبات جديدة لما يُسمى "الشركات العسكرية الصينية" وهي قائمة بالشركات التي تزعم أنها تعمل وتتعاون مع جيش التحرير الشعبي الصيني. ومع هذا التحديث، أصبحت القائمة السوداء التي وضعها البنتاغون تضم 134 شركة، وهو ما يغطي تقريباً جميع شركات التكنولوجيا الرائدة في الصين. 

وضمت القائمة الأميركية فرض عقوبات على شركة "تينسنت" وهي شركة تكنولوجية صينية لصناعة ألعاب الفيديو يقع مقرها الرئيسي في مدينة شينزن، وتعد واحدة من أعلى شركات الوسائط المتعددة ربحاً في العالم نسبة إلى حجم الإيرادات. وكذلك شركة كاتل، أكبر شركة صينية لتصنيع بطاريات الليثيوم أيون، وشركة الطائرات التجارية الصينية، وشركة كوسكو الصينية للشحن، وشركة سي إكس إم تي، وهي شركة صينية لتصنيع الأجهزة المتكاملة لأشباه الموصلات.

في تعليقها على هذه العقوبات، قالت صحيفة غلوبال تايمز الحكومية في افتتاحيتها اليوم الاربعاء، إن "القائمة السوداء" التي وضعها البنتاغون لا تقل عن كونها سخيفة. وأضافت، لقد أصبحت قائمة الشركات العسكرية مهزلة سياسية على نحو متزايد، حيث تتم إضافة الشركات الصينية أو إزالتها بناءً على مجرد نزوات الساسة الأميركيين، إذ تكون مصطلحات مثل "ربما" و"مهتمة" هي الكلمات الأكثر استخداماً في تبرير الإجراءات الأميركية. ولفتت إلى أن العديد من هذه الشركات لجأت إلى اتخاذ إجراءات قانونية لحماية حقوقها المشروعة. 

وأشارت الصحيفة الصينية إلى أن قيام البنتاغون بإنشاء هذه القائمة تحت ذريعة "التدخل العسكري" يجسد عقلية الهيمنة التي تهدف إلى منع الإنجازات التكنولوجية من دعم تطوير الدفاع الوطني الصيني. لافتة إلى أن هذا يُظهِر معايير مزدوجة صارخة. 

وقالت إنه من الصعب أن نتخيل كيف يمكن لتحديث دفاع أي دولة أن يتطور من دون الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة. وأضافت، يمكن لأي شخص يتمتع بعين ثاقبة أن يدرك بسهولة أن هذا محاولة سيئة من جانب الولايات المتحدة لقمع شركات التكنولوجيا الصينية الرائدة تحت ذرائع خرقاء تُسمى "الأمن القومي".

هذا وكانت وزارة الخارجية الصينية قد أعربت، أمس الثلاثاء، عن معارضتها الشديدة لفرض عقوبات أميركية، وحثت الولايات المتحدة على تصحيح أخطائها على الفور والرفع الفوري للعقوبات الأحادية غير القانونية. وقال المتحدث باسم الوزارة، قوه جيا كون، في إفادة صحافية يومية، إن حق الشعب الصيني في التنمية غير قابل للتصرف ولا يمكن تجاهله. وأضاف بأن الصين سوف تتخذ التدابير اللازمة لحماية الحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية بحزم، وحماية حقوقها المشروعة في التنمية.

في المقابل، كانت بكين أيضاً قد أعلنت الأسبوع الماضي، عقوبات بحظر التصدير على 28 شركة أميركية، بما في ذلك الشركات المصنعة لأنظمة الدفاع مثل: رايثيون، وبوينغ، ولوكهيد مارتن، وإدراجها في قائمة مراقبة التصدير "لحماية الأمن القومي والمصالح".

ضبابية المعايير

في تعليقه على إدراج شركات صينية رائدة في القائمة السوداء الأميركية، قال ليو وانغ، الباحث في العلاقات الصينية الأميركية، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن تأمل أسماء الشركات الصينية المدرجة على القائمة السوداء وطبيعة عملها، يؤكد أن هذه الخطوة ليست سوى إجراء تعسفي يهدف إلى احتواء تنمية الصين، فضلاً عن أنها تفتقر للدراسة والبحث والتمحيص.

وأضاف ليو وانغ أنه على سبيل المثال: تم إدراج شركة ايه أم إي سي (شركة صينية مختصة في صناعة أشباه الموصلات) على القائمة السوداء، لمجرد أنها حصلت على جائزة تحفيزية من وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية. ولكن بعد أن رفعت الشركة دعوى قضائية أوضحت فيها موقفها القانوني، تم رفع العقوبات عنها في وقت سابق من الشهر الماضي.

ولفت إلى أن هذه الخطوة ترسل أيضاً إشارة إيجابية للشركات الصينية الأخرى التي تواجه حملات القمع الأميركية، بأنها تستطيع اتخاذ الوسائل القانونية للدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة ضد الإدعاءات الأميركية التي لا أساس لها. وأضاف، هناك أيضاً ادعاءات أميركية أخرى تتعلق بعدم القدرة على التمييز بين الطائرات بدون طيار الاستهلاكية والتجارية التي تعمل بالبطاريات، والطائرات بدون طيار العسكرية.

وهذا يشير، حسب قوله، إلى الحسابات والتقديرات الأميركية الهشّة التي تقوم على أساس افتراض أن أي نشاط أو تقدم صيني يشكل تهديداً للأمن القومي الأميركي. لافتاً إلى أن ذلك يطرح أيضاً تساؤلات بشأن المعايير التي تعتمدها وزارة الدفاع الأميركية في فرض العقوبات على الكيانات والمؤسسات الصينية.

استراتيجية خاسرة

من جهته، توقّع الخبير في العلاقات الدولية المقيم في هونغ كونغ، جو يانغ، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تستمر مثل هذه العقوبات المتبادلة بين الطرفين، بغض النظر عن مدى وجاهتها ومشروعيتها. وقال إن لكل طرف أسبابه الخاصة في اعتبار أي نشاط للطرف الآخر بمثابة تهديد لأمنه ومصالحه ضمن رؤية تنافسية بحتة، وأحياناً تكون بعض العقوبات مجرد رد فعل على أساس التعامل بالمثل، ولا تعكس بالضرورة رغبة حقيقية في التصعيد، إذ لا يعقل أن تفرض واشنطن عقوبات على شركات صينية وتبقى بكين مكتوفة الأيدي، وكذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة.

ولفت جو يانغ إلى أنه في ظل الاعتماد المتبادل بين الولايات المتحدة والصين والتداخل الكبير والمتكامل بينهما في المجالات التجارية والاقتصادية وحتى التكنولوجية، تمثل العقوبات استراتيجية خاسرة، لأنها في واقع الحال تعود بالضرر على الطرفين. لكنه أشار إلى أن مثل هذه الإجراءات لا يمكن وقفها أو منعها بقرار سياسي، لأنها تخضع لمناكفات تعتبر الأساس الذي تقوم عليه العلاقات المشحونة بين الطرفين منذ عقود.

هذا ولطالما أثارت بكين مخاوف بشأن القيود الاقتصادية والتجارية الأميركية على المصالح والشركات الصينية، وأوضحت على وجه الخصوص موقفها بشأن التحقيقات الأميركية الأخيرة. وأكدت مراراً أن عزم الحكومة الصينية الراسخ على حماية الحقوق والمصالح المشروعة لمؤسساتها لن يتزعزع أو يتأثر بمثل هذه الإجراءات.

المساهمون