استمع إلى الملخص
- **فوائد اقتصادية متوقعة**: تشغيل المصافي سيساهم في تكرير البترول محلياً، تغطية احتياجات السوق، وتوفير 3.5 مليارات دولار سنوياً تُنفق على الاستيراد، بالإضافة إلى تحسين توليد الكهرباء وتقليل الانقطاعات.
- **إجراءات حكومية وتحديات مستقبلية**: الحكومة حققت وفر مالي بفضل الحوكمة والمناقصات، لكنها تواجه تحديات من مستوردي المشتقات النفطية والمحافظات المنتجة للنفط. ضرورة استغلال التهدئة لتسوية القضايا الاقتصادية وتعزيز الخصخصة المحلية.
تبرز مجموعة من التحديات والعقبات أمام الحكومة اليمنية التي قررت إعادة تشغيل مصافي عدن الاستراتيجية المتوقفة عن العمل منذ العام 2015، حيث تُثار حولها شبهات فساد ويجهل الكثيرون وضعيتها التي يكتنفها الغموض.
يأتي ذلك وسط أزمات خانقة في الوقود والطاقة الكهربائية مع وصول الأمر إلى توقف كلي لتصدير النفط الخام في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2022، فضلاً عن محاذير قد تعرقل إعادة تشغيل المصافي التي تغرق بالفساد، بالنظر إلى ما قد تمثله هذه الخطوة من مساس بمصالح تجار المشتقات النفطية.
وقررت الحكومة المعترف بها دولياً تفعيل مصافي عدن واستعادة نشاطها وفقاً لنظام المنطقة الحرة استناداً للقرار الوزاري رقم (65) لعام 1993، بشأن المواقع وحدودها الجغرافية التي سيبدأ فيها تطبيق نظام المنطقة الحرة في مدينة عدن وتعديلاته، والاستفادة من الامتيازات والمزايا والضمانات المنصوص عليها بحسب قانون المناطق الحرة.
الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي، أكد في هذا الخصوص لـ"العربي الجديد"، أن تشغيل مصافي عدن خطوة مهمة تأخرت كثيراً، لأن مثل هذه الخطوة تخدم الاقتصاد بشكل كبير من خلال تكرير البترول المنتج محلياً وتصفيته وتغطية احتياجات السوق المحلي.
كما ستؤدي إلى توفير العملة الصعبة، حيث يستورد اليمن المشتقات النفطية بنحو 3.5 مليارات دولار سنوياً، إذ يأتي ذلك، حسب العوبلي، في وقت تعاني البلاد من عدم وجود مازوت لتشغيل محطات الكهرباء وليس هناك غاز أو إسفلت للطرقات.
إعادة تشغيل مصافي عدن
ورافق إعلان الحكومة إعادة تشغيل المصافي كشْفُ وزارة الكهرباء والطاقة في عدن عن تحقيق وفر مالي في تكاليف شراء ونقل محطات توليد الكهرباء بنحو 19 مليون دولار شهرياً وبمعدل 55 ألف طن لمادة الديزل، وذلك إثر ما قالت إنه ناتج عن تشكيل لجنة مناقصات شراء وقود محطات توليد الكهرباء، وتنفيذ إجراءات الحوكمة التي شملت إجراء مناقصات تنافسية، إضافة إلى تقليل النفقات وزيادة الفعالية الاقتصادية لمحطات توليد الكهرباء، وتحسين كفاءة عمليات توليد الكهرباء، وتقليل فترات الانقطاع، وتعزيز الخدمة المقدمة للمواطنين.
وفي وقت حذر مختصون من الطريقة التي قد يُنفذ بها هذا القرار، والذي يمكن أن يؤدي إلى تأجير منشآت وخزانات المصافي للقطاع الخاص بما يشبه خصخصتها، لا يرى العوبلي ما يمنع هذا الاتجاه، فالأهم في البداية هو تشغيل المصافي التي تغرق بالفساد، في حين إذا كانت هناك خصخصة فيجب أن تكون محلية يمنية لخدمة العملة (الريال)، بعكس الخصخصة لكيان أجنبي قد يكون مجرد التفاف لتضييق الفساد.
ووجهت الحكومة اليمنية الوزارات المعنية بالعمل على ترجمة القرار، وتوجيه الجهات ذات العلاقة، كل بحسب اختصاصه بالعمل بموجب الإجراءات المتبعة لتنفيذ القرار، ووفقاً لما كان معمولاً به قبل توقف نشاط المصافي في عام 2015.
وحسب العوبلي، فإن العقبات التي قد تواجه تنفيذ هذا القرار الحكومي هي نفسها التي منعت إعادة تشغيل المصافي طوال السنوات الماضية، المتمثلة بمصالح مستوردي المشتقات النفطية، بالنظر إلى المليارات التي تدرها تجارة المشتقات النفطية.
ولا تزال المحافظات المنتجة للنفط كحضرموت ممتنعة عن التعامل مع القرارات والتوجيهات الحكومية بإرسال النفط إلى عدن ومقايضتها بالمازوت، إذ يبرز ذلك من أهم العقبات والتحديات التي تواجه الحكومة.
المحلل الاقتصادي صادق علي، يرى في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الضرورة تقتضي التقاط هذه الفرصة السانحة في إعادة تشغيل أهم وأكبر المصافي في اليمن، واستغلال التهدئة الراهنة بالعمل على تسوية كثير من القضايا والملفات الاقتصادية المعلقة والمعقدة، والتي لها تأثير مباشر على المواطنين الذين يواجهون تبعات أزمات الوقود والطاقة الكهربائية بارتفاع الأسعار وتقلص الخدمات العامة.
لكن ذلك يتطلب أيضاً تسوية شاملة تتضمن المحافظات المنتجة، حسب حديث الباحث الاقتصادي إبراهيم عبيد لـ"العربي الجديد"، لأن محافظة حضرموت وكذا شبوة تم استهداف موانئهما من قبل الحوثيين ما أدى إلى تعطيلها وتوقف تصدير النفط.