عصر ذهبي لصناديق الخليج السيادية... جدران مالية سميكة

24 سبتمبر 2023
الوفورات المالية لدول الخليج تعزز نمو أصول الصناديق السيادية (ياسر الزيات، فرانس برس)
+ الخط -

ارتفعت قيمة أصول الصناديق السيادية في دول الخليج العربي إلى 4 تريليونات دولار، حيث أضيف خمسها (20%) في العامين الماضيين فقط، لتصل القيمة الإجمالية لتلك الأصول ما يعادل 37% من إجمالي أصول صناديق الثروة السيادية العالمية.

وهذه الأصول مؤهلة للزيادة في ظل فائض محتمل لميزانية دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 9% بنهاية العام الجاري و6% في 2024 كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، حسبما أورد تقرير حديث لوكالة "إس آند بي غلوبال" للتصنيفات الائتمانية، ما يعني مزيداً من التدفقات المالية المرشحة إلى تلك الصناديق. واعتبر التقرير أن الصناديق الخليجية تعيش "عصرها الذهبي، لوجود 5 منها على قائمة أكبر الصناديق السيادية حول العالم".

والصناديق الخمسة هي: صندوق الاستثمارات العامة في السعودية، وجهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA)، والهيئة العامة للاستثمار الكويتية، وجهاز قطر للاستثمار (QIA)، ومؤسسة دبي للاستثمار (ICD)، وتمتلك مجتمعة أصولاً مدارة بقيمة 3.3 تريليونات دولار، بحسب التقرير.

وتتجه هذه الصناديق للتوسع في تمويل بعض من أكبر الاستثمارات وصفقات الاستحواذ وحزم الإنقاذ، إذ تهدف دول الخليج إلى استخدام الوفورات المالية التي راكمتها الإيرادات النفطية بغرض استثمارها، عبر صناديقها السيادية، بعيداً عن تقلبات أسعار النفط ولمواجهة الأزمات الاقتصادية.

واستثمرت الصناديق السيادية الخليجية في أسواق مالية متنوعة وآمنة، بما في ذلك الأسهم والسندات والعقارات والذهب والعملات، ورجح خبراء وكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال"، اقتناصها المزيد من الصفقات خلال هذا العام، استجابة لخطط التوسع في الاستثمارات ذات القيمة المضافة.

وعلى رأس تلك الاستثمارات مشروعات الطاقة الخضراء، كمحطات الطاقة الشمسية، والرياح، وإنتاج الهيدروجين، والأمونيا، وغيرها من المشروعات التي تصب في اتجاه تحقيق أهداف مكافحة التغير المناخي، وتصفير الانبعاثات الكربونية، بحسب التقرير.

ومن شأن تنويع محافظ الاستثمار للصناديق السيادية تحقيق عائدات مرتفعة ومستقرة، وتخفيف المخاطر المرتبطة بالتقلبات في سوق النفط. وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي، نهاد إسماعيل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن ارتفاع قيمة الأصول السيادية سيستمر مع رفع الاستثمارات على نطاق عالمي.

ويلفت إسماعيل إلى أن آسيا تمثل سوقاً خصبة للاستثمار الخليجي، خاصة الهند والصين، وهو ما يتوازى مع رغبة دول الخليج العربي في الاستمرار بخطط التوسع في قطاعات استثمارية مختلفة لتقليل المخاطر.

ويضيف أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي ارتفعت أصوله بنسبة 13% عام 2022، وهو ما تكرر بصناديق الدول الخليجية الأخرى. ويعزو الخبير الاقتصادي هذا الارتفاع إلى زيادة مداخيل النفط، إذ انتعشت الأسعار بأكثر من 20% منذ يونيو/ حزيران الماضي، واخترق السعر حاجز الـ 90 دولاراً للبرميل في الأسبوع الأول من سبتمبر/ أيلول الجاري، إضافة إلى زيادة الأرباح من الأسواق المالية العالمية أيضاً.

ولذا يتوقع إسماعيل أن تساهم سياسة "اقتحام الأسواق العالمية والآسيوية" في رفع قيمة أصول الصناديق السيادية الخليجية لتفوق الـ 4 تريليونات دولار.

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن دول الخليج أصبحت تفكر بشكل أكثر ذكاء واحترافية بتنويع استثماراتها في الأصول السيادية، وبترسيخ استراتيجيات تنويع مصادر الدخل، والابتعاد نوعاً ما عن الدخل القائم على بيع النفط أو الغاز، وهو الدافع الأول لتعظيم عوائد الاستثمار بالصناديق السيادية.

وعزز من هذه الاستراتيجيات تحقيق دول الخليج فوائض مالية معتبرة في العامين الماضيين، وارتفاع أسعار الطاقة بعد أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، واشتعال بعض الصراعات الجيوسياسية في العالم، بحسب الشوبكي.

وفي هذا الإطار، وجهت دول الخليج استثماراتها بنسبة أكبر إلى صناديقها السيادية، بحسب الشوبكي، الذي يتوقع أن يستمر الارتفاع في أصول الصناديق السيادية الخليجية خلال العامين القادمين، لتتخطى 5 تريليونات دولار.

ويستند توقع الخبير الاقتصادي إلى مؤشرات استمرار دورة ارتفاع أسعار الطاقة حول العالم، خاصة أسعار النفط والغاز، ما يدعم الفوائض المالية لموازنات دول الخليج العربي، وبالتالي ستستثمر هذه الدول فوائضها في الصناديق السيادية على الأرجح.

ومن شأن ذلك تأكيد استمرار دول الخليج في استراتيجيتها لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن اقتصاد الطاقة، ما يراه الشوبكي خادماً لمصالحها على المدى المتوسط والبعيد، ويجعل اقتصاداتها أكثر استقراراً في تقليص اعتمادها على أسعار النفط والغاز.

المساهمون