عرض روسي على الرؤساء الأفارقة: الولاء مقابل الوقود والغذاء

27 يوليو 2023
بوتين مستقبلاً رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في سانت بطرسبرغ (Getty)
+ الخط -

يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كسب القادة الأفارقة إلى جانبه في الحرب الجارية على أوكرانيا، بينما بدأت اليوم الخميس القمة الروسية الأفريقية. وبدأت القمة دون حضور رئيس النيجير الذي يقبع تحت حبس الحرس الرئاسي الذي كانت تدعمه مجموعة فاغنر.

وتعمل موسكو في قمة سانت بطرسبرغ التي بدأت الخميس على تعزيز مكانة موسكو في القارة السمراء التي أصبحت ذات أهمية متزايدة للعالم، خاصة في إمدادات المعادن الاستراتيجية التي ستحدد مستقبل بناء "النظام العالمي" الجديد.

وحسب خبراء، يستخدم بوتين في عملية كسب ود الرؤساء الأفارقة سلاح الغذاء والوقود، في وقت تواجه الدول الأفريقية الفقيرة أزمات النقص في احتياطات النقد الأجنبي ومخصصات شراء السلع الغذائية من الخارج.

والأمن الغذائي على رأس جدول أعمال القمة الأفريقية الروسية الثانية في سانت بطرسبرغ، خاصة بعد قرار روسيا الأسبوع الماضي بالانسحاب من صفقة الحبوب الدولية التي تركت الكثيرين في أفريقيا قلقين على أمنهم الغذائي.

من المتوقع أن يكون الأمن الغذائي على رأس جدول أعمال القمة الأفريقية الروسية الثانية في سانت بطرسبرغ

في هذا الصدد، نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن وزير الطاقة الروسي نيكولاي شولجينوف، قوله اليوم الخميس، إن روسيا بدأت شحن نفط خام إلى أفريقيا للمرة الأولى هذا العام، وإنها عززت مبيعات المنتجات النفطية إلى القارة بأكثر من ثلاثة أمثالها في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مايو/ أيار.

وذكر شولجينوف أن روسيا شحنت 200 ألف طن من الخام إلى أفريقيا حتى الآن، إلى جانب نحو ثمانية ملايين طن من المنتجات النفطية.

وأبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القادة الأفارقة يوم الخميس، أنه سيقدم لهم عشرات آلاف الأطنان من الحبوب في غضون شهور رغم العقوبات الغربية التي قال إنها جعلت من الصعب على موسكو تصدير الحبوب والأسمدة الروسية.

وفي أثناء القمة الأفريقية الروسية في سانت بطرسبرغ، قال بوتين إن روسيا تتوقع حصادا قياسيا للحبوب هذا العام وإنها على أهبة الاستعداد لتحل صادراتها محل صادرات الحبوب الأوكرانية إلى أفريقيا على الصعيدين التجاري والخاص بالمساعدات، وكذلك الوفاء بما وصفه بأنه دور موسكو المحوري في الأمن الغذائي العالمي.

وأضاف: "سنكون جاهزين لتزويد بوركينا فاسو وزيمبابوي ومالي والصومال وأفريقيا الوسطى وإريتريا بما بين 25 و50 ألف طن من الحبوب المجانية لكل دولة في الشهور الثلاثة أو الأربعة المقبلة"، ورد المشاركون في القمة بالتصفيق. وتابع بوتين قائلا: "سنوصل كذلك هذه المنتجات مجانا للمستهلكين".

وردا على الانتقادات الغربية لقرار روسيا الانسحاب من اتفاق حبوب البحر الأسود الأسبوع الماضي، الذي يسمح لأوكرانيا بتصدير حبوبها بأمان، أكد بوتين أن موسكو انسحبت من الاتفاق لأنه لم يتم الوفاء بأي من الوعود بشأن تسهيل صادراتها من الحبوب والأسمدة.

وقال بعض السياسيين الغربيين إن خروج روسيا من الاتفاق غير مسؤول وسيتسبب في معاناة الملايين في الدول الفقيرة.

في ظل العقوبات التي فرضتها معظم الدول الغربية ودفعتها للعزلة، أكدت روسيا خططها لمغازلة دول العالم الفقير

وأعلن الكرملين أمس الأربعاء أن 17 رئيس دولة أفريقية فقط سيحضرون اجتماعات القمة. وهذا العدد أقل بكثير من مؤتمر 2019 أو في قمم مماثلة عقدت بين روسيا والرؤساء الأفارقة.

وفي محاولة لممارسة نفوذ روسيا في أفريقيا، أعلن الكرملين أمس الأربعاء أن القوى الغربية تسعى لتقويض قمة سانت بطرسبرغ، في الوقت الذي سعت فيه للحصول على حلفاء دبلوماسيين في مواجهتها بشأن أوكرانيا.

ورداً على سؤال حول انخفاض عدد الحاضرين، قال السكرتير الصحافي لبوتين، دميتري بيسكوف: "هذا تدخل فاضح ووقح من قبل الولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى من خلال بعثاتها الدبلوماسية في الدول الأفريقية، ومحاولاتها للضغط على قيادة هذه الدول من أجل منع مشاركتها النشطة في المنتدى".

وفي ظل العقوبات التي فرضتها معظم الدول الغربية ودفعتها للعزلة، أكدت روسيا خططها لمغازلة دول العالم الفقير، مدعيةً أن مستقبل العالم يكمن في آسيا وأفريقيا، حيث سيوفر النمو المتوقع فرصًا اقتصادية غير عادية في هذه الدول.

تسعى روسيا، التي تعاني من الحظر الاقتصادي الأميركي، إلى فتح أسواق جديدة، من بينها أسواق أفريقيا

 

لكن وعود بوتين في العام 2019 بزيادة التجارة مع أفريقيا إلى 40 مليار دولار (31 مليار جنيه إسترليني) سنويًا لم تتحقق. كما أن انقلاب مجموعة فاغنر أضعف نفوذ موسكو في أفريقيا. ولا يزال النفوذ الاقتصادي الروسي في الدول الأفريقية يتضاءل أمام قوى أخرى مثل الصين وفرنسا وتعرقله عقوبات غربية جديدة.

في هذا الصدد، قالت الباحثة في مركز كارنيغي لشؤون روسيا أوراسيا في برلين، ألكسندرا بروكوبينكو، إنها لا تتوقع أن تتمكن القمة من تحقيق الأهداف الروسية الرامية لمحاصرة التواجد الغربي في أفريقيا.

وتسعى روسيا، التي تعاني من الحظر الاقتصادي الأميركي، إلى فتح أسواق جديدة، من بينها أسواق أفريقيا.

موقف
التحديثات الحية

وحسب مراقبين، "تقوم استراتيجية بوتين على التحالف مع الصين في انتزاع مناطق العالم الغنية بالطاقة والموارد الطبيعية من أميركا وحلفائها".

ووفق دراسة بريطانية، يركّز الرئيس الروسي على استراتيجية الطاقة والغذاء كمدخل رئيسي لتدعيم النفوذ الروسي في العديد من دول العالم.

وتزايد النشاط الروسي في أفريقيا خلال السنوات الأخيرة، مدعوماً بالتمدد الذي حققته الصين في القارة السمراء على حساب أوروبا وأميركا، ولكن انقلاب قائد فاغنر الفاشل سحب الغطاء العسكري عن العديد من الحكومات الأفريقية ومن بينها حكومة النيجر التي يخضع رئيسها للحبس القسري.

المساهمون