ينهض عباس قاسم في الرابعة فجر كل يوم، ليتجه إلى مقر عمله في سوق العربي، وسط العاصمة بغداد، حيث يصطحب عربته التي تُجر بواسطة الحمار، لغرض نقل البضائع من سوق الجملة إلى مخازن تجار التجزئة، وهي مهنة كانت قد اختفت من العراق قبل أكثر من ثلاثة عقود، وفق ما يقول المعنيون.
ويقول قاسم إن هذا العمل كان يدر دخلاً متوسطاً له ولعائلته، لكن الأوضاع ساءت أخيراً، بسبب تراجع حركة النقل بين السوق وتجار المحافظات الأخرى الشمالية والغربية، منذ انقطاع شبكة الطرق الرئيسية بين المحافظات بعد سيطرة داعش على مساحة لا بأس بها من البلاد، فضلاً عن الإتاوات التي يفرضها على التجار عدد من عناصر الشرطة الذين يقومون بحراسة المنطقة المتاخمة للبنك المركزي العراقي.
ويضيف قاسم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "مهنة النقل بالاعتماد على الحمير عادت بعد الغزو الأميركي، بعد أن كنا نسمع عنها موجودة في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي. اليوم تنتشر بكثرة في بغداد بسبب قلة كلفة النقل من خلالها، وسرعة الوصول، ولا سيما في الشوارع الضيقة".
ويجني العربجي قاسم من عمله في نقل البضائع بين 50 إلى 70 دولاراً يومياً، لكنه يقول إن دخله يبقى مرهوناً بالوضع الأمني وزخم السير والإقبال على السوق.
ويُطلق شعبياً على صاحب هذه المهنة مصطلح "العربنجي"، وفي حال وجود حمار لجر العربة يطلق عليه "أبو صابر" الذي لا يكلف قاسم والآخرين كما يقول سوى حزمة علف.
وتبدأ عملية نقل البضائع مع فجر كل يوم، حيث تصل البضائع من موانئ البصرة، جنوب العراق، إلى العاصمة بغداد. وتحدد قوات الأمن عدد العربات التي تدخل السوق، لتفادي حدوث اختناقات أو تفجيرات عبر منافذ الدخول والخروج.
ويقول قاسم: "نعاني من فرض الإتاوات علينا من قبل القوة التي تقوم بمهمة حماية السوق، وعلى كل عربنجي أن يدفع خمسة آلاف دينار (4 دولارات) حتى يُسمح له بالدخول".
ويتكئ عباس على عربته الصغيرة، متحدثاً بلهجة الخبير العارف، بفضل التحامه اليومي بأوضاع السوق، عن التجارة في بغداد، مؤكداً أن حركة النقل انخفضت بنحو لا يقل عن 50% عن مستواها قبل صيف العام الماضي، 2014، والذي استولى فيه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، على الموصل، ومن ثم على مساحات واسعة من العراق، ما مكّنه من قطع شبكة الطرق الرئيسية بين بغداد وكركوك ومحافظات إقليم كردستان، شمال العراق.
وحسب إحصائيات رسمية، يعمل نحو 460 مواطناً بمهنة نقل البضائع في الأسواق الرئيسية ببغداد، وهي سوق العلاوي وسوق جميلة والسوق العربي، وتختلف مؤهلات العاملين في هذه المهنة، فمنهم من أرغمته الظروف الاقتصادية على العمل بها، بعدما طال انتظاره بصفوف البطالة، ومنهم من نال اليأس منه بعدما فشل في الحصول على وظيفة تتناسب مع مؤهله الجامعي، وغير ذلك من النماذج.
ورغم كونه واحداً من أكثر الأسواق حراكاً في بغداد، تحول سوق الرشيد إلى موطن نفايات كبير، نتيجة إهمال أمانة بغداد في نظافته والاعتناء به، وفق قاسم.
ويقول قاسم: "الله وحده يعلم ما سر عدم الاهتمام بشارع الرشيد. نقوم نحن العربنجية وأصحاب البسطات بتنظيف الشارع يومياً من النفايات ونقلها خارج السوق لأنه مصدر رزقنا ولا نعول على الحكومة في رفع تلك النفايات، لكن الأمر يفوق قدراتنا".
ويقول مدير السوق العربي التجاري ببغداد، أحمد حسين، لـ"العربي الجديد": "إن أصحاب عربات الدفع التي تجرها الحمير، غيّروا مجرى التاريخ لهذه المهنة. فبعد أن كانت قصص الحمالين والشيالين التي تزخر بها صفحات التراث والتاريخ العربي تتحدث عن جَهَلة أو أغبياء أو حتى أشقياء قليلي الحظ، بات لدينا حمالون يجرون البضائع بالحمير وهم مثقفون. صعقتُ عندما وجدت شاباً تخرّج من كلية الهندسة ويعمل بهذه المهنة".
من جهته، يقول أحد أصحاب البسطات في شارع الرشيد الذي يتوسط بغداد، ويدعى عبد الله الربيعي، لـ"العربي الجديد": "إن آلاف العوائل تعيش على مهنة النقل عبر العربات، ليس في سوق العربي فقط وإنما في عموم الأسواق التجارية المهمة في بغداد. هذه العربات توفر فرص عمل لكثير من الشباب، فهي مهنة من لا مهنة له بمن فيهم خريجو الجامعات".
وعن حركة البيع والشراء في سوق العربي، أوضح الربيعي أنها تراجعت كثيراً وأن معظم أصحاب المخازن التي تبيع بنظام الجملة تركت السوق وهاجرت خارج العراق، بسبب حالة الركود وانقطاع معظم الطرق بين المحافظات الشمالية والغربية مع العاصمة بغداد وعدد من دول الجوار.
وذكر أن وجود البنك المركزي العراقي في شارع الرشيد أضفى نوعاً من الإجراءات الأمنية المشددة، وهي محنة أخرى تصعّب حركة النقل في الشارع.
اقرأ أيضا: داعش يكبد العراق خسائر بقيمة 70 مليار دولار
ويقول قاسم إن هذا العمل كان يدر دخلاً متوسطاً له ولعائلته، لكن الأوضاع ساءت أخيراً، بسبب تراجع حركة النقل بين السوق وتجار المحافظات الأخرى الشمالية والغربية، منذ انقطاع شبكة الطرق الرئيسية بين المحافظات بعد سيطرة داعش على مساحة لا بأس بها من البلاد، فضلاً عن الإتاوات التي يفرضها على التجار عدد من عناصر الشرطة الذين يقومون بحراسة المنطقة المتاخمة للبنك المركزي العراقي.
ويضيف قاسم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "مهنة النقل بالاعتماد على الحمير عادت بعد الغزو الأميركي، بعد أن كنا نسمع عنها موجودة في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي. اليوم تنتشر بكثرة في بغداد بسبب قلة كلفة النقل من خلالها، وسرعة الوصول، ولا سيما في الشوارع الضيقة".
ويجني العربجي قاسم من عمله في نقل البضائع بين 50 إلى 70 دولاراً يومياً، لكنه يقول إن دخله يبقى مرهوناً بالوضع الأمني وزخم السير والإقبال على السوق.
ويُطلق شعبياً على صاحب هذه المهنة مصطلح "العربنجي"، وفي حال وجود حمار لجر العربة يطلق عليه "أبو صابر" الذي لا يكلف قاسم والآخرين كما يقول سوى حزمة علف.
وتبدأ عملية نقل البضائع مع فجر كل يوم، حيث تصل البضائع من موانئ البصرة، جنوب العراق، إلى العاصمة بغداد. وتحدد قوات الأمن عدد العربات التي تدخل السوق، لتفادي حدوث اختناقات أو تفجيرات عبر منافذ الدخول والخروج.
ويقول قاسم: "نعاني من فرض الإتاوات علينا من قبل القوة التي تقوم بمهمة حماية السوق، وعلى كل عربنجي أن يدفع خمسة آلاف دينار (4 دولارات) حتى يُسمح له بالدخول".
ويتكئ عباس على عربته الصغيرة، متحدثاً بلهجة الخبير العارف، بفضل التحامه اليومي بأوضاع السوق، عن التجارة في بغداد، مؤكداً أن حركة النقل انخفضت بنحو لا يقل عن 50% عن مستواها قبل صيف العام الماضي، 2014، والذي استولى فيه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، على الموصل، ومن ثم على مساحات واسعة من العراق، ما مكّنه من قطع شبكة الطرق الرئيسية بين بغداد وكركوك ومحافظات إقليم كردستان، شمال العراق.
وحسب إحصائيات رسمية، يعمل نحو 460 مواطناً بمهنة نقل البضائع في الأسواق الرئيسية ببغداد، وهي سوق العلاوي وسوق جميلة والسوق العربي، وتختلف مؤهلات العاملين في هذه المهنة، فمنهم من أرغمته الظروف الاقتصادية على العمل بها، بعدما طال انتظاره بصفوف البطالة، ومنهم من نال اليأس منه بعدما فشل في الحصول على وظيفة تتناسب مع مؤهله الجامعي، وغير ذلك من النماذج.
ورغم كونه واحداً من أكثر الأسواق حراكاً في بغداد، تحول سوق الرشيد إلى موطن نفايات كبير، نتيجة إهمال أمانة بغداد في نظافته والاعتناء به، وفق قاسم.
ويقول قاسم: "الله وحده يعلم ما سر عدم الاهتمام بشارع الرشيد. نقوم نحن العربنجية وأصحاب البسطات بتنظيف الشارع يومياً من النفايات ونقلها خارج السوق لأنه مصدر رزقنا ولا نعول على الحكومة في رفع تلك النفايات، لكن الأمر يفوق قدراتنا".
ويقول مدير السوق العربي التجاري ببغداد، أحمد حسين، لـ"العربي الجديد": "إن أصحاب عربات الدفع التي تجرها الحمير، غيّروا مجرى التاريخ لهذه المهنة. فبعد أن كانت قصص الحمالين والشيالين التي تزخر بها صفحات التراث والتاريخ العربي تتحدث عن جَهَلة أو أغبياء أو حتى أشقياء قليلي الحظ، بات لدينا حمالون يجرون البضائع بالحمير وهم مثقفون. صعقتُ عندما وجدت شاباً تخرّج من كلية الهندسة ويعمل بهذه المهنة".
من جهته، يقول أحد أصحاب البسطات في شارع الرشيد الذي يتوسط بغداد، ويدعى عبد الله الربيعي، لـ"العربي الجديد": "إن آلاف العوائل تعيش على مهنة النقل عبر العربات، ليس في سوق العربي فقط وإنما في عموم الأسواق التجارية المهمة في بغداد. هذه العربات توفر فرص عمل لكثير من الشباب، فهي مهنة من لا مهنة له بمن فيهم خريجو الجامعات".
وعن حركة البيع والشراء في سوق العربي، أوضح الربيعي أنها تراجعت كثيراً وأن معظم أصحاب المخازن التي تبيع بنظام الجملة تركت السوق وهاجرت خارج العراق، بسبب حالة الركود وانقطاع معظم الطرق بين المحافظات الشمالية والغربية مع العاصمة بغداد وعدد من دول الجوار.
وذكر أن وجود البنك المركزي العراقي في شارع الرشيد أضفى نوعاً من الإجراءات الأمنية المشددة، وهي محنة أخرى تصعّب حركة النقل في الشارع.
اقرأ أيضا: داعش يكبد العراق خسائر بقيمة 70 مليار دولار