عذاب مواصلات غزة... 95% من المركبات متوقفة

30 يوليو 2024
طفلة تجمع متعلقات وسط حطام مركبات قصفها الاحتلال (علي جاد الله/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تحديات النقل والمواصلات في غزة**: يعاني الفلسطينيون من صعوبة التنقل بسبب النزوح وشح الوقود، مما دفعهم لاستخدام بدائل مثل الزيوت المستخدمة في الطهي. الحيوانات المستخدمة في النقل تعرضت للقتل أو النزوح.

- **ارتفاع أسعار المواصلات**: ارتفعت أسعار المواصلات والمحروقات بشكل كبير، مما جعل التنقل مقتصراً على الضرورة القصوى والاعتماد على الدواب والدراجات الهوائية كبدائل.

- **خسائر قطاع النقل والبنية التحتية**: الحرب تسببت في خسائر كبيرة لقطاع النقل والبنية التحتية، حيث بلغت الخسائر أكثر من ثلاثة مليارات دولار، ودُمرت 65% من شبكة الطرق.

 

منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يواجه الفلسطينيون معضلة كبيرة على صعيد توفير المواصلات والانتقال من منطقة لأخرى في ظل تكرار عمليات النزوح على مدار عشرة شهور متواصلة من الحرب.

وخلال الأسابيع الأولى للحرب أوقف الاحتلال إمدادات الوقود، ما انعكس بالسلب على حركة المواصلات وجعل الفلسطينيين يبحثون عن بدائل أخرى لاستمرار الحركة في ظل الانتقال المتكرر.

ومنذ بداية عمليات النزوح في 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بناء على طلب من جيش الاحتلال للسكان بالنزوح نحو المناطق الواقعة جنوب وادي غزة، أخذ واقع النقل والمواصلات بالتردي أكثر فأكثر، لا سيما مع وصول أعداد النازحين لأكثر من 1.2 مليون نسمة.

ومع تكرار عمليات النزوح وشح الوقود، لجأ السكان للاعتماد على الزيوت المستخدمة في الطهي لتشغيل السيارات التي تعمل بالأساس بمادة السولار في مشهد أعاد للأذهان فترات الحصار الإسرائيلي الأولى عام 2007.
 

صعوبة الحركة في غزة

باتت الحركة صعبة للغاية، لا سيما أن أعدادا كبيرة من الحيوانات التي كانت تستخدم في النقل سابقاً مثل الحمير وغيرها انتقلت هي الأخرى نحو مناطق وسط وجنوبي القطاع، عدا عن قتل الاحتلال العشرات منها في عمليات القصف التي طاولت مدينة غزة وشمالها.

موقف
التحديثات الحية

وكانت أسعار المواصلات تراوح في السابق ما بين شيكل وثلاث شيكلات إسرائيلية على الأكثر، إلا أنها ارتفعت في الحرب الإسرائيلية على غزة لتصبح خمسة شيكلات على الأقل، وترتفع في أحيان أخرى لتصل إلى 20 شيكلاً إسرائيلياً (الدولار = 3.66 شيكلات). وباتت الحيوانات حالياً الوسيلة الأساسية للنقل في مناطق غزة والشمال في ظل الشح الكبير في السيارات وعدم وجود الوقود اللازم لتشغيل السيارات وارتفاع أسعاره بشكل مبالغ فيه مقارنة مع ما كان عليه الحال قبل الحرب.
 

قفزة أسعار المواصلات

كانت أسعار المحروقات تراوح قبل الحرب على غزة ما بين خمس وسبع شيكلات إسرائيلية لكل لتر على صعيد البنزين والسولار، في حين وصلت الأسعار اليوم لتصبح 200 شيكل لكل لتر من البنزين و105 لكل لتر من السولار، أما زيت الطهي فيصل سعره إلى 55 شيكلاً لكل لتر.

في الأثناء، يقول الفلسطيني محمد عبد العال إن المواصلات باتت تعتبر مهمة صعبة وقاسية في عمليات التنقل اليومية من مكان لآخر في مدينة غزة بفعل ندرة السيارات التي تعمل، عدا عن الدمار الكبير في البنية التحتية.

ويضيف عبد العال، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن أسعار المواصلات قفزت بشكل كبير وهو أمر يجعل الحركة للضرورة القصوى فقط، لا سيما أن الحيوانات والدواب التي كان السكان يستخدمونها كبديل أصبحت قليلة، ويلفت إلى أن هذا البديل انعدم بشكل شبه كلي مع تكرار عمليات النزوح من مكان لآخر وتحول الكثير منها للعمل في مجال نقل المياه، وهو ما يجعل السكان يدفعون مبالغ كبيرة تصل إلى 20 شيكلاً لأقل حركة يومية، ويشدد على أن المواصلات في مدينة غزة وشمالها باتت قطعة من العذاب مع انعدام الأدوات والوسائل والارتفاع المبالغ فيه في أسعار المحروقات، ما ينعكس بالسلب على قدرة الفلسطينيين على الحركة.


خسائر قطاع النقل

وفقا لبيانات الجهات الحكومية في غزة، فإن خسائر قطاع النقل والمواصلات بما في ذلك بنية الطرق في قطاع غزة بلغت أكثر من ثلاثة مليارات دولار، بسبب الحرب التي شنها الاحتلال على القطاع، حيث دمر الاحتلال حوالي 945 كيلومترا من الطرق في قطاع غزة، وهو ما يعادل 65% من شبكة الطرق بكلفة فاقت ملياري دولار.

من جانبه، يقول الصحافي والباحث في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر إن الاحتلال منذ اليوم الأول للحرب تعمد ضرب البنية التحتية الخاصة بالطرق إلى جانب شبكات المياه والصرف الصحي في القطاع. ويضيف أبو قمر متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن شح الوقود وانعدامه في مناطق شمال القطاع دفع المواطنين للانتقال من المركبات إلى الدواب، وهو ما انعكس بالسلب على المواطنين أو حتى السائقين في ظل عمل الآلاف سابقاً بنظام المياومة.

 

95% من المركبات متوقفة

وفق الصحافي والباحث في الشأن الاقتصادي، فإن 95% من المركبات متوقفة بسبب تعرضها للتدمير الكلي أو الجزئي وعدم وجود الوقود، وتحولت الدواب والحيوانات إلى وسيلة نقل أساسية.

ويشير إلى أن أجرة المواصلات في مناطق الشمال تضاعفت خمس مرات مقارنة بفترة ما قبل الحرب، وبالتالي أصبحت المواصلات، حتى ولو لمسافات قريبة مكلفة، ودفعت نحو بدائل أخرى، مثل الدراجات الهوائية، ويلفت إلى أن الارتفاع الكبير في أسعار المواصلات بات يشمل حتى أجرة الانتقال عبر الدواب، حيث وصلت الأسعار حالياً لأكثر من خمس شيكلات في حين كانت في السابق لا تزيد عن شيكل واحد قبل فترة الحرب الإسرائيلية على غزة. ووفق أبو قمر، فإن غياب الأعلاف والأطعمة الخاصة بالدواب كان من بين العوامل التي دفعت نحو زيادة أسعار المواصلات المستخدمة في الشمال وانعكست بالسلب على المواطنين وتنقلهم يومياً من مكان لآخر.

وحول خسائر البنية التحتية والطرق في القطاع، أكد تقرير صدر عن البنك الدولي والأمم المتحدة في إبريل/ نيسان الماضي أن كلفة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية في غزة تُقدر بنحو 18.5 مليار دولار، أي ما يعادل 97% من إجمالي الناتج المحلي للضفة الغربية وقطاع غزة معاً عام 2022.

ويخلص التقرير إلى أن الأضرار التي لحقت بمرافق ومنشآت البنية التحتية تؤثر على جميع قطاعات الاقتصاد (ومنها النقل والطرق)، حيث تشكل المباني السكنية 72% من الكلفة، في حين تشكل البنية التحتية للخدمات العامة، مثل المياه والصحة والتعليم 19%، أما الأضرار التي لحقت بالمباني التجارية والصناعية فتشكل 9% من هذه الكلفة.

وقد خَلَّفَ الدمار كمية هائلة من الحطام والأنقاض تقدر بنحو 26 مليون طن قد تستغرق إزالتها والتخلص منها سنوات، حسب التقرير، الذي أكد أنه مع تدمير أو تعطيل 92% من الطرق الرئيسية، وتدهور البنية التحتية للاتصالات، أصبح إيصال المساعدات الإنسانية الأساسية للسكان صعباً للغاية.