وزير الاقتصاد بالحكومة السورية المعارضة: نعتمد التجارة الحرة بالشمال السوري.. ولا أزمة بالسلع المهمة
يؤكد وزير الاقتصاد بالحكومة السورية المعارضة، عبد الحكيم المصري، أن تركيا تقدم كل التسهيلات لدعم مناطق شمال غرب سورية، بمستلزمات الأسواق، كما تعفي صادرات سورية من الجمارك، موضحاً في مقابلة مع "العربي الجديد" أن التجارة الحرة هي الشكل المتبع بالمناطق المحررة.
وفيما يلي نص الحوار:
* لنبدأ من واقع السوريين بالشمال المحرر، بعد فصل النظام جميع العاملين، كيف يعيشون وما هي معدلات الفقر والبطالة؟
يعيش أهلنا بالمناطق المحررة معاناة بمعنى الكلمة، بعد سد معظم الأفق أمامهم وعدم الاستقرار، جراء التهديد المستمر من النظام، ما حال دون دخول الرساميل والاستثمارات، وجعل الأعمال والترميم وإعادة الإعمار، بحدودها الدنيا.
ويعمل معظم السكان بالمجال الزراعي أو بترميم بعض العقارات المهدمة، فضلاً على بعض الأعمال الصناعية البسيطة، ولا يمكننا التنكر، خلال الحديث، عن التحويلات الخارجية من ذوي السوريين أو المساعدات الدولية.
متوسط البطالة بلغ نحو 50% والفقر أكثر من ذلك بكثير، لأن متوسط دخل الأسرة، وفق دراسة قمنا بها مطلع العام الجاري، هو نحو 700 ليرة تركية، لكن إنفاق الأسرة السورية المكونة من خمسة أفراد، لا يقل عن 1500 ليرة تركية (الدولار = 7.5 ليرات تركية)، وأعتقد سيستمر الفقر والبطالة والمعاناة، حتى يتضح الحل السياسي فتطمئن الرساميل، لأن مناطقنا غنية بالفرص الاستثمارية ويوجد فرص إعمار لا حصر لها.
*هل من آلية لديكم لمراقبة الأسواق وضبط الأسعار بالشمال السوري المحرر، خاصة السلع اليومية والمشتقات النفطية التي زاد سعرها مرات عدة خلال شهرين؟
يوجد بكل مجلس محلي بالداخل، دائرة تموين متخصصة بمراقبة الأسعار بشكل عام، وتستقبل الشكايات بحالات الاحتكار وجشع التجار، ولكن لا بد لمن يراقب أن يؤمن السلع ويتاجر بها، كتدخل إيجابي حين يحدث خلل بالعرض أو الأسعار، ورغم أننا لا نقوم بهذه الأدوار بالمناطق المحررة بشكل فاعل أو كامل، إلا أننا نضبط الأسعار عبر دعم بعض السلع، كالخبز والبذار الزراعية.
وبالنسبة لأسعار بقية المواد، فبحكم المنافسة المفتوحة وحرية الاستيراد، ثمة ضبط آلي للأسعار بالأسواق، فنحن نعتمد التجارة الحرة وعادة الأسعار ترتبط بأسعار بلد المنشأ، بالغالب تركيا، مع هوامش بسيطة للربح.
وأما بالنسبة لأسعار المنتجات المحلية، زراعية كانت أم صناعية، فهناك التكلفة وهامش الربح، إضافة إلى العرض والطلب على حسب المواسم ووفرة الإنتاج.
* ما هو حجم المخزون الاستراتيجي، من طحين ومشتقات نفطية بالشمال السوري، لمواجهة لأي طارئ؟ وهل يمكن أن يعاني الشمال المحرر من تصاعد كبير في أزمات نقص خبز ومشتقات نفطية أو استغلال المستهلكين ورفع الأسعار، كما يجري بمناطق سيطرة النظام؟
يمكنني أن أطمئن أهلنا بشمال غرب سورية، والذين يزيدون عن ثلاثة ملايين، أن لدينا مخزونات من القمح والطحين، تكفي إلى ما بعد موسم الحصاد المقبل، لذا لا مخاوف من أي أزمة في نقص الخبز ولا من رفع الأسعار، لأننا نبيع ربطة الخبز "700 غرام" بليرة تركية واحدة، ولم يتم رفع سعرها رغم رفع الأسعار بالمخابز الخاصة.
وما يتعلق بالنفط، أيضاً ليس من أزمة، لأن حاجة المنطقة يتم استجرارها من تركيا، بعد توقف أو تراجع الاستجرار من شمال شرق سورية، وليس من استغلال بالأسعار، لأنها مرتبطة بسعر بلد المنشأ.
ودعني أكشف أن تركيا تعمل على استجرار الكهرباء للاستفادة منها من قبل القاطنين في شمال غربي سورية المحرر، وذلك عبر ربط إدلب بخطوط الكهرباء المتواجدة بمدينة الريحانية في ولاية هاتاي جنوبي تركيا.
ويجري العمل منذ فترة، على بناء البنية التحتية الكهربائية في المحافظة، وربما يدخل مشروع استجرار الكهرباء إلى إدلب، الخدمة في مايو/ أيار المقبل بعد انتهاء الاستعدادات وأعمال التركيب، وتبلغ كلفة المشروع نحو مليون دولار عن طريق شركة خاصة تركية بالتعاون مع شركة سورية للعمل على الخروج من ضغط وتحكم النظام.
* كيف تبدلت الأسعار وحركة السوق والأجور، بعد أشهر على تداول العملة التركية بالمناطق المحرر بشكل رسمي؟ وهل تنوون إحداث مؤسسة مالية أو نقدية لتبديل العملات وعدم ترك السوريين هناك أمام سطوة مكاتب التحويل والشركات الخاصة؟
بكل شفافية وواقعية، أصبحت الأسواق أكثر فاعلية والأسعار أكثر استقراراً، بعد التداول بالليرة التركية والدولار، ولم يعد من إغلاق محال بسبب خسائر فرق العملة كما بالسابق.
وهنا، لا بد من الاعتراف بأن الأسعار ارتفعت بنسب بين 20 و30% خلال الأشهر الأخيرة، نتيجة تراجع سعر صرف الليرة التركية، ومع ثبات الأجور، انعكس ذلك على الوضع المعيشي لأهلنا بالشمال.
وحول إحداث "مصرف أو شركة مالية" فالدراسة جاهزة منذ أشهر، ولكن القضية تحتاج إلى لوجستيات وتنسيق وأموال، وربما قريباً نعلن عن تلك المؤسسة، إلى جانب الشركات الموجودة، بالسوق النقدية.
* تم الحديث أخيراً عن فتح معابر بين المناطق المحررة ومناطق سيطرة الأسد، هل من تبادل تجاري وتعاون، سواء مع مناطق الأسد أو مناطق شمال شرق سورية "الإدارة الذاتية"؟
علينا التفريق على الدوام، بين النظام المجرم وأهلنا السوريين بمناطقه، ومعظمهم أسرى هناك ولا حول لهم ولا قوة، بل يعانون هذه الآونة، الفقر والبرد والقمع، لذا ربما من غير المنطق النظر للمعابر أو التبادل التجاري، على أنه تجاوز أو خيانة.
وهنا أشير إلى أن المعابر أغلقت لفترة فقط خلال وباء كورونا، ومن ثم عاودت الفتح وعاد التبادل والشراء، ولكن ليس بنسب وأرقام كبيرة، لأن النظام هو من يفرّق بين المناطق ويلاحق التجار ويصادر السلع التركية من الأسواق، بل ويفرض غرامات.
بالنسبة لنا كحكومة مؤقتة معارضة، لا نتدخل بخيارات السوريين تجاه بعضهم، بل على العكس، نشدد على أن الشعب واحد وسورية واحدة والطارئ هو النظام ومن معه من مليشيات ومن يدعمه من محتلين، كما توجد مجالس محلية وحكومة إنقاذ على الأرض، هم يقدرون الموضوع بحسب الحاجة والضرورة ومبدأ الوطنية.
وتوجد معابر مع مناطق شمال شرق سورية، وبالسابق كان النفط الخام يأتي من هناك ويتم تكريره بوسائل بسيطة بالمناطق المحررة، الآن توقف أو تراجعت كميته، ونؤكد أن فتح المعابر ليس بشكل رسمي، بقدر ما هو شعبي تحركه المصالح وشعور السوريين ببعضهم بصرف النظر عن المسيطر على الأرض.
* كأن معظم الاحتياجات يتم تأمينها من تركيا، فما هو حجم التبادل التجاري بين الشمال المحرر وأنقرة، وهل من ميزات تفضيلية أو إلغاء رسوم بينكما؟
ليس من السهل حساب حجم التبادل التجاري مع تركيا، لأسباب عدة منها أن جميع المعابر ليست تحت سيطرة الحكومة المؤقتة، ولكن حجم التبادل كبير جداً، فجميع ما تحتاجه الأسواق يدخل من تركيا أو عبرها.
وهنا أنوه أن معظم المنتجات هي من منشآت ومعامل سورية بجنوبي تركيا، كما أن الشمال المحرر يصدر الفائض من الإنتاج الزراعي، إلى تركيا أو عبرها، كما يتم تصدير الألبسة والأحذية وغيرها.
ويتم بالمقابل، استيراد مستلزمات السوق من دواء وغذاء وأثاث منزلي وحتى سلع كمالية وسيارات، ولكن برسوم قليلة أو رمزية، لئلا ينعكس ذلك على أسعار المستهلكين.
وتتعامل تركيا من منطلق التشجيع، إذ تعفي كثيرا من السلع من الرسوم الجمركية.
* نشطت التجارة الخارجية، استيرادا وتصديراً، بين الشمال السوري والدول الإقليمية وحتى الأوروبية، عبر تركيا، فما هو حجم التجارة التقديري وأهم السلع التي يصدرها الشمال ويستوردها؟
بالفعل، نتيجة زيادة الإنتاج الصناعي، من ألبسة وأحذية وصابون وصناعات منزلية وإكسسوارات معدنية، وفائض الإنتاج الزراعي أحياناً (زيت زيتون وذرة وبطاطا وقطن) يتم تصديرها عبر تركيا، إلى دول الجوار أو بعض الدول الأوروبية، ولكن ليس بالحجم الذي نطمح إليه نتيجة الصعوبات التي يعيشها أهلنا هناك وهجرة معظم الرساميل وإغلاق منشآت بعد سيطرة النظام وإيران، على أهم المناطق الزراعية والصناعية شمال غرب إدلب.
ولا يوجد أي منع للتجارة مع مختلف دول العالم، سوى للمواد الخطرة صحياً أو أمنياً أو مع إيران وروسيا وإسرائيل.