عام مالي عصيب لإسرائيل... كلف الحرب تقفز والعجز يتضاعف ثلاث مرات

15 يناير 2024
الحرب على غزة ترفع الإنفاق العسكري الإسرائيلي وتفاقم العجز المالي (فرانس برس)
+ الخط -

يتزايد ثقل الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الإسرائيلي بفعل استمرار عدوان الاحتلال على قطاع غزة، ما يجعل موازنة عام 2024 الأسوأ على حد وصف مسؤولين ومحللين ماليين، إذ يتضاعف العجز المالي بنحو ثلاث مرات عن التقديرات السابقة، وتتزايد كلف الحرب عما جرى تقديره قبل أيام قليلة لتصل إلى حوالي 58.2 مليار دولار، لتمرر حكومة بنيامين نتنياهو جزءاً كبيراً من الكلف إلى المواطنين الذين سيتحملون المزيد من الضرائب والتقشف في الإنفاق وزيادة الأسعار.

وتظهر موازنة 2024 المعدلة من جانب حكومة نتنياهو تصاعداً كبيراً في الإنفاق لتمويل الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والتي لا تلوح في الأفق نهاية قريبة لها.

وفي حين أدت زيادة الإنفاق الحربي إلى مفاقمة عجز الموازنة الإسرائيلية إلى 4.2% من إجمالي الناتج المحلي في 2023، تشير التقديرات الحكومية إلى أن العجز سيقفز إلى 6.6% خلال العام الجاري، وذلك مقارنة بنحو 2.25% كانت مقدرة قبل الحرب.

ووافقت إسرائيل في مايو/أيار من العام الماضي على ميزانية العامين 2023 و2024، لكن العدوان المستمر على قطاع غزة هزّ المالية العامة للحكومة، ودفع سلطات الاحتلال إلى إدخال تغييرات في الميزانية وسط الإنفاق المتسارع على العمليات العسكرية وجنود الاحتياط وتعويض الأنشطة الاقتصادية والأشخاص المتضررين من الحرب.

وبلغ العجز العام الماضي 77.5 مليار شيكل (20.77 مليار دولار)، في حين كان مقدراً أن يبلغ في تقديرات ما قبل الحرب 16.9 مليار شيكل، ما يعادل 0.9% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتظهر البيانات الحكومية حول كلف الحرب تضارباً كبيراً في الأرقام، إذ نقل موقع "غلوبس" الاقتصادي الإسرائيلي، أمس الأحد، عن مسودة لوزارة المالية حول موازنة 2024، أن كلفة الحرب لهذا العام تبلغ نحو 85 مليار شيكل (24 مليار دولار)، في حين أشارت بيانات، أوردتها صحيفة يديعوت أحرونوت أمس، إلى أن الحرب ستكلف إسرائيل 217 مليار شيكل (58.2 مليار دولار)، بينما ذكرت وكالة رويترز انها تقدر بنحو 150 مليار شيكل (40.2 مليار دولار)، بافتراض انتهاء القتال المكثف في الربع الأول من العام.

ووفق بيانات وزارة المالية التي أوردتها يديعوت أحرونوت أمس، فإن العجز المتوقع في 2024 يبلغ 111 مليار شيكل (29.75 مليار دولار) على الأقل، لتصفه الصحيفة بأنه "ضخم ومتعدد ونادر وخطير".

وكانت ميزانية 2024 تقدر بنحو 514 مليار شيكل لدى إقرارها في مايو/أيار الماضي، لكنها تقترب من 600 مليار شيكل وفق التعديلات التي تسببت فيها الحرب.

ووصف تقرير يديعوت أحرونوت موازنة 2024 المعدلة بأنها واحدة من أسوأ الموازنات على الإطلاق، وأنها "موازنة عجز، عرجاء، محملة بالضرائب الإضافية، وستعيد إسرائيل، بحسب الخبراء، في مجالات كثيرة إلى بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين".

وأشار التقرير إلى أن العجز المتفاقم ومستويات الديون التي ستقترب من 70% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بأقل من 60% قبل الحرب، "لن تسمح لشركات التصنيف الائتماني العالمية، التي ستفحص وفودها وضع إسرائيل الاقتصادي مطلع الأسبوع المقبل، إلا أن تخفض التصنيف الائتماني في خضم حرب طاحنة لا تلوح نهايتها"، لافتا إلى أن هذا الوضع خطير ولم يكن موجوداً لسنوات ماضية.

وسيجرى تمرير عشرات مليارات الشيكلات من الأعباء المالية إلى المواطنين، إذ اقترحت تعديلات الموازنة فرض ضريبة إضافية على السجائر بما يرفع أسعارها، ويؤدي إلى تهريب السجائر من الأردن ومصر، وفق يديعوت أحرونوت، كذلك إلغاء التخفيض الضريبي على المحروقات، وفرض ضريبة على الكربون، ما سيجعل سعر الكهرباء أكثر تكلفة، وفرض ضريبة على أصحاب السيارات الكهربائية، الذين ارتفعت أسعار مركباتهم للتو في تناقض تام مع الاتجاه العالمي لتشجيع استخدام المركبات الكهربائية.

كذلك، ستُزاد قيمة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1% إلى 18%، وبالتالي تحصيل 7 مليارات شيكل (1.87 مليار دولار) من جيوب الإسرائيليين، ونتيجة لذلك، سيرتفع التضخم، ما يرفع أسعار الفائدة من قبل بنك إسرائيل المركزي، وفق التقرير.

والبنوك أيضا بانتظار فرض ضرائب على مكاسبها وارباحها السنوية بموجب التعديلات المقدمة، إذ ستدفع ضريبة أرباح بنسبة 26% في عامي 2024 و2025. ومن شأن هذه الخطوة أن تضيف 1.4 مليار شيكل إلى خزانة إسرائيل.

ورغم بنود زيادة حصيلة الضرائب من العديد من القطاعات والشرائح، إلا أن نسبة العجز المقدرة تنطوي على مخاطر كبيرة، وفق ما نقل موقع "غلوبس" الاقتصادي الإسرائيلي عن مسؤولين في وزارة المالية.

كما قالت وزارة المالية في الملاحظات التمهيدية للميزانية المعدلة: "من دون اتخاذ تدابير جوهرية لكبح العجز الهيكلي ومن دون انخفاض نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي، فإن موثوقية وقوة الاقتصاد الإسرائيلي معرضتان للضرر، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع مستمر في مستوى معيشة جميع المواطنين في السنوات المقبلة".

وتسعى وزارة المالية إلى خفض عدد الوظائف الحكومية في 2024-2025؛ كما ستُخفض ميزانية الحكومة المخصصة للإعلان والاستشارات والتدريب.

وستؤدي الحرب مع المقاومة الفلسطينية، التي بدأت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، إلى تراجع النمو الاقتصادي للعام الجاري بمقدار 1.1 نقطة مئوية بعد خسائر متوقعة قدرها 1.4 نقطة مئوية العام الماضي.

وكان الكنيست الإسرائيلي قد وافق، في ديسمبر/ كانون الأول، على ميزانية حرب خاصة لعام 2023، بقيمة نحو 30 مليار شيكل، للمساعدة في تمويل الحرب وتعويض "المتضررين" من أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وما بعدها. لكن البيانات الصادرة لاحقا تظهر تجاوز التكاليف هذه المخصصات بشكل كبير.

المساهمون