عاد الغاز الروسي يتدفق إلى أوروبا عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1" الرئيسي، اليوم الخميس، بعد توقف دام 10 أيام، لكن المخاوف من تخفيضات أكبر للإمدادات لا تزال قائمة، فما هي التدابير الألمانية لتدارك سيناريو الرعب في حال تخفيض كمية الغاز أو قطعه لاحقاً؟
قبل 10 أيام أغلقت شركة "غازبروم" الروسية العملاقة الخط الذي ينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا لمدة عشرة أيام للقيام بأعمال الصيانة السنوية، ومع ذلك وبسبب العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا هناك خشية ألمانية من أن تتحكم موسكو بالإمدادات فتقطعها ساعة تشاء حتى بعد عودة الغاز إلى شرايين الخط، وهذا ما دفع الحكومة الألمانية إلى الاستعداد للأسوأ إذا ما عطلت روسيا الإمدادات بالكامل، حتى أنّ وزير الاقتصاد نوربرت هابيك قال في مقابلة "مع دويتشلاند فونك" إنّ برلين تستعد لـ"سيناريو مرعب".
وانطلاقاً من أنّ "نورد ستريم 1" البالغ طوله 1224 كيلومتراً والذي بدأ تشغيله عام 2011، وتتسلم ألمانيا الكميات الكبيرة من الغاز عبره، فإنّ المخاوف من وقفه نهائياً تبقى قائمة في ظل التجاذب السياسي مع روسيا وعمليات الاستنزاف المستمرة في أوكرانيا.
وفي هذا الإطار، قال رئيس وكالة الطاقة الفيدرالية الألمانية كلاوس مول، للقناة الثانية في التلفزيون الألماني "زد دي إف"، إنّ هناك إشارات مختلفة من موسكو حول شحنات الغاز المستقبلية عبر خط "نورد ستريم 1"، رغم أنّ التوربين تمت إعادة تركيبه بعد الاتفاق على استعادته من كندا حيث خضع للصيانة.
وأضاف أنه في أسوأ الحالات، يعني في حال إقفال الصنبور يوماً ما "سنكون أمام عدة سيناريوهات استناداً إلى عوامل عدة، مثل شراء كميات الغاز الطبيعي المسال وإلى أي مدى يمكن توفير الغاز بالسرعة الكافية، لكن من المهم أيضاً منع الانقسام بين الشمال والجنوب في ألمانيا في ما يتعلق بالإمددات، ولذلك سيتم ملء مرافق التخزين في الجنوب بطريقة هادفة".
وفي حال إغلاق الخط عبر بحر البلطيق، كما حصل للصيانة، أبرزت تقارير أنّ الغاز الروسي سيستمر في التدفق إلى أوروبا عبر خط دولة العبور أوكرانيا، وهو الخط المتبقي لتزويد غرب أوروبا ووسطها بالغاز.
وعن التدابير الاحترازية لمواجهة تبعات القطع لاحقاً، إن حصل، فإنّ الحكومة ومجلس الولايات أقرّا في 8 يوليو/تموز مجموعة قوانين لتوسيع مصادر الطاقة المتجددة وضمان أمنها في ألمانيا، إضافة إلى أهداف التوسع المتزايدة لطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وتتضمن الحزمة الأساسية القدرة على الاستجابة لحالة الطوارئ المتعلقة بالغاز، وقد يتم اللجوء إلى محطات الطاقة التي تعمل بالفحم لاستخدامها في توليد الكهرباء.
كذلك، سيُسمح لشركات الطاقة برفع الأسعار مستقبلاً عند حدوث نقص في كميات الغاز، وعندها سيصبح دعم الدولة لشركات الطاقة المتعثرة أسهل ويكبد الخزينة تكاليف مادية أقل.
ومن أجل ضمان أمن الإمدادات، يتعين ملء منشآت تخزين الغاز خلال فصل الصيف ورفعها إلى مستوى 90% على الأقل قبل بداية الشتاء، علماً أنّ الكميات المخزنة حالياً تناهز 60% فقط.
وفي الوقت نفسه، أطلقت الحكومة الاتحادية حملة لخفض استهلاك الغاز. وبحسب الاتحاد الفيدرالي للطاقة والمياه، انخفض 14.3% الاستهلاك خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ويرجع السببب أساساً إلى أن فصل الشتاء الماضي كان معتدلاً نسبياً، وأن ارتفاع أسعار الغاز دفع بالكثيرين إلى ترشيد الاستهلاك.
كما أن هيئة حماية المستهلك شددت على أنه لا ينبغي قطع الكهرباء والغاز عن أي مستهلك في حال تأزم الوضع وحصول تأخير في دفع الفواتير، مع الوعد بفترة سماح للسداد، كما حصل خلال جائحة كورونا، عندما خسر الكثيرون وظائفهم وعجزوا عن دفع إيجارات المنازل، فتمت حمايتهم قانوناً لمرحلة معينة.