طلب متزايد على المركبات الحربية والخاصة في إسرائيل بسبب أضرار الحرب... وقلق من الإمدادات
أصابت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة سوق السيارات في إسرائيل بارتباك شديد تزايدت حدته في أعقاب احتجاز الحوثيين سفينة محملة بالمركبات في البحر الأحمر كانت في طريقها إلى دولة الاحتلال، بينما يتوقع ارتفاع الطلب في السوق في ظل الأضرار التي لحقت بآلاف السيارات جراء الضربات الصاروخية للمقاومة الفلسطينية.
ويمتد مأزق الطلب على المركبات والشاحنات إلى الجيش الإسرائيلي، الذي طالب الموردين بالإسراع في إمداده بالشاحنات الثقيلة المخصصة لنقل الدبابات على الرغم من تلقيه دفعات من السيارات المدرعة من جانب الولايات المتحدة الأميركية قبل بدء العدوان البري على قطاع غزة.
وذكرت صحيفة غلوبس الإسرائيلية في تقرير لها، أمس الثلاثاء، أن صناعة السيارات تواصل تسريع تسليم المركبات للجيش الإسرائيلي ومختلف الأجهزة الأمنية كجزء من المناقصات التي جرى إبرامها في الفترة الماضية، مشيرة إلى أن شركة مستوردة لمركبات مرسيدس تمضي في تسليم 112 شاحنة من طراز "آروكس" المخصصة للنقل الثقيل، خاصة للدبابات.
وتعد هذه الشحنة أول دفعة في صفقة كبيرة جرى إبرامها منذ حوالي عام بين مرسيدس ووزارة الدفاع الإسرائيلية تقضي بتوريد 460 شاحنة مصممة لنقل دبابات "ميركافا مارك 4" وناقلات الجنود المدرعة والجرافات، وفق تقرير غلوبس.
ويبدو أن الخسائر التي لحقت بمعدات الجيش الإسرائيلي خلال عملياته البرية في قطاع غزة دفعت وزارة الدفاع إلى مطالبة الموردين بالإسراع في إمدادها بالطلبيات المتفق عليها.
وهذا الارتباك يطاول أيضاً سوق السيارات الخاصة التي باتت تواجه مأزق تعويض آلاف المركبات التي خرجت من الخدمة بفعل الأضرار التي خلفتها ضربات المقاومة الفلسطينية.
ووفق الصحيفة الإسرائيلية، فإن أصحاب ما يزيد عن 6000 سيارة تقدموا بطلبات للحصول على تعويضات حتى الآن. بينما أصداء احتجاز سفينة نقل المركبات القادمة من آسيا "غالاكسي ليدر" في البحر الأحمر على يد الحوثيين في اليمن قبل نحو عشرة أيام لا تزال تتصاعد.
وفي الأيام الأخيرة، تلقت شركات بيع وتأجير السيارات الكبرى في إسرائيل إخطارات بتأخير متوقع في تسليم الموديلات المصنوعة في آسيا، والتي كان من المفترض أن تصل في ديسمبر/ كانون الأول المقبل وتسليمها للعملاء في بداية العام. ويرجع ذلك إلى الاضطرابات المحتملة في حركة السفن في البحر الأحمر وعدم اليقين العالمي بشأن السلامة البحرية.
وتلقت العديد من السفن، التي كان من المفترض أن تمر عبر البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن، تعليمات بتأخير أو تغيير مسارها، ونتيجة لذلك تلقى الكثير من كبار مستوردي السيارات في إسرائيل إشعارات منذ بداية الأسبوع بشأن تأجيل الرسو المخطط لخمس سفن على الأقل، والتي تنقل المركبات من شرق آسيا، وخاصة من كوريا الجنوبية والصين واليابان.
وكان من المفترض أن تقوم هذه السفن بتفريغ المركبات في ميناءي "إيلات" على ساحل خليج العقبة في البحر الأحمر، جنوب فلسطين المحتلة، و"أشدود" على الساحل الشرقي للبحر المتوسط.
كما يربك احتجاز السفينة صناعة السيارات الإسرائيلية التي تعتمد في الكثير من المكونات على الشحنات الواردة أيضا من آسيا، لا سيما صناعة السيارات الكهربائية.
وقال متحدث باسم شركة الشحن اليابانية "إن واي كيه" (NYK)، التي تشغل السفينة المختطفة، وهي إحدى شركات النقل الرئيسية للمركبات من آسيا إلى أوروبا: "نراجع خطواتنا بالتنسيق مع مالكي السفينة وأصحاب البضائع، ونعتزم وضع سلامة أطقم التشغيل كأولوية قصوى". وأصدرت الشركة تحذيراً خطيراً بشأن الإبحار في البحر الأحمر، رغم أهميته في الوصول إلى أوروبا.
وفي الأيام القليلة الماضية، أصدرت الهيئات التي تعمل في مجال تقييم المخاطر في صناعة الشحن تحذيرات موسعة لشركات الشحن بسبب التوترات في المنطقة. حتى أن إحدى الهيئات دعت شركات الشحن إلى "دراسة علاقات الملكية الإسرائيلية المحتملة في السفن السياحية التي تديرها".
وتقدر صناعة الشحن أنه قد تكون هناك زيادة كبيرة أخرى في تكاليف التأمين البحري للسفن في المنطقة، وخاصة بالنسبة للسفن التي تملكها أو تديرها الكيانات التجارية الإسرائيلية.
وذكرت شركة "ستاندرد آند بورز غلوبال" في تقرير لها أنه "بمرور الوقت، ستؤدي عملية الاختطاف إلى زيادة التأمين ضد مخاطر الحرب للسفن المرتبطة بإسرائيل أو التي تبحر عبر طرق التجارة في الخليج العربي والبحر الأحمر". وبحسب غلوبس، يتم التأمين على سفن نقل السيارات بحوالي 50 مليون دولار لكل سفينة.
وتأتي الحرب على قطاع غزة وتداعياتها الممتدة إلى المنطقة لتزيد حدة الاضطرابات التي يشهدها قطاع السيارات في إسرائيل منذ سنوات بالأساس بفعل تقلبات سعر صرف العملات الأجنبية وتراكمات جائحة فيروس كورونا وأزمة الرقائق الإلكترونية العالمية (أشباه الموصلات) وتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا المستمرة من فبراير/ شباط 2022.
فقد ارتفع التضخم في إسرائيل ومعه تكاليف شراء السيارات. إذا كان متوسط سعر صفقة شراء سيارة جديدة في عام 2019 يحوم حول 160 ألف شيكل (43 ألف دولار)، بينما ارتفع هذا المتوسط في 2022، الذي اتسم بزيادة الطلب وظهور قوائم الانتظار، إلى مستوى تاريخي بلغ 200 ألف شيكل (53.7 ألف دولار)، بزيادة تبلغ نسبتها 25%.
وفي عام 2023 بدا أن سوق السيارات وصل إلى الاستقرار، إلا أن الحرب أدخلت السوق إلى "المخبأ"، وفق وصف الصحيفة الإسرائيلية.
وقال داني شافيت، الرئيس التنفيذي لشركة لوبينسكي، التي تعمل في استيراد السيارات: "الأسعار بدأت في التقلب بالفعل في بداية العام، بينما تعرضت لصدمات إضافية منذ بداية الحرب".