طريق التنمية.. تعرّف إلى المشروع العراقي التركي بقيمة 17 مليار دولار

15 فبراير 2024
سفن تتجه إلى ميناء الفاو العراقي (Getty)
+ الخط -

اتفق كل من العراق وتركيا، على ضرورة تسريع العمل في مشروع طريق التنمية الاستراتيجي، باعتباره مشروعاً عالمياً يخدم البلدين. جاء ذلك، خلال زيارة أجراها الأسبوع الحالي، وفد تركي رفيع المستوى ضم عدداً من المديرين العموميين في وزارة الاتصالات والبنية التحتية التركية، كذلك حضر ممثلون عن الشركة الاستشارية الإيطالية المعنية بالمشروع إلى محافظة البصرة جنوبي العراق، من أجل بحث سبل استكمال متعلقات المشروع الفنية، والاطلاع على مشاريع ميناء الفاو الكبير.

تفاصيل مشروع طريق التنمية

يتضمن خط مشروع التنمية الاستراتيجي للنقل من ميناء الفاو الكبير في البصرة جنوبيّ العراق إلى منطقة (فيشخابور) شماليّ العراق على الحدود مع تركيا، خط سكك حديدية بطول 1175 كيلومترًا وطريقًا بريًّا بطول 1190 كيلومترًا، وللطريق مساران مختلفان في جنوب البلاد، ولكن يلتقيان في شمال محافظة كربلاء جنوب بغداد، وبعدها يسيران جنبًا إلى جنب حتى وصولهما إلى منطقة (فيشخابور) في الشمال العراقي.

وأعلنت وزارة النقل العراقية بدء الاجتماع الدوري بين العراق وتركيا حول مشروع طريق التنمية في محافظة البصرة، لمناقشة مستجدات المشروع ومتعلقاته الفنية.

وقالت الوزارة، في بيان لها، إنّ اللجان الفنية العراقية التركية اجتمعت في محافظة البصرة، تنفيذًا لمحضر الاجتماع السابق الذي عقد في أنقرة، والذي نصّ على أن تكون الاجتماعات شهرية بصورة متبادلة بين البلدين، لمناقشة آخر مستجدات المشروع طريق التنمية.

وأضاف أن الوفد التركي يمثله كل من المدير العام للسكك الحديد التركية، والمدير العام للطرق والبنى التحتية وممثل دائرة الطرق والجسور، بينما ترأس الوفد العراقي المدير العام للسكك الحديد المهندس يونس خالد جواد، وبحضور الشركة الإيطالية، لمناقشة تطورات العمل في كلا البلدين، ومراجعة محضر الاجتماع السابق.

وأوضحت الوزارة أن الجانبين اتفقا على عقد اجتماع دوري شهري لتسريع إجراءات طريق التنمية وآلية تنفيذه، مؤكداً أن الوفد قام بجولة استطلاعية على مشروع النفق المغمور والطريق البري السريع الذي يربط بين ميناء الفاو وطريق التنمية.

مراحل طريق التنمية

قال المتحدث باسم وزارة النقل العراقية، ميثم الصافي، إن مشروع طريق التنمية الآن في طور العمل بمراحل التصميم الأولية، وبعد الانتهاء منها سيكون الانتقال إلى التصاميم النهائية قبل الشروع بإحالتها على الاستثمار. وأضاف الصافي، لـ"العربي الجديد"، أن تصاميم المشروع النهائية ستعرض للاستثمار أمام الشركات العالمية بما يتناسب مع طبيعة المشروع وحجمه، ووفقاً لما تتطلبه مصلحة العراق من شروط ومواصفات فنية.

وأشار إلى أن الصين أعلنت عزمها على الانضمام إلى المشروع، فضلاً عن عرض عدد من بلدان الإتحاد الأوروبي رغبتها في المشاركة في المشروع في الاستثمار والتشغيل.

وأوضح الصافي أن خط طول المشروع يمتد من ميناء الفاو الكبير جنوباً ثم محافظات البصرة وذي قار وكربلاء والنجف فالعاصمة بغداد، مروراً بمحافظات صلاح الدين ونينوى، لينتهي عند نقطة منطقة فيشخابور الحدودية باتجاه الجانب التركي.

وبيّن أن تكلفة إنجاز المشروع تقدَّر بحدود 17 مليار دولار، 10 مليارات منها لشراء قطارات كهربائية سريعة لنقل الحمولات والبضائع والمسافرين، والباقي لِـمَدّ سكك الحديد والطرق.

أهمية مشروع طريق التنمية

رأى مختصون خلال حديثهم لـ"العربي الجديد" أن مشروع طريق التنمية سيوفر العديد من فرص التنمية الاقتصادية المستدامة، ومنها 100 ألف فرصة عمل في المراحل الأولى، ثم ما يقرب من مليون فرصة عمل عند الإكمال والإنجاز.

وقال الباحث الاقتصادي، علي عواد، إن الأرباح المالية السنوية المتوقع تحقيقها من هذا المشروع تقدر بأكثر من 4 مليارات دولار، فضلاً عن توفير خدمات السفر لأكثر من 15 مليون مسافر سنوياً، بحسب تقديرات مؤشر الجدوى الاقتصادية من هذا المشروع.

وأضاف عواد أن سعة التخزين والنقل من ميناء الفاو تقدَّر بحدود 3.5 ملايين وحدة مكافئة، (أي ما يوازي 22 مليون طن)، وبسرعة قصوى لنقل المسافرين تبلغ 300 كيلومتر في الساعة من طريق القطارات السريعة، ونحو 150 كيلومترًا في الساعة لنقل البضائع.

ولفت عواد إلى أن تمويل المشروع سيكون مشتركاً من خلال التمويل الحكومي، والشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص، ويُقترح أن يكون التمويل عبر استثمار مجموعة من الشركات العالمية مع شركات محلية.

فيما رأى الباحث الاقتصادي، ضرغام محمد علي، أن لهذا المشروع فائدة اقتصادية كبيرة تتعلق باختصار مدة وزمن التبادل التجاري بين الشرق والغرب. وأكد أن الفترة الزمنية أقل خلال مرور التجارة عبر القناة الجافة باتجاه العراق وتركيا، وتختصر مدة زمنية إلى 14 يوماً قياساً عما كانت تسير عليه في الطريق البحري.

وبيّن علي أن هذا المشروع من خلال ما يتضمنه من طريق سكك حديد وآخر بري، يمكنه اختصار الوقت واختزال الكلف المالية بتكاليف أقل بكثير عما كانت تسير عليه بحراً.

معوقات ومخاوف

وراى الباحث في مجال النقل والطاقة، محمد فرج، أن هناك عدداً من المعوقات أمام سرعة إنجاز مشروع طريق التنمية الاستراتيجي، في مقدمتها تهالك البنية التحتية الخاصة بقطاع النقل، وما لحق من تدمير وأضرار وخسائر فادحة في طرق النقل وسكك الحديد والمطارات والمرافق العامة في مختلف مدن العراق طوال السنوات الماضية.

وأضاف أن التجاذبات السياسية الداخلية، واعتراض عدد من الجهات المتنفذة والفصائل المسلحة على هذا المشروع تُعَدّ عاملاً مهماً يجب مراعاته ومعالجته قبل الشروع في تنفيذ المشروع، لأن هناك تهديدات أمنية قد تتجه إليها الفصائل المسلحة إن لم يلبِّ المشروع رغباتها وأجنداتها.

وبيّن فرج لـ"العربي الجديد" أن البيروقراطية واستشراء الفساد الإداري والمالي من أهم التحديات التي تواجه المشروع، خصوصاً أن جميع القطاعات والمفاصل والمؤسسات تعاني من الفساد وضعف الرقابة، وأن عدداً كبيراً من المشاريع الخدمية والاستثمارية الضخمة قد أفشلها الفساد والأجندات الغامضة.

وأشار إلى أن "المشروع يتطلب توفير الطاقة الكهربائية مستمرة في وقت يعاني فيه العراق أزمة كهرباء مزمنة منذ سنوات، على الرغم مما يُخصَّص من أموال طائلة لهذا القطاع، ولكن من دون جدوى، ما يتطلب وضع حلول لأزمة لهذه المعوقات من أجل ضمان مشروع استراتيجي حيوي ومهم بالنسبة إلى اقتصاد العراق والمنطقة.

المساهمون