طرح أسهم أرامكو... الخارج غير

07 نوفمبر 2019
ضغوط على أثرياء السعودية للاكتتاب في أرامكو (العربي الجديد)
+ الخط -

بدأت وسائل الإعلام السعودية في الترويج على نطاق واسع لعملية طرح حصة تبلغ 2% من أسهم شركة أرامكو النفطية العملاقة في سوق المال المحلي.

بل إن وسائل إعلام روّجت لعملية الشراء على أنّها عمل وطني وواجب اقتصادي يجب على المواطن القيام به والتفاخر، وهو ما يعيد إلى الأذهان أجواء دعوة المصريين للاكتتاب في شهادات تفريعة قناة السويس في العام 2015 والتي تم عبرها جمع أكثر من 8 مليارات دولار، وبما يعادل 64 مليار جنيه.

وقد تأثرت أسر سعودية كثيرة بالدعاية المبالغ بها للطرح لدرجة أن بعضهم بدأ بالفعل يفكر في بيع منزله أو أصل من أصوله أو اقتراض الأموال من البنوك لشراء الأسهم المطروحة من قبل الدولة في أرامكو، المتوقع أن يبدأ التداول بها الشهر المقبل.

وصاحبت الحملة الإعلامية حملة تحفيز كبيرة من قبل السلطات المسؤولة عن الاكتتاب في الشركة قبل عملية الطرح بهدف إعطاء انطباع قوي بوجود عملية إقبال شديدة متوقعة على الطرح الذي يعد الأضخم من نوعه في العالم، وذلك حتى قبل طرح الأسهم رسميا في البورصة السعودية.

ولم تكتف السلطات بذلك بل راحت تضغط على العائلات الثرية والشركات العائلية الكبرى لشراء حصص كبيرة من الأسهم المطروحة في أرامكو.

وامتد الضغط إلى عشرات الأمراء وكبار رجال الأعمال والشخصيات العامة الذين تم توجيه التهم لهم في قضية ريتز كارلتون الشهيرة تحت ما يسمى حملة مكافحة الفساد، وهو ما أشارت إليه وكالة بلومبيرغ نيوز التي أكدت أن أغنى العائلات، التي احتجز عدد من أفرادها في حملة الريتز بسبب الفساد عام 2017، تعرضت لضغوط للالتزام بتقديم مبالغ كبيرة في الطرح المرتقب يوم 11 ديسمبر/ كانون الأول.

وسط كل هذه الحملة الإعلامية والضغط السياسي تفاجئنا السلطات المسؤولة عن طرح أرامكو بقرار يقضي بتأجيل عملية الطرح في الأسواق العالمية لمدة عام، وأنه لا خطط حالية لطرح ثان في بورصة أجنبية، كما قال رئيس الشركة ياسر الرميان أول من أمس الأثنين، وقصر الطرح الحالي على السوق المحلية، وهو ما يعد تطوراً جذرياً في ملف أكبر طرح للأسهم في العالم.

إذ إن السلطات، ومنذ العام 2016، أعلنت أنها تستهدف البورصات العالمية والمستثمرين الأجانب في خطة طرح 5% من أسهم أرامكو، وأن السلطات تفاضل في الطرح بين بورصات عالمية كبرى، من أبرزها لندن ونيويورك وشنغهاي وطوكيو وغيرها.

طرح أرامكو في السوق السعودية مسألة سهلة، سواء من حيث تغطية الاكتتاب أو من حيث عمليات الإفصاح والشفافية.

أما طرح الشركة في البورصات العالمية فهو مسألة غاية في التعقيد، فالمستثمرون الدوليون سيطلبون معرفة كل صغيرة وكبيرة عن إيرادات أرامكو ومصروفاتها، بما فيها السرية التي تحدثت عنها بعض المصادر، عن القيمة السوقية الحقيقية للشركة وليست القيمة التي تقدرها السلطات السعودية بنحو 2 تريليون دولار.

لا بد أن يعرف المستثمرون مصير الأموال التي سيتم جمعها من طرح أرامكو والتي تقدر بنحو 100 مليار دولار، وكيفية توفير الحماية لأرامكو ومنشآتها النفطية من هجمات الحوثيين، الخريطة المستقبلية لأنشطة الشركة، والأهم مدى تدخل القرار السياسي في تحديد أولويات الشركة.

الطرح في البورصات الدولية يعني أن شركة أرامكو ستكون تحت رقابة المؤسسات المالية الدولية الكبرى والأجهزة الرسمية، وربما تخضع لابتزازات سياسية كتلك التي يمارسها دونالد ترامب على المملكة من وقت لآخر بهدف حصد مزيد من الأموال.
المساهمون