طربول وأرابتك وأخواتهما في مصر والوعود البراقة

25 يونيو 2024
تهم تلاحق رجل الأعمال المصري شريف حمودة - فيسبوك
+ الخط -
اظهر الملخص
- تم الإعلان عن مشروعات ضخمة في مصر بواسطة شركات مثل طربول وأرابتك، وعدت بتوفير فرص عمل وضخ استثمارات بمليارات الدولارات، لكنها فشلت في تحقيق وعودها.
- العديد من هذه المشروعات واجهت الإفلاس أو المشاكل المالية، مع تسجيل حالات قبض على بعض المسؤولين عنها بتهم تتعلق بمخالفات، مثل شريف حمودة من مشروع مدينة طربول.
- مشروع مدينة طربول الصناعية، الذي كان يُعد الأكبر في الشرق الأوسط ويتوقع توفير 750 ألف فرصة عمل، يواجه مصيراً مجهولاً بعد القبض على صاحبه، مما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه المشروعات وتأثيرها على الاقتصاد.

تستطيع أن ترصد أسماء عشرات، بل مئات الشركات، ومنها طربول وأرابتك، التي وعدت المصريين خلال السنوات الأخيرة بإقامة وتأسيس مشروعات عملاقة، وتوفير فرص عمل ووظائف مليونية، وضخ استثمارات بعشرات المليارات من الدولارات، وإضافة قيمة للاقتصاد الوطني، وجذب استثمارات خارجية ضخمة، ودعم الاكتفاء الذاتي للبلاد، وإتاحة فرصة أكبر لنمو السوق عن طريق زيادة معدلات التصدير والتحكم في الواردات، وتقليل العشوائيات، وغيرها من الوعود الرنانة التي ذهبت كلها أو معظمها أدراج الرياح، ولم تنجز الكثير على أرض الواقع.

والملفت في الأمر هنا أن تلك الشركات حظيت بدعم كبير من قبل الجهات المسؤولة في الدولة، ورغم ذلك انتهى الأمر بمعظمها، إما بالإفلاس والتعثر المالي والخروج نهائياً من السوق، أو بإلقاء القبض على أصحابها وكبار مساهميها والزج بهم في السجون، أو على الأقل تحولت تلك الوعود إلى سراب، مع انزواء هذه الشركات عن المشهد نهائياً.

أحدث مثال على ذلك اسم طربول اللامع في عالم البيزنس، فيوم 15 يونيو/ حزيران الجاري ألقت قوات الأمن في مصر القبض على رجل الأعمال البارز ورئيس مجموعة جي في للاستثمارات شريف حمودة، وحبسه احتياطياً 15 يوماً على ذمة التحقيق، إثر توجيه اتهامات له بشأن بعض المخالفات بمشروع مدينة طربول الصناعية العملاقة التابعة للمجموعة، والذي قيل إنه سيوفر قرابة مليون فرصة عمل، بل إن أحد الإعلاميين المحسوبين على السلطة رفع الرقم إلى مليوني فرصة عمل.

ووفق بعض المعلومات المتداولة والتي نفتها أطراف قريبة من الشركة، فإن حجم المخالفات داخل المدينة الصناعية " تحت التأسيس" ضخم للغاية، وإن رجل الأعمال حصل على ملايين الأمتار من الأراضي من الدولة بأسعار مخفضة ورمزية، لإنشاء المدينة الصناعية منذ فترة، ورغم ذلك لم يتخذ إجراءات عملية جادة في سبيل تنفيذ المشروع.

بل إن البعض زعم أنه لن ينفذ المشروع الصناعي أصلا وسيكتفي باستغلال الأراضي الممنوحة من الدولة في تأسيس مشروعات عقارية، بهدف تحقيق مكاسب تقدر بمليارات الجنيهات على حساب الخزانة العامة للدولة.

ولمن لا يعرف، فإن اسم مدينة طربول الصناعية ظهر للعلن منذ سنوات قليلة، وتم الترويج للمدينة على نطاق واسع، وأنها أكبر المدن الصناعية في منطقة الشرق الأوسط، حيث تضم 12 منطقة صناعية، منها وادي تكنولوجيا الغذاء وتقع على مساحة 109 ملايين متر مربع، وتربط محافظات الصعيد بالمراكز الاقتصادية في الدلتا.

بل وصفها الإعلام الرسمي والخاص بأنها أضخم مدينة صناعية ذكية في الدولة تضم 13 ألف مصنع، وتستعد لافتتاح 1500 مصنع ومشروعات هيدروجين أخضر بـ15 مليار دولار، وأن التكاليف الاستثمارية لإنشاء وتطوير المشروع ضخمة وتبلغ نصف تريليون جنيه، أي ما يزيد عن 10.5 مليارات دولار، ومن المتوقع أن يوفر المشروع 750 ألف فرصة عمل مباشرة وفق تصريحات القائمين عليه، وأن حجم الاستثمارات التي تم ضخها حتى الآن في البنية التحتية للمدينة تجاوزت ثلاثة مليارات دولار.  

مصير مجهول لمشروع طربول

ولا نعرف مصير المشروع الصناعي بعد إلقاء القبض على صاحبه شريف حمودة الذي تربطه علاقة قوية بعدد من الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة، وحقيقة الوعود المقدمة من الشركة المالكة، ومنها توفير مليون فرصة عمل وضخ مليارات الدولارات كاستثمارات مباشرة، ومدى صحة الاتهامات الموجهة لرجل الاعمال وتأثير ذلك على مشروعاته ومنها المدينة الصناعية.

مشروع طربول وأخواته يعيد للذاكرة مشروعات كبرى أخرى أثارت الجدل في مصر خلال السنوات الأخيرة، نظراً للضجة الإعلامية التي صاحبت الإعلان عنها والمبالغ وفرص العمل التي قيل إنها ستوفرها، ومن أبرزها مشروع شركة أرابتك الإماراتية التي خرجت على المصريين في شهر إبريل/ نيسان 2014 معلنة تنفيذ مشروع عملاق لبناء مليون وحدة سكنية في 13 محافظة مصرية وبتكلفة 40 مليار دولار.

والملفت وقتها أن بعض المسؤولين خرج علينا ليؤكد أن هذه الوحدات سيتم تخصيصها للشباب وبأسعار رمزية، وتمر السنوات ولا يتم بناء وحدة سكنية واحدة، أو ضخ دولار واحد في مصر، كل ما حدث هو الصدمة التي تلقاها مجتمع الاستثمار ورجل الشارع المصري معا وهي إعلان أكبر شركة مقاولات في الإمارات إفلاسها في عام 2020 بعد أن مارست أكبر خدعة على المصريين.

المساهمون