استمع إلى الملخص
- تراجع النظرة المستقبلية لاقتصاد البحرين من "إيجابية" إلى "مستقرة" بحسب "ستاندرد أند بورز" و"فيتش"، مع توقعات بارتفاع نسبة الدين، وتراجع قطاع النفط بنسبة 6.8% سنوياً بسبب أعمال الصيانة.
- تسعى البحرين لاستقطاب استثمارات أجنبية عبر بيع حصص في القطاع النفطي وتنويع مصادر الدخل لتقليل الاعتماد على النفط، مع تحذيرات من أن هذه الخطوة قد تكون حلاً قصير الأمد دون سياسات تقشفية وتنويع اقتصادي.
تبحث البحرين عن مستثمرين لشراء حصة في خط أنابيب رئيسي ينقل النفط الخام من السعودية، وتسعى لجمع مئات الملايين من الدولارات في هذا الإطار، لتحقيق الاستفادة المالية القصوى من أصول الطاقة لديها، بينما تواجه ضغوطاً بالإنفاق قد تفاقم العجز المالي للبلاد بصورة كبيرة.
ويبلغ إجمالي قدرة نقل خط الأنابيب نحو 350 ألف برميل نفط يومياً، ويربط المنشآت السعودية لمعالجة النفط في "بقيق" بمصفاة "بابكو" في البحرين، ويأتي التوجه لبيع حصة البحرين فيه تزامناً مع مواجهة المملكة الخليجية الصغيرة ضغوط إنفاق دفعت وكالة "ستاندرد أند بورز" للتصنيفات الائتمانية إلى تعديل النظرة المستقبلية للمملكة من "إيجابية" إلى "مستقرة".
كما اعتبر تقرير نشرته شركة "فيتش سوليوشنز"، التابعة لمجموعة "فيتش" للتصنيف الائتماني، في نهاية إبريل/نيسان الماضي، أن البحرين تعد الأكثر ضعفاً من حيث الوضع المالي بين بقية دول الخليج العربي. وبحسب التقرير ذاته، فإن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي سترتفع من 109.4% في عام 2023 إلى 110.8% في عام 2024، ما سيبقي البحرين صاحبة أعلى عبء من الديون بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وإزاء ذلك، تواصل حكومة المملكة البحث عن مشترين لحصتها بخط نقل النفط من السعودية، حسبما نقلت وكالة بلومبيرغ في تقرير حديث لها عن مصادر وصفتها بالمطلعة، مشيرة إلى أن قطاع النفط في البحرين ساهم بنسبة 16.4% في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، خلال الربع الثالث من 2023. وبذلك يكون القطاع النفطي هو ثاني أكبر مساهم في الناتج المحلي للبحرين خلال الفترة ذاتها، بعد قطاع المشروعات المالية، وفقاً لإحصاءات وزارة المالية والاقتصاد الوطني.
وجاء تراجع الإسهام النفطي بالناتج المحلي بنسبة 6.8% على أساس سنوي، خلال الربع الثالث من 2023، نتيجة لأعمال الصيانة في حقل "أبو سعفة"، حيث بلغ إجمالي الإنتاج 180 ألف برميل يومياً، مقابل 196 ألف برميل يومياً في الربع الثالث من عام 2022، بحسب إحصاء المالية البحرينية.
ضخ استثمارات أجنبية في البحرين
وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي، علي أحمد درويش، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن سعي البحرين لبيع حصة بخط ينقل النفط من السعودية إليها يستهدف جوانب عدة، منها فتح المجال لمستثمرين خارجيين لضخ مئات الملايين من الدولارات، مشيراً إلى أن المملكة الصغيرة هي الأضعف اقتصادياً بين دول الخليج، إذ بلغت نسبة الدين العام إلى ناتجها المحلي الإجمالي نحو 112%.
ويؤكد درويش أن وضع الدين العام في البحرين لا يزال يمثل عبئاً على الموازنة العامة للدولة، التي باتت بأمس الحاجة إلى ضخ استثمارات أجنبية في الاقتصاد تساعد في تغطية حجم الإنفاق. ويلفت درويش، في هذا الصدد، إلى أن الإنفاق الحكومي في البحرين بحالة تصاعد، ما يشكل عبئاً إضافياً في ظل تراجع إسهام القطاع النفطي في الموارد المالية للبلاد من جانب، واستهداف حكومة المملكة للاستثمار في قطاعات الاقتصاد الأخرى، غير النفطية.
ويؤكد درويش أن هذا التراجع لقطاع النفط في البحرين مرشح للاستمرار في السنوات القادمة، ولذا فإن بيع حصة البحرين في خط نقل النفط من السعودية يمثل إسهاماً في ضخ سيولة بالموازنة العامة التي تعاني ديوناً طائلة، مشدداً على أن حكومة المملكة الصغيرة بحاجة إلى اتباع سياسات أكثر تقشفاً في هذه المرحلة، إضافة إلى التركيز على تنويع موارد الدخل على أوسع نطاق ممكن.
تحديات اقتصادية
ويشير الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن سعي البحرين لبيع حصة بخط ينقل النفط من السعودية يؤشر إلى التحديات المالية الصعبة التي تواجه البحرين، خاصة في ظل ما يعرف عن اقتصادها من اعتماده بشكل كبير على الدعم المالي من دول مجلس التعاون الخليجي.
وينوه الشوبكي بأن الدعم الخليجي للبحرين انخفض في الآونة الأخيرة، لكنه لا يزال المحافظ الرئيس على الاحتياطات الأجنبية المنخفضة أصلاً في المملكة، والتي تبلغ 3.6 مليارات دولار فقط، غير أن عجز الموازنة بلغ 8.2% من الناتج المحلي الإجمالي، "وهو رقم من الصعب على حكومة البحرين تحمّله"، حسب تقديره.
ويلفت الشوبكي، في هذا الصدد، إلى أن عجز الموازنة في البحرين آخذ في الارتفاع، إذ كانت نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي قرابة 7.8% في عام 2023، مشيراً إلى أن توازي ذلك مع ضغط ارتفاع قيمة الدين العام فاقم من أزمة البلاد الاقتصادية. ويتوقع الشوبكي أن تقفز نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في البحرين إلى 135% في عام 2025، واصفاً الرقم بأنه "يحمل دلائل خطيرة على الاقتصاد البحريني"، ومن هنا جاء التوجه نحو بيع بعض حصص المملكة في قطاع النفط.
وفي هذا الإطار، يقدر الشوبكي حصيلة بيع حصة البحرين في خط نقل النفط من السعودية بقيمة تتراوح بين 120 و150 مليون دولار، وهو رقم "سيساهم في معالجة عجز الموازنة، لكنه لن يكون حاسماً في تقليص العجز على المدى الطويل"، حسب تقديره. وينوه الشوبكي بأن البحرين ستدفع "أجور نقل" لنفطها، بعد بيع حصتها بخط نقل النفط من السعودية لأي مستثمر، وبالتالي فهي تستفيد بمبالغ آنية لتغطية العجز لديها، لكن "الصفقة خاسرة لحكومة البحرين على المدى البعيد"، وفق تعبيره.