صندوق النقد: لبنان في وضع خطير للغاية مع تعثر الإصلاحات

23 مارس 2023
صغار المودعين اللبنانيين هم الأكثر تضرراً من الأزمة (حسين بيضون/ العربي الجديد)
+ الخط -

حذّر صندوق النقد الدولي، الخميس، من أن لبنان يمرّ في "لحظة خطيرة للغاية" في ظلّ انهيار اقتصادي متسارع، منبهاً إلى أن التقاعس عن تطبيق إصلاحات ملحّة من شأنه أن يدخل البلاد "في "أزمة لا نهاية لها".

ويشهد لبنان منذ 2019 انهيارا اقتصاديا صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، ويُعتبر الأسوأ في تاريخ البلاد. وتوصل لبنان وصندوق النقد قبل نحو عام إلى اتفاق مبدئي حول خطة مساعدة لم تدخل حيز التنفيذ بعد، مع عجز السلطات عن تطبيق إصلاحات جذرية ملحة.

وفي ختام زيارة لبيروت شملت لقاءات مع مسؤولين وجهات عدة، قال رئيس بعثة الصندوق أرنستو راميريز ريغو، في مؤتمر صحافي: "نعتقد أن لبنان في لحظة خطيرة للغاية، عند مفترق طرق"، مضيفاً أن "الجمود القائم والتقاعس" عن اتخاذ إجراءات مطلوبة من شأنه أن يدخل البلاد "في أزمة لا نهاية لها".

وأعلن الصندوق في إبريل/ نيسان توصّله إلى اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات.

لكن تطبيق الخطة مرتبط بالتزام الحكومة بتنفيذ إصلاحات مسبقة وإقرار البرلمان مشاريع قوانين ملحة، أبرزها موازنة 2022 وقانون "كابيتال كونترول" الذي يقيّد عمليات السحب وتحويل العملات الأجنبية من المصارف، إضافة الى إقرار تشريعات تتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتعديل قانون السرية المصرفية وتوحيد سعر الصرف.

ورغم إقرار السلطات موازنة العام الماضي وعملها على تعديل قانون السرية المصرفية، إلا أن خطوات أخرى ملحة لم تبصر النور بعد.

وأوضح ريغو أنه "مر عام تقريباً منذ أن توصّلنا إلى اتفاق"، مشيراً إلى أن "اللبنانيين أحرزوا تقدماً، لكن للأسف التقدم بطيء جداً بالنظر إلى مدى تعقيد الوضع"، وأضاف: "البلد في أزمة كبيرة، والمتوقع كان أكثر من ذلك بكثير لناحية تطبيق وإقرار التشريعات" المرتبطة بالإصلاحات.

ويتزامن الانهيار الاقتصادي المتسارع منذ ثلاثة أعوام مع أزمة سيولة حادة وقيود مصرفية مشددة، لم يعد بإمكان المودعين معها الوصول إلى مدّخراتهم العالقة.

وسجّلت الليرة، الثلاثاء، انهياراً تاريخياً مع تجاوز سعر الصرف عتبة 140 ألفا مقابل الدولار، قبل أن ينخفض إلى ما دون 110 آلاف، بعد إصدار مصرف لبنان تعميماً للحد من انهيار الليرة التي خسرت قرابة 98% من قيمتها.

صغار المودعين متضررون

وشدّد ريغو على أنّ أيّ حل للأزمة الاقتصادية الراهنة يجب أن يشمل تعديل السياسات المالية ومعالجة خسائر القطاع المصرفي وتوحيد سعر الصرف، معتبراً أن "صغار المودعين هم الأكثر تضرراً.. ويعانون أكثر مما ينبغي".

واعتبر أن وجود أسعار صرف متعددة في لبنان يرتّب "تكاليف كثيرة على الاقتصاد"، ويوزع "الخسائر بطريقة غير عادلة إطلاقاً"، مشدداً على ضرورة توزيع الخسائر بين "الحكومة والمصارف والمودعين"، ودعا الحكومة إلى وجوب "التوقف عن الاقتراض من المصرف المركزي".

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول، فشل البرلمان اللبناني 11 مرة في انتخاب رئيس جراء انقسامات سياسية عميقة. ولا يملك أي فريق سياسي أكثرية تمكنه من إيصال مرشّحه.

ويزيد الشلل السياسي الوضع سوءاً، مع وجود حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، بينها الإصلاحات التي يشترطها المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي لتقديم الدعم من أجل وقف النزف.

ولم توفر تداعيات الانهيار أي فئة اجتماعية أو قطاع في لبنان. وبينما أصبح أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر، باتت السلطات عاجزة عن توفير الخدمات الأساسية، وتوقفت إلى حد كبير عن دعم سلع رئيسية، بينها الوقود والأدوية.

وعلى هامش مشاركته، الخميس، في تظاهرة احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية في وسط بيروت، قال العميد المتقاعد خالد نعوس (70 عاماً)، لـ"فرانس برس": "كان راتبي حوالى أربعة آلاف دولار قبل الأزمة، وهو يعادل 150 دولاراً اليوم".

وأضاف: "نشعر بالذل بينما نحاول أن نعيش حياة كريمة، لأننا غير قادرين على تأمين مستلزمات منزلنا.. بلغنا مرحلة اليأس، إذ أخذت المصارف تعويضات تقاعدنا ولم تبق لنا رواتب".

(فرانس برس)

المساهمون