صندوق النقد الدولي يحث تونس على الإصلاح الضريبي لتعزيز إيراداتها

12 اغسطس 2022
لطالما ثارت النقابات العمالية ضد طروحات صندوق النقد التي تفاقم أعباء الفقراء (Getty)
+ الخط -

تدرس السلطات التونسية مع صندوق النقد الدولي مقترحاته المتعلقة بالإصلاح الضريبي من أجل تعزيز الإيرادات المالية، والحد من الاقتراض، فيما يتواصل انتظار قرار مجلس إدارة الصندوق بشأن اتفاق التمويل الجديد الذي يجري التفاوض بشأنه منذ أشهر.

الخبير في الشؤون الضريبية لدى صندوق النقد باتريك بوتي كان قد التقى وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، أمس الخميس، مؤكداً التزام الصندوق بدعم تونس في إصلاح المنظومة الجبائية.

وشدد الخبير نفسه على أهمية تطوير المنظومة الضريبية من أجل تحسين مناخ الاستثمار، وتطوير موارد الدولة، وتحسين مركز تونس في الساحة الدولية وجهة جاذبة للاستثمار.

وتشمل خطة الإصلاح الاقتصادي، التي أعلنت عنها حكومة نجلاء بودن، بنوداً تتعلق بالإصلاح الضريبي، من بينها توسيع القاعدة الضريبية، وتعصير إدارة الجباية، وتعميم رقمنة الخدمات الموجهة للمطالبين بالأداء.

كذلك نصت مواد الدستور الجديد على أن أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب على كل شخص على أساس العدل والإنصاف، وكل تهرب ضريبي يعتبر جريمة في حق الدولة والمجتمع.

وتتطلع تونس، وفق بلاغ لوزارة المالية، إلى مساعدة المؤسسة الاقتصاديّة على أداء واجبها الجبائيّ بالسرعة والنّجاعة المطلوبة، فضلاً عن تحسين موارد الدّولة الذاتيّة دون إثقال كاهل المؤسسة، وعلى تحسين مناخ الأعمال ومقاومة التهرب الجبائي والاقتصاد الموازي.

ويرى الخبير المالي رضا الشكندالي أن الإصلاح الضريبي في تونس يجب أن يمر وجوباً عبر تخفيض الضغط الجبائي على الشركات والأفراد، بهدف الحد من التهرب الجبائي الذي سيجرّمه الدستور الجديد.

وأكد الشكندالي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن المؤسسات والأفراد في تونس يعانون من مستويات مرتفعة للضغط الجبائي تكاد تكون الأرفع في أفريقيا، وهو ما يضع حواجز أمام تدفق الاستثمارات، ويزيد من التهرب الجبائي عبر تقديم التصاريح الضريبية المغلوطة.

وأشار في سياق متصل إلى أن صندوق النقد الدولي يهتم بمساعدة تونس على الإصلاح الضريبي باعتباره أداة من أدوات الإصلاح الاقتصادي، وتحسين المواد الخاصة للدولة لخفض نسب العجز والحاجة إلى الاقتراض الخارجي.

غير أن الشكندالي يرى أن حكومة تونس لم تقدم بعد خطة واضحة لبرنامج الإصلاح الضريبي وهو ما يضع المستثمرين في حالة ترقب ويؤجل عودة النمو الاقتصادي.

ومنذ بداية العام الحالي قالت حكومة تونس في قانون الموازنة إنها تنوي زيادة تعبئة موارد جبائية  بقيمة 1.8 مليار دينار، عبر الزيادة في أسعار التبغ بما يمكن من توفير 300 مليون دينار إضافية لخزينة الدولة، إلى جانب فرض أحكام ضريبية توفر 781 مليون دينار، ومع جمع إيرادات غير ضريبية بقيمة 300 مليون دينار، وتعبئة موارد جبائية بـ 500 مليون دينار لم يحدد مصدرها.

وتواجه تونس صعوبات كبيرة في تحصيل عائدات الضرائب  باعتماد القاعدة ذاتها من المساهمين في الضرائب، وفق وثيقة تحليلية نشرها المعهد التونسي للقدرة التنافسيّة والدراسات الكميّة الحكومي.

وأظهر التحليل، الذي يقيّم الضغط الجبائي الفعلي والإمكانات الضريبية للاقتصاد التونسي، أن البلاد تستغل بالكامل الإمكانيات الضريبية المتاحة وأن مخاطر التجاوز عالية للغاية.

ونبهت الوثيقة الصادرة تحت عنوان "الجهود والإمكانات الضريبية" إلى أنه طالما قاربت تونس حدود إمكانياتها الضريبية، التي ترتكز قاعدة المساهمين ضمنها على الإجراء وبعض المؤسسات البترولية، فإنّ العدالة الجبائية معرّضة للخطر.

وتؤدّي تلبية الطلبات المتزايدة للمواطنين من البنية التحتيّة وتقديم خدمات عموميّة ذات جودة بحسب الدراسة إلى تعقيد عمليّة تحسين أداء العائدات الضريبيّة.

وأظهرت الوثيقة أنه يتعيّن على السلطات العمومية الحفاظ على الموارد المتأتية من الضرائب  التّي تدعم التوازنات المالية، أثناء إعداد السياسات الضريبية، مع احترام قدرة الاقتصاد ودافعي الضرائب على تحمل العبء الجبائي إلى جانب إرساء منظومة ضريبيّة عادلة.

وتعاني تونس من مستويات مرتفعة من التهرب الضريبي، حيث تشير أرقم البنك الدولي إلى أن 40% من اقتصاد تونس هو اقتصاد غير مهيكل، أو قائم على التهريب، مما يجعل من إقرار مبدأ العدل والمساواة أمام القانون الجبائي وأمام القدرة التنافسية مسألة في غاية التعقيد.

كما  أن 400 ألف من دافعي الضرائب ينضوون تحت النظام التقديري، فيما تنتفي عن الغالبية منهم شروط التمتع بهذا النظام.

المساهمون