تعد ضريبة البورصة المصرية واحدة من أبرز المؤشرات التي تكشف عن كيفية صناعة القرار في مصر، وكيف أن التصريحات الصادرة عن صندوق النقد الدولي، المقرض الرئيسي للبلاد، باتت هي الأقرب للدقة، وليست التصريحات الصادرة عن الحكومة المصرية، وأنك إذا ما أردت معرفة حجم ونسبة الضرائب والرسوم وزيادات الأسعار التي سيتم فرضها على المصريين في السنوات الثلاث المقبلة، فعليك فقط أن تقلب أوراق صندوق النقد الدولي، لا أن تعطي أذنك لتصريحات كبار المسؤولين.
ولنبدأ قصة ضرائب البورصة من أولها، ففي مايو/ أيار 2013 فرضت الحكومة ضريبة دمغة بواقع واحد في الألف على كل من المستثمرين في البورصة، وجمعت حينها أكثر من 350 مليون جنيه، لكن في يوليو/ تموز 2014 قررت الحكومة وقف العمل بالضريبة وفرض ضريبة أخرى بنسبة 10% على التوزيعات النقدية والأرباح الرأسمالية.
في ذلك الوقت أصدر السيسي قانون ضريبة الأرباح الرأسمالية ضمن خطوات شملت تعديل ضريبة الدخل من خلال فرض ضريبة على البورصة، وفرض ضريبة أخرى على الأغنياء نسبتها 5%، وتطبيق الضريبة العقارية المؤجلة، وإقرار القيمة المضافة، ثم عطل السيسي ضريبة البورصة حتى مايو 2017، بعد تصاعد ردود الأفعال الغاضبة من كبار المستثمرين في البورصة التي شهدت تراجعات حادة حينئذ، بسبب فرض تلك الضريبة.
وفي مايو/ أيار 2015 أعلنت الحكومة وقف العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية بعد اعتراضات قوية من المستثمرين وبنوك الاستثمار والقائمين على سوق المال، وحفاظاً على تنافسية سوق المال والاستثمارات به كما بررت الحكومة قرارها.
ويوم 20 سبتمبر/أيلول 2016 قال مسؤول بوزارة المالية إن الحكومة تبحث إعادة فتح ملف فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة والمجمدة حاليا، وإعادة فرض الضريبة على المستثمرين في الأسهم والسندات، الا أن مصادر حكومية سارعت ونفت ذلك، مؤكدة أنه لن يتم فرض مثل هذه الضريبة قبل مايو/ أيار 2020، وأن الحكومة ملتزمة بقرار السيسي بتأجيل فرض الضريبة لمدة 3 سنوات.
ومنتصف الشهر الماضي خرج علينا صندوق النقد الدولي ليؤكد أن مصر ستُطبق ضريبة الأرباح الرأسمالية على معاملات البورصة في موعد لا يتجاوز السنة المالية 2017-2018.
وسارعت الحكومة لتنفي كلام صندوق النقد وتعلن التزامها مجددا بقرار السيسي مد قرار تجميد العمل بالضريبة على أرباح النشاط في البورصة حتى مايو/ أيار 2020، وكذا بقرارات المجلس الأعلى للاستثمار القاضية بالتأجيل أيضاً.
لكن مسؤولا بارزا بوزارة المالية كشف يوم الخميس 23 فبراير عن سعي الحكومة لإحياء العمل بضريبة الدمغة على معاملات البورصة لتعزيز حصيلة مواردها الضريبية، وأنه في هذه المرة ستكون نسبة الضريبة أكبر من السابق، وأن البرلمان سيبحث القانون الشهر المقبل لاعتماده.
شخصياً أصدق كلام صندوق النقد الدولي وتصريحات مسؤول وزارة المالية الأخيرة الخاصة بتطبيق ضريبة البورصة.