صناعة الفسيفساء في إدلب مهنة تقليدية تفتح آفاق التصدير

17 أكتوبر 2024
إحدى ورش صناعة الفسيفساء في إدلب (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت صناعة الفسيفساء في إدلب ازدهارًا ملحوظًا، مما وفر فرص عمل لمحبي الفن التقليدي ووسع نطاقها لتشمل التصدير الخارجي، معززًا مكانتها الاقتصادية ومحسنًا دخل العديد من العائلات.
- تعتبر الفسيفساء قطاعًا حيويًا يوفر فرص عمل متعددة، بدءًا من استخراج المواد الخام إلى التصميم والتسويق، مع بروز حرفيين مثل أسامة الشيخ وروان الحسون في تطوير تصاميم جديدة تلبي أذواق العملاء الأجانب.
- تواجه الصناعة تحديات مثل صعوبة قص الحجارة وتأمين المواد الخام، لكن الحرفيين يسعون للتغلب عليها عبر تحسين تقنيات التغليف وتوسيع العلاقات التجارية الدولية.

ازدهرت صناعة الفسيفساء بشكل ملحوظ في إدلب، ما ساهم في تأمين فرص عمل لمحبي الفن التقليدي والمهتمين بالحرف اليدوية التنموية في ظل انتشار البطالة وقلة مصادر الدخل، حيث لم تعد تلبي هذه الصناعة احتياجات السوق المحلية فقط، بل ظهر توسع في توجهها نحو العالمية والتصدير الخارجي.

وتعد الفسيفساء واحدة من أهم القطاعات التي توفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لعدد كبير من السكان، بدءاً من استخراج المواد الخام مثل الحجارة، وصولاً إلى التصميم والتنفيذ والتسويق. وتشكل هذه الصناعة نافذة أمل للعديد من العائلات التي تعتمد على الحرف اليدوية التقليدية، في وقت تسعى فيه إدلب لاستعادة عافيتها الاقتصادية.

وقال أسامة الشيخ، وهو أحد الحرفيين، إن "الفسيفساء ليست مجرد عمل فني، بل هي قصة تُروى عبر الأحجار الصغيرة، وكل قطعة تحمل جزءاً من تراثنا وثقافتنا، وهذا ما يلفت الانتباه من الخارج، فهم يقدرون ما وراء الجمال ويهتمون بالتفاصيل التاريخية والثقافية".

وأضاف أن اللوحات الفسيفسائية متنوعة من حيث الألوان والجمالية العالية، حيث يتم تحديد كل لوحة بدقة وإبداع. وتتنوع بين التراث السوري القديم والتصاميم الفنية التي يمكن ربطها بين الكلاسيكية والحداثة. ويعتمد تحديد قيمة اللوحة على التصميم والدقة والمواد المستخدمة.

وأشار الشيخ إلى أن صناعة الفسيفساء وفرت له فرصة للبقاء في بلده وتحقيق دخل مستقر، حيث تعلم المهنة من عمّه وبدأ بورشة صغيرة. ولديه الآن فريق عمل يتكون من خمسة أشخاص، ويعمل بشكل مستمر على تطوير تصاميم جديدة تلبي أذواق العملاء الأجانب. وتلقى أخيراً طلبات من دول الخليج، وهو ما شجعه على التفكير في التوسع وتوظيف المزيد من العمال.

وروت روان الحسون، وهي إحدى الحرفيات العاملات في المهنة، أن صناعة الفسيفساء تشكل فرصة عمل لها منذ كانت في قريتها كفرنبل قبل النزوح. وبعد توقفها لفترة من الزمن جراء الحرب، عادت من جديد لتكون عوناً لها ولعائلتها في مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة.

تحديات صناعة الفسيفساء

ورغم التحديات التي تواجهها هذه المهنة، مثل الصعوبات في قص الحجارة الصغيرة لتناسب اللوحات المصممة، وصعوبة التصدير وتأمين المواد الخام نتيجة الظروف الراهنة، إلا أنها متمسكة مع أخريات بتطوير تقنياتها واستمرارية هذه الصناعة التي تمثل جزءاً من التراث الثقافي للمنطقة.

وأشارت إلى أن لوحات الفسيفساء في إدلب عادةً تجذب انتباه محبي الفن التقليدي والمهتمين بالحرف اليدوية، وهو ما يعزز مكانتها ويجعلها سوقاً رائجة بفضل الطلب المتزايد على اللوحات الفسيفسائية ذات التصاميم الفريدة. وهذا الأمر دفع الحرفيين لتوسيع مجالاتها لتلبية احتياجات الزبائن، ليس فقط داخل سورية، بل في دول مجاورة وحتى في أوروبا.

ويأخذ التصدير منحى متزايد الأهمية، حيث يسعى القائمون على هذه الصناعة إلى تعزيزها من خلال التعاون مع تجار دوليين، خاصةً في أوروبا ودول الخليج التي تهتم كثيراً بمثل هذه الأعمال الفنية اليدوية. ووفقاً لأحد تجار الفسيفساء المحليين، ويدعى ثابت العموري، فإن اللوحات الفسيفسائية يتم شحنها بعناية كبيرة لضمان وصولها سالمة إلى وجهاتها، ويقول: "نحن نعمل حالياً مع شركات شحن متخصصة لضمان الحفاظ على جودة المنتجات أثناء التصدير، كما أن هنالك تعاوناً مع بعض السفارات في تركيا لتسهيل إجراءات تصدير الأعمال الفنية".

ويضيف التاجر أن "زيادة الطلب من الخارج تجعلنا نفكر في طرق لتوسيع الإنتاج، بما في ذلك تدريب المزيد من الأيدي العاملة المحلية. فالتصدير لا يرفع فقط قيمة اللوحات، بل يساهم في تحسين دخل العديد من العائلات التي تعتمد على هذه المهنة".

صعوبات المهنة

وأوضح أن أسعار اللوحات الفسيفسائية في إدلب تعتبر مرآة تعكس مستوى الإتقان والجهد المبذول في كل قطعة، إذ تتفاوت الأسعار بناءً على عدة عوامل، مثل حجم اللوحة، تعقيد التصميم، ونوعية المواد المستخدمة. فاللوحات الصغيرة التي تتكون من تصاميم بسيطة يمكن أن تبدأ أسعارها من 200 وتصل إلى 500 دولار، أما الأعمال الكبيرة والمعقدة التي تضم تفاصيل دقيقة وتستغرق أسابيع من العمل، خصوصاً إذا تم استخدام مواد عالية الجودة، كالرخام أو الأحجار الكريمة، فيمكن أن تصل قيمتها إلى ما بين 5000 و10000 دولار أو أكثر، حسب الطلب".

وعن الصعوبات التي تواجه المنتجين في تصدير لوحات الفسيفساء، ذكر أنهم يواجهون صعوبات في تلبية متطلبات التصدير الرسمية، مثل المستندات الجمركية أو المعايير المطلوبة من قبل الدول المستوردة. هذه التحديات تجعلهم يعتمدون على وسطاء أو شركات متخصصة في التصدير، وهو ما يرفع تكاليف التصدير ويقلل الأرباح التي يحصلون عليها. إضافة إلى ذلك، تتطلب حماية اللوحات الفسيفسائية أثناء النقل رعاية خاصة لضمان وصولها سالمة إلى المشترين. وهذا يفرض تكاليف إضافية لتغليف اللوحات بمواد واقية، وخاصة أن العديد من هذه القطع هشّة ومعرضة للكسر أثناء الشحن إذا لم تُعامل بعناية فائقة.

ومع ذلك، يسعى العديد من الحرفيين والتجار إلى تذليل هذه العقبات من خلال إيجاد حلول مبتكرة كتحسين تقنيات التغليف، والتوسع في العلاقات التجارية الدولية عبر المعارض الفنية والمنصات الرقمية.

المساهمون