استمع إلى الملخص
- تسعى السعودية لتحويل صناعة الأزياء إلى صناعة عالمية عبر تطوير العلامات التجارية والتصدير، مستفيدة من التجارة الإلكترونية والتصميم الرقمي، مما يعزز الطلب ويجذب الاستثمارات الأجنبية.
- تدعم الحكومة السعودية الصناعة من خلال مبادرات واستثمارات، مما يعزز مكانة المملكة كمركز مهم للأزياء وفقاً لرؤية 2030، بهدف تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط.
"لم أكن أتخيل قبل عامين أنني سأتمكن من افتتاح متجري الخاص. الدعم المقدم لرواد الأعمال ساهم في تحقيق حلمي"... هكذا عبرت سارة القحطاني، مصممة أزياء سعودية، لـ"العربي الجديد" عن حالة الرواج التي يشهدها سوق الأزياء في السعودية خلال السنوات الأخيرة.
افتتحت سارة متجرها الجديد بمدينة جدة، تواكباً مع إصدار هيئة الأزياء السعودية مؤخراً، تقريرها السنوي عن حالة القطاع في المملكة، والذي كشف عن ارتفاع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.5% مقارنة بـ1.4% في العام السابق، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السعودية "واس". وفي ظل هذا النمو، سجل إسهام صناعة الأزياء في الوظائف السعودية ارتفاعاً بـ90 ألف وظيفة في عام 2023 مقارنة بعامي 2021 و2022، ليصل إجمالي الوظائف في القطاع إلى 320 ألف وظيفة، بحسب التقرير.
اللافت في هذه الأرقام هو النسبة الكبيرة لمشاركة المرأة في القوى العاملة بالمجال، إذ بلغت 52% في السعودية، مما يعكس التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها المملكة، بحسب إفادة خبيرين لـ"العربي الجديد". ولم يقتصر النمو على الوظائف فحسب، بل امتد ليشمل حجم السوق أيضاً، إذ أورد تقرير هيئة الأزياء السعودية أن قيمة السوق في عام 2023 بلغت نحو 30 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 42 مليار دولار بحلول عام 2028.
تغيرات اجتماعية واقتصادية
ويشير الخبير الاقتصادي، علي سعيد العامري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن صناعة الأزياء السعودية تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في الطلب من قبل المستهلكين المحليين، وذلك نتيجة للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها المملكة، وتتضمن رؤية المملكة استثماراً مكثفاً في قطاع الأزياء، مع تقديم حوافز للمستثمرين والشركات الرائدة في هذا المجال، كما يشير الخبير الاقتصادي علي سعيد العامري.
ويهدف التوجه السعودي إلى تحويل صناعة الأزياء المحلية إلى صناعة عالمية، مع التركيز على تطوير العلامات التجارية السعودية وتصديرها إلى الأسواق العالمية، بحسب العامري، مشيراً إلى أن التطور التكنولوجي في هذا القطاع، مثل التجارة الإلكترونية والتصميم الرقمي، يساهم كثيراً في زيادة الطلب والتسويق لصناعة الأزياء. كما أن التغيرات الاجتماعية أدت إلى زيادة اهتمام المستهلكين بالموضة والأزياء، خاصة مع توسع مشاركة المرأة السعودية في مجالات العمل والتعليم والأنشطة الاجتماعية، بحسب العامري.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يساهم ارتفاع مستوى الدخل في المملكة بزيادة القدرة الشرائية للمستهلكين في قطاع الأزياء، كما يعزز النمو الاقتصادي الطلب على السلع والخدمات، مما يجعل صناعة الأزياء أكثر جاذبية للمستثمرين، بحسب العامري، لافتاً إلى أن المملكة تشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع، والتي تساهم بدورها في نقل التكنولوجيا والخبرات وتطوير الصناعة.
ويساهم نمو صناعة الأزياء بخلق فرص عمل جديدة في مختلف المجالات المرتبطة بالصناعة، مثل التصميم والتصنيع والتسويق والتوزيع، كما يؤدي إلى زيادة الإيرادات للمستثمرين والشركات والحكومة السعودية، ويساهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين من خلال توفير السلع والخدمات بجودة أعلى وأسعار مناسبة، بحسب العامري، الذي يتوقع استمرار نمو وتطور صناعة الأزياء في السعودية خلال السنوات المقبلة، مع استمرار التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية في المملكة.
ومن شأن السياسات الحكومية الداعمة أن تساهم في تعزيز مكانة السعودية مركزاً مهماً لصناعة الأزياء في المنطقة والعالم، كما يرى العامري، متوقعاً أن تساهم صناعة الأزياء في تعزيز الاقتصاد السعودي من خلال خلق فرص عمل جديدة وزيادة الإيرادات وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، لتصبح من أهم القطاعات الاقتصادية في المملكة.
الاستثمارات والمبادرات الحكومية تدعم الأزياء في السعودية
وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن النمو الكبير بصناعة الأزياء السعودية مدفوع بعدة عوامل اقتصادية على رأسها المبادرات الحكومية والاستثمارات التي ساعدت الشركات الصغيرة والمتوسطة على النمو والاستقرار. فسوق الأزياء السعودية يتميز بوجود فرص واعدة، حيث أظهر رواد الأعمال إبداعاً ملحوظاً في هذا المجال، ومع توفر رأس المال اللازم للاستثمار، أسفرت هذه الجهود عن نتائج إيجابية تبشر بمستقبل واعد لصناعة الأزياء في المملكة، بحسب عجاقة، مؤكداً أن السوق السعودية قادر على استيعاب المزيد من التطوير.
وينوه عجاقة، في هذا الصدد، إلى ما أوردته منصة "ماغنيت" المتخصصة، إذ رصدت استثمارات كبيرة بقطاع الأزياء السعودي في العام الجاري، وبحصة كبيرة من مجمل الاستثمارات بهذا القطاع في منطقة الشرق الأوسط بأكملها. ويرى عجاقة أن التقدم الملحوظ هذا يعكس النهج الجريء الذي تتبعه المملكة في إطار رؤية السعودية 2030، إذ يعتبر قطاع الأزياء أحد القطاعات الرئيسية التي تستفيد من هذه الرؤية وتترجمها بواقعية ودقة على أرض الواقع.
ويتوقع عجاقة أن تحقق المملكة أهدافها في هذا القطاع قبل حلول عام 2030، بما يؤكد على السرعة والفعالية التي تتميز بها الجهود المبذولة في تطوير صناعة الأزياء السعودية. يشار إلى أن السعودية أسست هيئة الأزياء في فبراير/شباط 2020، بهدف وضع استراتيجية للقطاع ضمن "رؤية 2030"، التي تستهدف بالأساس تنويع اقتصاد المملكة وإيجاد بدائل حقيقية لإيرادات النفط الخام.