صناعات مصر في خطر داهم... 2020 عام التحوّل من الركود إلى التدهور

26 ديسمبر 2020
تراجع بيع المنتجات بأكثر من 50% محلياً وتصديرها إلى الشركاء التجاريين 35% (فرانس برس)
+ الخط -

تعرضت صناعات مصرية كثبرة لعدة أزمات خلال العام 2020، نتيجة تراجع مبيعاتها أكثر من 50% محلياً، وصادراتها بأكثر من 35%، والسبب الرئيسي انتشار فيروس كورونا، إضافة إلى خروج المنتج المصري من المنافسة في الأسواق الخارجية نتيجة ارتفاع تكاليف إنتاجه بسبب أسعار الطاقة المرتفعة نسبياً على المصانع.

وذكر عدد من خبراء التسويق أسبابا أخرى لهذا التراجع، منها صدور قرارات غير مدروسة كقرار وقف أعمال البناء لمدة 6 أشهر، والسماح بدخول منتجين جدد في بعض الصناعات، دونما حاجة لذلك، كصناعة الإسمنت، ما أدى لوجود فائض عن حاجة الاستهلاك يقدر بنحو 40 طنا، وعدم وجود حماية للمنتج الوطني، كما حدث في صناعة الألومنيوم.

ورفع جهاز مشروعات ‏الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع، رسوم ‏الترخيص السنوي لمحاجر الرخام والغرانيت من 120 ألف جنيه إلى 480 ألفا، إضافة إلى تحصيل 15 جنيها عن كل ‏طن رخام، و34 جنيها عن كل طن غرانيت، بعد نقل تبعية المحاجر من "المحليات" إليه.‏

ويتوقع أن ينخفض عدد المحاجر بعد سيطرة الجيش ‏عليها من 800 محجر إلى 200، كانت تغذي 2500 ‏مصنع رخام، فيما يبلغ عدد العاملين ‏المباشرين فيها نحو 150 ألف عامل.

كما تراجعت صادرات الرخام والغرانيت في النصف الأول من ‏‏2020 بنسبة 20%، مسجلة 87 مليون دولار مقابل ‏‏110 ملايين خلال الفترة المقابلة من العام 2019.

السكر

تُعاني صناعة السكر من ركود خانق ‏نتيجة تراجع المبيعات، بسبب إغراق السوق بالسكر المستورد ‏والذي وصل سعره في البورصات العالمية إلى نحو 4 ‏جنيهات للكيلو، في الوقت الذي يصل سعر تكلفة ‏إنتاجه في الشركات المصرية إلى 7 جنيهات.‏

وأشار مسؤول في وزارة الزراعة إلى أنه رغم صدور قرار بحظر ‏السكر، إلا أن القرار لم يؤثر في المبيعات ‏المحلية لوجود مخازن مكدسة بالسكر المستورد قبل صدور ‏القرار.‏

ولفت إلى أن ‏المساحات المزروعة بنجر السكر هذا الموسم، ‏تراجعت بنحو 80 ألف ‏فدان تعادل 13.3%، مسجلة 520 ألف فدان مقابل ‏‏600 ألف فدان الموسم ‏الماضي، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج بنحو 150 ألف ‏طن مسجلا ‏‏1.4 مليون طن، مقابل 1.55 مليون سنة 2019.‏

يُذكر أن مصر تستهلك حوالى 3.3 ملايين طن سكر ‏سنويا، ‏بينما يصل إنتاجها المحلي ‏من السكر (البنجر والقصب) إلى ‏‏2.3 مليون طن، ‏ويتم تلبية بقية الاحتياجات ‏بالاستيراد.‎

الجلود

يؤكد عدد من خبراء صناعة ودباغة الجلود أن مهنتهم ‏تعاني كارثة، أحد ‏مظاهرها إلقاء جلود ‏الأضاحي في ‏النفايات لأول مرة في تاريخ ‏المهنة، نتيجة ‏تراجع الطلب عليها ‏بعد السماح بإغراق السوق بالمنتجات ‏الصينية ‏المتمثلة بـ‏‏"الكوتشي".‏

وأوضحوا أن المستوردين تحايلوا لعدم فرض رسوم على المنتج ‏الكامل فاستوردوا الجزء العلوي من ‏الكوتشي فقط (الفوندي)، ‏كأحد ‏مستلزمات الإنتاج، ومعها ‏ماكينات الحقن، إذ يتم ‏حقن ‏‏"الوش" مع "النعل"، في ورش تابعة لكبار ‏المستوردين بمناطق في القاهرة والقليوبية، ‏ويخرج المنتج كاملا منافسا للصناعة ‏الوطنية، ومضيعا ‏على ‏الدولة رسوما كانت تُحصّلها على المنتج ‏الصيني كامل الصنع.‏

وأظهرت بيانات المجلس التصديري للجلود، تراجع ‏الصادرات بنحو 25.3%، إذ سجلت ‏‏78.4 ‏مليون دولار في ‏‏2019 مقابل 105 ملايين دولار خلال ‏‏2018، ‏فيما انخفضت صادرات ‏قطاع دباغة الجلود خلال ‏‏2019 ‏مسجلة نحو 74 مليون دولار مقابل ‏‏99.5 مليون ‏دولار في ‏‏2018 بانحفاض نحو 25.5%.‏

الحديد

وتراجعت صادرات الحديد 37% خلال النصف الأول 2020 مقارنة بالفترة نفسها من ‏‏2019، إذ ‏انخفضت قيمتها من 402 مليون دولار ‏إلى 252 مليونا.

وكشف مصدر مسؤول لدى غرفة الصناعات المعدنية‏ لـ"العربي الجديد" ‏أن أحد أسباب تراجع ‏صادرات الحديد يعود لارتفاع تكلفة إنتاج الطن ‏إلى نحو ‏‏550 دولارا مقارنة بالدول المنافسة، حيث يكلف إنتاج الطن ‏التركي مثلا ‏‏460 دولارا، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة للمصانع المصرية والتي تمثل 10% من تكلفة المنتج.‏

ويشير المسؤول إلى أن الحكومة تحاسب الشركات على سعر 4.5 دولارات ‏لكل ‏مليون وحدة حرارية، في حين أنه في الدول المنافسة لا يتعدى ‏الدولارين، لافتا إلى توقف نحو 40% من خطوط الإنتاج في المصانع نتيجة الركود المستحكم بالسوق العقاري.

وبلغ إنتاج الحديد بين يناير/ كانون الثاني ‏حتى ‏نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 نحو 6.6 ملايين طن، مقابل ‏‏7.4 ‏ملايين عن الفترة نفسها من 2018، بتراجع نسبته 10.8%.‏

الإسمنت

وحذرت شعبة الإسمنت في "اتحاد الصناعات المصرية" من أن تأزم الوضع الراهن ‏من دون تدخل الحكومة ‏سيدفع لخروج مزيد من الاستثمارات من ‏هذه القطاع.

وأكدوا أن أحد الأسباب الرئيسية ‏لتفاقم الأزمة في الوقت الراهن هو ‏زيادة الكميات المنتجة عن ‏حاجة السوق بنحو 40 مليون طن سنويا.‏

الرئيس التنفيذي لشركة ‏‏"لافارج ‏مصر"، سولومون بومغارتنر أفيليس، وصف قطاع الإسمنت بأنه "على حافة الهاوية". وتوقع في مؤتمر صحافي، خروج 5 أو 6 شركات عاملة في القطاع ‏بحلول العام 2021، نتيجة وجود فائض كبير في ‏الإنتاج، ‏يعادل نحو 40% من الطاقة الإنتاجية للقطاع ‏في السوق ‏المحلي.‏

وكشفت بعض شركات الإسمنت في بيانات مرسلة إلى البورصة، ‏عن تكبدها خسائر خلال النصف الأول من العام 2020، على ضوء تراجع المبيعات وزيادة المعروض عن حاجة السوق بنحو 40 مليون طن.

الألومنيوم

سجلت خسائر شركة ‏مصر ‏للألومنيوم (حكومية) نحو ‏‏1.6 مليار ‏جنيه حتى نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مقابل أرباح في العام المالي الماضي ‏بلغت 570.9 مليونا، نتيجة تراجع المبيعات وارتفاع حجم ‏الراكد في المخازن إلى 110 آلاف طن، ما أوقف ‏‏125 خلية عن العمل، وهي تمثل نحو 25% من طاقة الشركة.‏

مسؤول في الشركة قال لـ"العربي الجديد" إن ‏ارتفاع أسعار الطاقة أحد الأسباب الرئيسية وراء خسائر الشركة، ‏إذ تمثل نحو 42% من تكلفة الإنتاج، وهو ما يكلف ‏الشركة سنويا 5 مليارات جنيه تُدفع لشركة الكهرباء،‏ وكذلك تراجع الصادرات التي ‏تمثل 55% من ‏الإنتاج نتيجة تداعيات كورونا، وارتفاع تكلفة المنتج قياسا بأسعار المنافسين في بورصة المعادن.

وأظهر تقرير صادر عن المجلس التصديري ‏لمواد ‏البناء تراجع قيمة صادرات مصر من الألومنيوم خلال النصف ‏الأول من العام 2020 إلى 241 مليون دولار، نزولاً من 287 ‏مليون دولار في الفترة نفسها من 2019، بانخفاض نسبته 16%.

المساهمون