تحدق مجموعة تحديات بمزارعي محاصيل الحبوب في تونس، مع استمرار موسم الحصاد في البلاد الهادفة إلى زيادة حصة الزراعة من الناتج المحلي الإجمالي.
في منطقة "دقّة" بولاية باجة (شمال غرب)، وعلى مدى البصر، تنتشر زراعة القمح اللين والصلب إلى جانب الشعير، حيث تشتهر الولاية بزراعة أحد أنواع القمح عالي الجودة.
يقول عبد الخالق بوعقة، مهندس رئيس في ديوان الأراضي الدولية (حكومي)، إن بلاده "رفعت أسعار شراء المحاصيل من المزارعين هذا الموسم، بعد عزوف آخرين في مناطق عديدة عن زراعة الحبوب والتوجه للأشجار المثمرة، بحثاً عن العائد المرتفع".
وحددت وزارة الزراعة منتصف مايو/ أيار الماضي، سعر شرائها لقنطار القمح الصلب بـ 87 ديناراً (31.18 دولاراً)، بزيادة 5 دنانير للقنطار الواحد عن العام الماضي.
بينما يبلغ سعر قنطار القمح اللين 67 ديناراً بزيادة 8 دنانير، وثمن شراء قنطار الشعير 56 ديناراً، بزيادة 3 دنانير عن العام الماضي.
ويضيف بوعقة أن "الحبوب تعتبر ذات أهمية كبيرة بالنسبة إلينا في تونس، حيث يكون تشجيع المزارع، دون شك، مهماً لتأمين الأمن الغذائي والحفاظ على خصوصية تونس كمنتج للزراعات الكبرى كالقمح والشعير".
صعوبات عديدة
ويتابع بوعقة أن "الموسم الفلاحي الحالي واجه فيه المزارع صعوبات عديدة، كغياب الأسمدة (الفوسفات)، التي تساعد في رفع الإنتاجية والعائد، فضلاً عن ارتفاع ثمن المحروقات ورفع الدعم عنها".
وبسبب مطالب اجتماعية ومالية لعمال حقول إنتاج الفوسفات، اتجهت تونس عام 2020 للمرة الأولى في تاريخها منذ خمسينيات القرن الماضي إلى استيراده من الجزائر، لتتمكن من تصنيع الأسمدة الكيميائية.
وفي 2010، احتلت تونس المرتبة الثالثة عالمياً في إنتاج مادة الفوسفات بإجمالي 8 ملايين طن، قبل أن يشهد الإنتاج عدم استقرار في السنوات الماضية.
وفي تصريحات صحافية، قدّر المدير العام للمجمع الكيميائي التونسي (حكومي) عبد الوهاب عجرود، مجموع خسائر المجمع في الفترة بين عامي 2012 و2019 بحوالى 780 مليون دينار.
وتعتبر الأسمدة عنصراً رئيساً في زراعة الحبوب، بسبب عدم قدرة الأراضي الزراعية على توفير كامل حاجة الحبوب من العناصر، خاصة مع ضعف موسم الأمطار في بعض المناطق، واستنزاف عناصر التربة بسبب زراعتها سنوياً.
وعن المحصول في الموسم الحالي، يشدد بوعقة على أن "الموسم الحالي لا يعتبر ممطراً، لكن ولايات بنزرت وجندوبة وباجة، دائماً ما يكون الإنتاج فيها كبيراً.
ويبلغ معدل الاكتفاء الذاتي من الحبوب، وتحديداً القمح والشعير، بين 23 و25 مليون قنطار.
محصول ضعيف
مطلع الشهر الجاري، اعتبر رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (مستقل)، عبد المجيد الزار، في تصريحات إعلامية، أن "إنتاج الحبوب للموسم الحالي لن يكون قياسياً بسبب استعمال الأسمدة في 15 بالمئة فقط من المساحات المزروعة".
وأضاف الزار أن "المزارعين كذلك، لم يقوموا بترشيد المياه عبر اتباع طرق الري، حيث تنتج بعض الحقول 95 قنطاراً في الهكتار الواحد، مقابل 15 قنطاراً في الهكتار الواحد بمناطق أخرى".
يقول محمد رجايبية، عضو اتحاد الفلاحين في ولاية باجة، إن "المحصول مقارنة بالمواسم الثلاثة الماضية يمكن اعتباره ضعيفاً".
ويفسر رجايبية عدم الرضى عن إجمالي حصيلة الحبوب المتوقعة، بـ"غياب الأسمدة في فترة البذر، وسوء التجهيز للموسم الزراعي بسبب جائحة كورونا".
وأضاف أن "المزارع غالباً متضرر، فالمردود هو العامل الأساسي لنجاح الموسم الفلاحي باستعادته (المزارع) مصاريف عمله وتحقيق هامش ربح للاستمرارية وديمومة نشاطه".
ويشير إلى أن "أزمة أخرى يعانيها المزارع تتمثل باندثار البذور الأصلية للحبوب، التي تميزت بها تونس لعقود. واليوم، على المزارع انتظار إمدادات توريد الدولة من بذور أجنبية، تتغير جودتها باستمرار".
ويبلغ استهلاك تونس سنوياً من الحبوب 25 مليون قنطار من القمح (2.5 مليون طن)، منها 22 مليون قنطار للاستهلاك الآدمي، إضافة إلى 10 ملايين قنطار من الشّعير، و7 ملايين من الذرة للاستهلاك الحيواني.
ووفق توقعات رسمية لوزارة الزراعة، ينتظر أن يكون إنتاج الحبوب لهذا للموسم فوق المتوسط، بحصيلة مرتقبة في حدود 16.5 مليون قنطار، مقابل 15.3 مليوناً في الموسم الماضي، أي بزيادة 7 بالمئة.
ويتوزع الإنتاج بحسب الأنواع، بواقع القمح الصلب 10.75 ملايين قنطار، القمح اللين 1.16 مليون قنطار، الشعير 4.3 ملايين قنطار.
(الأناضول)