نجحت دولة الاحتلال في زيادة صادراتها الخارجية خلال السنوات الماضية، ووفق الأرقام، فقد بلغت قيمة تلك الصادرات ما يزيد عن 160 مليار دولار في العام الماضي 2022، مقابل 144 مليار دولار في 2021، وذلك بدعم من صادرات التكنولوجيا الفائقة والتقنيات المتطورة والحديثة مثل البرمجة والبحث والتطوير، والتي شكلت صادراتها ما يزيد عن 48% من إجمالي الصادرات الكلية، وبما يعادل أكثر من 70 مليار دولار.
كما لعبت صادرات الأسلحة وأنظمة الدفاع الإسرائيلية دورا في تحسين مستوى وقيمة صادرات دولة الاحتلال، فقد تجاوزت قيمتها 12.5 مليار دولار في العام 2022 منها نحو 25% استوردتها دول خليجية والمغرب.
قفزة الصادرات أفادت بقوة الاقتصاد الإسرائيلي في السنوات الأخيرة سواء على مستوى الحد من البطالة، وتوفير فرص عمل ضخمة لآلاف الشباب والباحثين عن فرصة عمل خاصة في قطاع الخدمات والتقنية، ودعم احتياطي النقد الأجنبي لدى بنك إسرائيل المركزي، والذي تجاوزت قيمته 200 مليار دولار قبل بداية الحرب على غزة، وزيادة معدل النمو الاقتصادي، وتقوية العملة المحلية الشيكل مقابل الدولار، وتنشيط بورصة تل أبيب.
تشوه صورة إسرائيل في الخارج، وتعامل قطاع كبير من الرأي العام العالمي على أنها دولة عنصرية، يمكن أن يؤثر سلبا على انتشار السلع الإسرائيلية
والأهم استقطاب استثمارات خارجية مباشرة قدرت بمليارات الدولارات من قبل دول وشركات عالمية كبرى ومتعددة الجنسيات تم ضخها في مشروعات عدة.
لكن منذ اندلاع الحرب على غزة يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي باتت الصادرات الإسرائيلية مهددة وفي مهب الريح، وأصيب المنتجون وسلاسل التصدير بصدمة، والأسواق بحالة ارتباك شديدة صاحبها تراجع ملحوظ في الإنتاج والشحن وظهور السوق السوداء، وتراجع أيضا في أنشطة الموانئ والمطارات مع استهدافها من قبل المقاومة الفلسطينية.
قطاع التكنولوجيا الإسرائيلية، المحرك الأول للنمو الاقتصادي والمصدر الأول للصادرات الخارجية، بات يعاني أزمات كبيرة منها النقص الحاد في العمالة بسبب استدعاء جيش الاحتلال نحو 360 ألف جندي احتياطي منذ 7 أكتوبر، علما بأن جزءا كبيرا من هؤلاء كانوا يعملون في مراكز بحوث وشركات التكنولوجيا والتقنية والأدوية والمصانع والشركات الاستثمارية داخل الأراضي المحتلة.
هذه الأزمة عمقت مشاكل صناعة التقنية المتطورة والتي استقطبت استثمارات أجنبية ضخمة داخل دولة الاحتلال، فقبل الحرب كان القطاع يعاني من أزمات أخرى منها الانخفاض الحاد في الاستثمارات بنسبة تصل إلى 70%، والتباطؤ الاقتصادي العالمي والذي أثر سلبا على تدفق الاستثمارات الخارجية، وموجة التضخم العالمية وارتفاع كلفة الأموال والإنتاج، وأزمة الإصلاح القضائي داخل دولة الاحتلال.
الحرب عمقت مشاكل صناعة التقنية المتطورة والتي استقطبت استثمارات أجنبية ضخمة في السنوات الماضية
كما أن استدعاء هذا الكم الضخم من جنود الاحتياط عقب الحرب في توقيت واحد أثر سلبا على القطاعات الإنتاجية الأخرى، بما فيها الصناعة والخدمات والزراعة والتجارة والخدمات، وهذه القطاعات روافع مهمة للصادرات الخارجية.
تمتد التأثيرات لقطاع الطاقة الإسرائيلي، فعقب الحرب أوقفت دولة الاحتلال الإنتاج في حقل تمار الذي يزود دولا عدة بالغاز الطبيعي ومنها مصر والأردن، وهوت صادرات إسرائيل من الغاز بنسبة 70% منذ أن أغلقت الحقل الشهر الماضي، بسبب مخاوف من استهدافه من قبل المقاومة الفلسطينية. علما بأن شركة "بي دي أو إسرائيل" للمحاسبة والاستشارات قدرت الخسائر الاقتصادية لإغلاق تمار بنحو 800 مليون شيكل (201 مليون دولار) شهريا.
أضف إلى ذلك أن تشوه صورة إسرائيل في الخارج، بسبب ارتكابها جرائم حرب بحق الفلسطينيين العزل وقتل آلاف الأطفال والنساء، وتعامل قطاع كبير من الرأي العام العالمي معها على أنها دولة عنصرية، يمكن أن يؤثر سلبا على انتشار السلع والمنتجات الإسرائيلية في الأسواق العالمية، خصوصا الأوروبية.
فأوروبا التي شهدت العديد من دولها مثل بريطانيا وألمانيا وإيطاليا مظاهرات ضخمة تنديدا بالحرب على غزة ودعما للقضية الفلسطينية هي أكبر شريك تجاري لإسرائيل بحصة 38%، تليها الأميركتان 35%، ثم آسيا 24%.
هذه العوامل وغيرها ستؤثر سلبا على صادرات دولة الاحتلال في الفترة المقبلة، وبالتالي على مواردها الدولارية وقوة عملة الشيكل مقابل الدولار.