بدأت كبريات شركات النفط في لبنان غلق أبوابها بعد نفاد المحروقات لديها، ما يزيد من حدة أزمة الوقود التي تخنق مختلف الأنشطة الإنتاجية والخدمية، وباتت تهدد حياة الكثيرين في الدولة التي تشهد انهياراً اقتصادياً ومعيشياً.
وأعلن ممثل موزعي المحروقات في لبنان، فادي أبو شقرا، يوم الخميس، إغلاق شركة "كورال" البريطانية أبوابها، لتتبعها شركة "توتال" الفرنسية بقرار مماثل، قبل أن تعود هذه الأخيرة عن قرارها في وقت لاحق.
واعتذرت شركة "كورال" في بيانٍ من عموم اللبنانيين وزبائنها لعدم تمكنها من تزويد المحطات التي تحمل علامتها بمادة البنزين، اعتباراً من الخميس، وذلك للمرة الأولى منذ تاريخ تأسيسها، لنفاد الكميات في مستودعاتها.
وأوضحت "كورال" أنها استوردت باخرة من مادة البنزين، نظراً للشح الكبير في الأسواق، بيد أنها لا تزال متوقفة في المياه الإقليمية منذ 11 أغسطس/آب الجاري. وفي المقابل، لم تقم الدولة اللبنانية بما هو متوجب عليها لتأمين مستلزمات التفريغ، بغية إدخال الكميات المستوردة إلى السوق.
أما "توتال" فقد عادت وأعلنت أن الباخرة المحمّلة بالمازوت والبنزين لصالحها قد بدأت بتفريغ حمولتها الأربعاء بعد الحصول على الموافقات اللازمة من "مصرف لبنان". وأكدت في بيان التزامها "التسليم الفوري" للكمية كاملة على شبكة محطاتها، مشيرة إلى أن الأخيرة ستبدأ باستلام المازوت والبنزين، كما ستفتح ابتداء من غد الجمعة.
ولم تصدر وزارة الطاقة اللبنانية حتى اليوم تسعيرة رسمية للمحروقات التي تبقى على 3900 ليرة، وذلك بعد قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفع الدعم عنها وتسعيرها على سعر الصرف في السوق السوداء، حيث إن الخلاف لا يزال قائماً، وهناك تمسك من قبل وزارة الطاقة بعدم اعتماد تسعيرة السوق السوداء، بل تسعيرة أقل منها، أو توازي تسعيرة منصة مصرف لبنان الإلكترونية.
وكان مصرف لبنان قد وافق على فتح اعتمادات جديدة لشحنتي مازوت مدعوم وفق سعر الصرف 3900 ليرة للدولار، لتأمين حاجات المستشفيات والأفران بصورة مؤقتة وأخيرة.
وقال عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس في بيان إن "الأوان آن للسلطتين السياسية والنقدية أن تتفقا، فالشعب والقطاع الاقتصادي بين فكي كماشة، والبلد يتدمّر".
وأكد البراكس أنّ مخزون مستودعات الشركات المستوردة للنفط بدأ بالنفاد، مشيراً إلى أن الموجود يكفي المحطات حتى نهاية الأسبوع. وناشد المسؤولين "إيجاد حل سريع، لأن الوضع لم يعد يحتمل".
وأضاف: "نحن ذاهبون إلى شلل تام إذا ما استمر هذا الوضع، وعلى حاكم مصرف لبنان السماح لباخرة البنزين الموجودة في عرض البحر بالتفريغ وفق الجدول المعتمد من وزارة الطاقة".
بالتزامن مع هذه التطورات، تنطلق أول سفينة من إيران إلى لبنان اليوم محملة بأطنان من المحروقات، بعدما أنجزت كل الترتيبات والمعاملات الإدارية المطلوبة، وفق ما أكد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في كلمته خلال ذكرى عاشوراء اليوم.
وقال نصر الله إن "الأولوية ستكون للمازوت، نظراً للأهمية الحياتية القصوى"، محذراً الأميركيين والاحتلال الإسرائيلي من المسّ بها، بتأكيده أنّ "السفينة التي ستبحر من إيران هي أرض لبنانية". وأضاف أن "أزمة الوقود في لبنان مفتعلة ومصطنعة وتهدف إلى إذلال اللبنانيين، وكان يمكن معالجتها لو بادرت الدولة بالحزم".
وفي السياق، أفادت "نورنيوز" الإيرانية بأن شحنات الوقود من إيران "تعتبر ممتلكات لرجال أعمال لبنانيين شيعة منذ لحظة التحميل"، حسبما نقلت عنها "رويترز".