يتركز الاهتمام في مناقشات المناخ بشكل أساسي على "الشركات الكبرى" الغربية المتهمة بالتمسك بمشاريع النفط والغاز. ولكن في الواقع، فإن الشركات الوطنية هي التي تهيمن بشكل أساسي على عالم الوقود الأحفوري، وهي جهات فاعلة قوية في السوق، في حين أنها متكتمة حيال المناخ.
وذكرت وكالة الطاقة الدولية في تقرير نشر في 23 تشرين الثاني/نوفمبر أن "الاهتمام ينصبّ في أكثر الأحيان على دور الشركات الكبرى"، في حين أنها "تمتلك أقل من 13% من إنتاج واحتياطيات النفط والغاز العالمية"، وهذا يجعلها بعيدة عن شركات النفط والغاز الوطنية التي تسيطر على "أكثر من نصف الإنتاج العالمي وما يقرب من 60% من الاحتياطيات".
تنصبّ توقعات مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي على الشركات الوطنية التي تعود ملكيتها بالكامل أو حصة كبيرة منها للدول المنتجة.
وتؤكد الوكالة الدولية للطاقة أن هذه الشركات مثلها مثل الشركات الكبرى السبع (بي بي، وشيفرون، وكوكونو فيليبس، وإيني، وإكسون موبيل، وشل، وتوتال إنيرجي) سيكون لها "دور أساسي" تؤديه في الجهود الرامية إلى تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050.
وترى الوكالة أن على جميع الشركات في هذا القطاع، وليس فقط الشركات الكبرى، أن تعمل على تقليل انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن عملياتها الإنتاجية. ويؤكد خبراؤها أن هذا "عنصر غير قابل للتفاوض".
وفي دبي، من المتوقع أن يتحدث رئيس مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "كوب28" سلطان الجابر عن هذا الموضوع، فهو أيضًا الرئيس التنفيذي لشركة النفط الإماراتية العملاقة "أدنوك".
عدد لا يحصى من الشركات
يندرج في إطار شركات النفط الوطنية عدد لا يحصى من الشركات ذات الأحجام المختلفة التي تستكشف الموارد على أراضيها، وأيضًا لحساب شركات النفط الوطنية الدولية خارج حدودها.
هناك بعض الشركات المهمة جدًا مثل أرامكو السعودية وهي أكبر منتج للنفط في العالم، وروسنفت الروسية، وسوناطراك الجزائرية، وبتروبراس البرازيلية، وبيميكس المكسيكية، وشركة سينوك الصينية، وغيرها.
وتتمتع شركات النفط الوطنية عموما بموارد "واسعة النطاق"، في مقابل تكاليف إنتاج "منخفضة بشكل عام، مما يعني أنها من المرجح أن تستمر في إنتاج النفط لفترة طويلة"، وفق ما يؤكد بن كاهيل، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية (CSIS) في واشنطن.
فهي نظرًا لهيمنتها على السوق، تؤثر بشكل مباشر على الأسعار العالمية من خلال قرارات منظمة أوبك، وتتحمل جزءًا كبيرًا من مساهمة الصناعات الأحفورية في تغير المناخ.
ولكن على عكس الشركات الكبرى التي تتعرض لضغوط متزايدة، أعلن عدد قليل جدًا من شركات النفط الوطنية عن أهداف مناخية، باستثناء الشركات الكبيرة مثل أرامكو أو أدنوك أو بتروتشاينا أو بتروبراس، التي تهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني في عملياتها في عام 2045 أو 2050.
وحدها خمس شركات وطنية، بما في ذلك شركة بتروناس الماليزية وشركة CNOOC الصينية - من أصل 21 شركة شملتها الدراسة- أعلنت عن وجود استراتيجيات تتعلق بتحول الطاقة والحاجة إلى التخفيف من المخاطر المرتبطة بأعمالها، وفقًا لتقرير صادر عن معهد حوكمة الموارد الطبيعية (NRGI).
يقول ديفيد مانلي، كبير الاقتصاديين في معهد الحوكمة "في بعض الدول النفطية، يملك النفط قوة سياسية كبيرة، لذا فإن صناعة النفط لا تريد أن ترى السيارات الكهربائية على الطرق".
ويوضح نيكولا بيرغمانز، من المعهد الدولي للتنمية المستدامة والعلاقات الدولية (IDDRI) أن "حتى عندما يكون الاقتصاد متنوعا قليلا، فإن هذه الشركات تمثل في أكثر الأحيان مصدر دخل مهمًا جدا للدولة"، بالإضافة إلى ضمان أمن الطاقة الوطني.
ويضيف أن هناك أيضا الحوكمة؛ إذ "تخضع الشركات الكبرى لمتطلبات بيئية تتضمن طلبات من الأسواق المالية والمساهمين، ولكن في حالة الشركات الوطنية، فإن المساهم هو الدولة".
ويشير ديفيد مانلي أيضًا إلى أنه "بما أنها غير مدرجة في البورصة"، فإنها لا تنشر سوى القليل عن أنشطتها، و"ليس لديها مساهمون فاعلون" للتأثير على سياستها.
ويقول كريستوف ماكغليد، رئيس قسم "إمدادات الطاقة" في الوكالة الدولية للطاقة، إن الانخفاض المعلن في الوقود الأحفوري، والذي من المتوقع أن يصل الطلب عليه إلى الذروة بحلول نهاية العقد وفقًا للوكالة، يضيف "بعدًا جديدًا لحاجة هذه البلدان إلى تنويع اقتصاداتها".
ويقول تيم غولد، كبير الاقتصاديين في الوكالة الدولية للطاقة، إن الكرة الآن في ملعب شركات النفط الوطنية الكبيرة ذات النفوذ مثل أرامكو أو أدنوك، لأن في "وسعها تحديد المسار".
(فرانس برس)