شح المياه يهدد زراعة الأرز في العراق

01 يونيو 2023
تراجع كبير في مساحات الأراضي المخصصة للأرز (فرانس برس)
+ الخط -

يعتبر محصول الأرز (الشلب) من المحاصيل الصيفية العراقية التي تحتاج في زراعتها إلى أكثر من 12 مليار متر مكعب من المياه في كل موسم، وهذا ما لا تستطيع المحافظات المنتجة توفيره بسبب ما يشهده البلد من شح المياه.

وكانت محافظتا القادسية والنجف تتصدران إنتاج هذا المحصول بنسبة 70 بالمائة من الإنتاج المحلي، إلا أن تقليص الخطة الزراعية حسب توجيهات وزارة الزراعة حالت دون استمرار إنتاج المحصول.
تبقى المشكلة الرئيسية التي تعاني منها الزراعة العراقية تتعلق بالمياه، حيث كشف وزير الموارد المائية في العراق، عون ذياب، عن تراجع خزين البلاد الاستراتيجي من المياه بمقدار 7 مليارات متر مكعب مقارنة مع صيف العام الماضي 2022.

خسائر المزارعين
قال مدير زراعة محافظة القادسية (وسط العراق)، صفاء الجنابي، إن الأراضي الزراعية المخصصة للمحاصيل الصيفية ومنها الأرز، انخفضت إلى حد كبير، بسبب الجفاف وتقليص الأراضي الزراعية وفق الخطة الزراعية الصيفية التي أعدتها وزارة الزراعة.
وأضاف الجنابي، لـ"العربي الجديد"، أن وزارة الموارد المائية أوصت بعدم زراعة المحصول في محافظتي النجف والقادسية، وقلصت المساحات الزراعية للمحاصيل الأخرى من 350 ألف دونم إلى 10 آلاف فقط.

وأشار الجنابي إلى أن الخسارة المالية التي لحقت بمزارعي الأرز (الشلب) في محافظة القادسية فقط، تقدر بأكثر من 50 مليار دينار عراقي (40 مليون دولار تقريبا).
فيما أكد المزارع عبد الرحيم سوادي، أنهم تعرّضوا لخسائر مالية كبيرة خلال هذا الموسم، بسبب شرائهم البذور اللازمة للزراعة وتهيئة متطلبات المحصول استعداداً للموسم الزراعي، إلا أنهم فوجئوا بقرارات الحكومة بتقليص المساحات الزراعية وإيقاف زراعة الأرز، الذي يعتبر مصدر دخلهم الوحيد.
وحمّل سوادي، وزارتي الزراعة والموارد المائية، مسؤولية تدهور وانهيار زراعة الأرز، بسبب عدم وجود استراتيجية وخطط مدروسة وواقعية من قبل الوزارات المعنية، فضلاً عن عدم سعيها الحقيقي لتوفير التقنيات الحديثة ومنظومات الري المتطورة، في ظل أزمة الجفاف الحادة التي يشهدها البلد.
وأكد أن استمرار الوضع على ما هو عليه ينذر بكارثة كبيرة، وفقدان زراعة الشلب الذي يعتبر ثروة وطنية ومحصولا إنتاجيا مثمرا للسوق العراقية، لأن الكثير من العائلات تُفضل الأرز العراقي أكثر من الأنواع المستوردة من الخارج.

كارثة إنتاجية
اعتبر الخبير في الاقتصاد الزراعي، عادل المختار، أن الأرز يعتبر من أهم الزراعات في العراق، ويتميز الأرز العراقي بنوعيته الجيدة والمفضلة لدى غالبية العراقيين، حيث كان الإنتاج الوطني يقدر بأكثر من 300 ألف طن سنوياً.

وأوضح المختار، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مساحات الأراضي الزراعية المخصصة للأرز انخفضت، وتراجع معها الإنتاج بنسبة 90 بالمائة عما كان عليه في السابق.
وبيّن أن الأسباب التي أدت إلى هذا الانخفاض لا تتعلق بالجفاف فقط، إنما هناك عوامل أخرى ترتبط بالتطور والحداثة في استخدام الموارد واستثمارها بالشكل الأمثل، واتباع الوسائل الحديثة في منظومات الري المتطورة، خاصة وأن الخزين المائي قد لا يكفي لنهاية العام، مما ينذر بكارثة زراعية حقيقية.
وأضاف أن التصريحات الرسمية تؤكد عدم توفر الإمكانية لرفع القدرة الزراعية، وأن الموسم الصيفي لهذا العام "مجازفة"، مؤكداً، ضرورة إيقاف بعض الزراعات ووضع آليات ودراسة جدوى للمنظومة الزراعية.
وشدد المختار على أهمية إعادة النظر في السياسات الحكومية لمواجهة أزمة الجفاف التي يشهدها العراق، فيما تشير التقارير الدولية إلى أن البلد مقبل على أزمة جفاف كبيرة لم يشهدها على مستوى العصر الحديث، على حد وصفه. وبيّن المختار أن الخطط الزراعية الحالية كانت معدة في فترات سابقة عندما كانت هناك وفرة مائية.

المساهمون