تشهد أسعار المواشي ارتفاعاً غير مسبوق في اليمن بلغ 120% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مع بدء العد التنازلي لعيد الأضحى وتسابق التجار لعرضها وتسويقها في مختلف المناطق اليمنية.
وتعيش الأسواق المحلية على وقع أزمة واسعة، وسط تأثير واضح لشحّ المراعي وتكاليف الأعلاف المرتفعة بأسعار المواشي ومستوى المعروض منها، وبروز متنامٍ لتأثيرات المضاربة والتهريب.
تاجر في سوق "نقم"، أكبر أسواق المواشي في العاصمة صنعاء، منير الوصابي، يشرح لـ"العربي الجديد"، قائلاً إن هناك مضاربين بأسعار المواشي يعملون لتجار كبار يجوبون الأسواق من منطقة إلى أخرى في اليمن، بهدف التحكم بالمعروض والأسعار رغم محدودية القدرات الشرائية للمواطنين وانتهاجهم سياسات جديدة تعتمد على الاشتراك في الأضحية الواحدة.
من جانبه، يقول أحد المتعاملين في سوق مركزي للمواشي بمدينة تعز جنوب غربي اليمن، فؤاد الشرعبي، لـ"العربي الجديد"، إن أزمة تربية المواشي التي أصبحت مكلفة بسبب تقلص مساحات وأماكن الرعي وارتفاع تكاليف البدائل، كالأعلاف، انعكست على أسعارها ومستوى تداولها، إضافة إلى تزايد نشاط المهربين من وقت مبكر قبل حلول عيد الأضحى، حيث يركزون على المواشي "البلدي" المحلية والذهاب بها إلى المنافذ البرية المتاحة وتهريبها إلى الخارج.
وتسجل أسعار المواشي المحلية أرقاماً قياسية مقارنة بالمستورد، بسبب شحّ المعروض منها، وارتفاع الطلب عليها، وخصوصاً الغنم الذي يطلق عليه "الجبلي"، نسبة إلى مناطق تربيته الجبلية مع وصوله إلى أكثر من 100 ألف ريال في صنعاء ومناطق شمال اليمن، فيما يتجاوز 140 ألف ريال في عدن وتعز والمناطق الخاضعة لإدارة الحكومة المعترف بها دولياً.
يوضح تاجر المواشي بمدينة عدن، جنوبيّ اليمن، وائل عبد المجيد، لـ"العربي الجديد"، أن الأصناف المستوردة من الصومال وإثيوبيا وجيبوتي تنافس بقوة المواشي المحلية في مثل هذه المناطق الساحلية التي لا تنتشر فيها أنشطة تربية المواشي مقارنة بالمناطق الجبلية.
وتقدَّر أحدث البيانات الصادرة عن إدارة الإحصاء والمعلومات الزراعية في وزارة الزراعة والري اطلع عليها "العربي الجديد"، حجم الثروة الحيوانية في اليمن لعام 2021 بنحو 20.9 مليون رأس، منها 9 ملايين و600 ألف رأس من الأغنام، وحوالى 9 ملايين و100 ألف رأس ماعز، إضافة إلى مليون و250 ألف بقرة و390 ألف جمل.
المحلل الاقتصادي سهيل مجاهد، يقول لـ"العربي الجديد"، إن أسعار المواشي تضاعفت كثيراً خلال السنوات القليلة الماضية بسبب القيود المفروضة على الحركة والنقل التجاري الداخلي من منطقة لأخرى وخطوط سير مليئة بالعراقيل والنقاط الخاصة بتحصيل الجبايات.
يشير المزارع ومربي المواشي، أبو بكر مكرد، في حديث لـ"العربي الجديد، إلى مشكلة انحسار المراعي وتقلص المساحات الزراعية الخضراء لأسباب عديدة، منها شحّ الأمطار وتأثير الجفاف في القطاع الزراعي.
تبلغ مساحة المراعي الطبيعية في اليمن نحو 10 ملايين هكتار موزعة على مناطق بيئية شديدة التباين، وتمثل المصدر الرئيسي لغذاء الثروة الحيوانية، حسب بيانات رسمية.
وأدى ارتفاع أسعار الأعلاف خلال سنوات الحرب في اليمن بنسبة تتجاوز 500% إلى البحث عن مصادر وبدائل أخرى من قبل العاملين في تربية المواشي، منها استخدام الحبوب، لكنه لم يكن خياراً مناسباً، لكلفته العالية.
الباحث الزراعي بسام قاسم، يشير في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى ما سبّبه انحسار المراعي من مشكلة كبيرة في مختلف المناطق اليمنية، في الوقت الذي أجبرت الأزمة المعيشية بعض المزارعين على بيع ممتلكاتهم، ومنها المواشي لتوفير الاحتياجات المعيشية والغذائية الضرورية.