سيناريو الاجتياح يدفع سكان غزة إلى جحيم معيشي: مجازر اقتصادية

16 أكتوبر 2023
سكان القطاع ينزلقون نحو كوراث معيشية (أحمد حسب الله/Getty)
+ الخط -

يدخل سكان قطاع غزة اليوم العاشر من العدوان الإسرائيلي المتواصل، وسط أزمات اقتصادية ومعيشية خانقة يعيشها أهالي القطاع، بعد أن شدّد الاحتلال من حصاره عبر إغلاق منافذ الطعام والشراب وقطع الوقود والكهرباء والإنترنت، عقب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها كتائب القسام التابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس".

ويأتي سيناريو الاجتياح البري الذي أعلن الاحتلال عن قرب تنفيذه ليدفع نحو 2.3 مليون فلسطيني يسكنون في غزة إلى قاع الجحيم المعيشي، في ظل أوضاع كارثية لمختلف القطاعات الاقتصادية في القطاع.

نفاد المخزون الغذائي والمياه
لا تزال المساعدات الإنسانية عاجزة عن دخول قطاع غزة في ظل إغلاق معبر رفح الحدودي، وأمس الأحد اصطفت عشرات الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والمساعدات الإنسانية المقدمة من مؤسسات وجمعيات مصرية إلى سكان غزة في مدينة العريش بشمال سيناء على الجانب المصري من المعبر، في انتظار السماح لها بدخول غزة التي تتعرض "لحرب إبادة" إسرائيلية أدت إلى تدمير أحياء كاملة على رؤوس سكانها.

وتسلم ممثلو الهلال الأحمر في سيناء، شحنات قافلة التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، بعد وصولها إلى مدينة العريش، وتضم القافلة 106 شاحنات محملة بكميات ضخمة من الأغذية والوقود، لكن من غير المعروف موعد السماح لها بدخول غزة.

وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن الوضع في قطاع غزة بات "حرجا جدا"، مناشدة بالسماح لإدخال أدوية ومواد إغاثية والسماح لفرقها بالعمل هناك.

وقالت المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي، كورين فلايش، إن مخزون البرنامج من الأغذية في غزة بدأ ينفد، وإنه عاجز الآن عن إدخال مزيد من الغذاء للقطاع.

وأضافت "لدينا إمدادات تكفي لإطعام 1.3 مليون شخص مكدسة على الحدود ونحتاج إلى ممرات آمنة لإدخالها".
أما وزارة الصحة في قطاع غزة فقالت إن الآلاف معرضون للموت في القطاع إذا لم يتم إدخال المساعدات الطبية اللازمة. وحذّرت من انهيار قدرات المستشفيات أمام مجازر إسرائيل.

حسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن الوضع في قطاع غزة بات "حرجا جدا"، مناشدة بالسماح لإدخال أدوية ومواد إغاثية

ووفق منظمات إنسانية، يواجه قطاع غزة منذ بدء الحرب الحالية نقصا حادا في المواد الأساسية، ولا سيما مع نفاد معظم المخزون من الطاقة والغذاء والمياه، الأمر الذي سيزداد سوءا مع الاجتياح الإسرائيلي المرتقب لغزة؛ حيث سيؤدي ذلك إلى تفاقم أزمات الغذاء والمياه تحديدا، مما يدفع معظم السكان نحو كوارث معيشية.

وأغلقت الأسواق التجارية والمحال أبوابها في ظل الهجمات الجوية العنيفة التي قام بها الاحتلال وأدى إلى تدمير معظم الأسواق التجارية والمطاعم والمخابز.

كما توقف دخول الشحنات الغذائية بعد إغلاق معبر كرم أبو سالم مع الاحتلال ومعبر رفح مع مصر، الأمر الذي أدى إلى تآكل ما تبقى من طعام في القطاع.

ووفق سلطة المياه الفلسطينية، فقد انخفضت نسبة التزود بالمياه إلى 40% بعد أن قطعت إسرائيل المياه عن القطاع، وأدى انقطاع التيار الكهربائي إلى توقف محطات التحلية شمالي غزة وفي المحافظة الوسطى عن العمل.

وأكد رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف في تصريحات أول من أمس لـ"العربي الجديد" أن هناك نقصا شديدا على صعيد المياه في ظل انقطاع التيار الكهربائي، بفعل توقف محطة التوليد الوحيدة وقطع الخطوط الكهربائية الواردة من الأراضي المحتلة عام 1948، إلى جانب إغلاق المعابر ومنع إخال الشاحنات والأغذية للقطاع. 

ويلفت رئيس المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن ما يحصل حالياً هو جريمة حرب تخالف كل الاتفاقيات والقوانين الدولية التي كفلت حقوق المدنيين خلال الحروب أو التصعيد، فضلاً عن حالة الانحياز الواضحة من قبل المجتمع الدولي مع الاحتلال وتحديدا الإدارة الأميركية.
وكان الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، قال في بيان بداية الشهر الجاري إن 4% فقط من سكان قطاع غزة يتمكنون من الحصول على مياه "مدارة بشكل آمن وخالية من التلوث"، في حين كان يحصل باقي السكان على مياه غير آمنة، وسيزداد الأمر سوءا في حال تفاقم الحرب واجتياح قوات الاحتلال لغزة بريا، وفق مراقبين.

قطع الوقود والكهرباء
مع دخول اليوم العاشر للعدوان يعيش الفلسطينيون بالقطاع في ظلام دامس معظم الأوقات، بعد أن أعلنت حكومة الاحتلال وقف إمداد قطاع غزة بالكهرباء، ما أدى إلى توقف محطة توليد كهرباء غزة الوحيدة في القطاع عن العمل.

وحذرت وزارة الصحة في وقت سابق من خطورة الوضع الصحي في قطاع غزة، بسبب منع إسرائيل وصول الوقود إلى محطات توليد الكهرباء، ما سيتسبب في تعطيل المنظومة الصحية بالكامل، ويُعرّض القطاع لكارثة إنسانية، ويكون مليونان و300 ألف مواطن غزي دون خدمات صحية.

كما يعاني القطاع الصحي من نفاد العديد من الأدوية الضرورية والإمدادات الطبية بسبب توقف الاستيراد وتشديد الحصار على غزة.

عزل السكان
استهدف الاحتلال عزل غزة عن العالم عبر ضرب قطاع الاتصالات والإنترنت. وفي هذا السياق، قالت مجموعة الاتصالات الفلسطينية في إحاطة لها حول الأوضاع في قطاع غزة، إن العدوان على قطاع غزة المستمر منذ السبت قبل الماضي، تسبب في حدوث عدة انقطاعات على المسارات الرئيسية للألياف الضوئية التي تصل قطاع غزة بالضفة الغربية ثم العالم الخارجي، ما جعل القطاع بدون شبكة محمية، وسيتسبب ذلك في توقف كامل لخدمات الاتصالات والإنترنت.
وحذرت الشركة يوم الجمعة الماضي، أنه في حال تجدد الانقطاعات والأضرار على الشبكة سيؤدي لانقطاع اتصال غزة مع الضفة، ما يعني التوقف الكامل لخدمات الاتصالات والإنترنت، وفقدان المواطنين القدرة على التواصل وعزلهم تماما.

وأوضحت مجموعة الاتصالات أنه تم تعطل 35% من عناصر الشبكة الرئيسية كالأعمدة والكوابل وخطوط الألياف الضوئية التي تربط غزة داخليا، كما تعرضت الشبكة لأضرار فادحة نتيجة الانقطاع في الكهرباء، أو حدوث أعطال في الشبكات الأرضية والهوائية، أو تدمير بعض أجهزة الشبكة، ما أثر سلبا على جودة خدمات الاتصالات والإنترنت بشكل متفاوت ما بين التقطيع إلى الانقطاع الكامل.
وأشارت إلى تعطل 35% من المقاسم الطرفية لشبكة الهاتف الثابت والإنترنت المنزلي، ما أثر بشكل كبير على نحو 40% من مشتركيها، كما مشتركي الخليوي أيضا، بسبب تعطل 30% من مواقع وأبراج الشبكة الخليوية.
وأكدت تعرض مبنى مقر الإدارة العامة لشبكة الهاتف الثابت والإنترنت المنزلي الواقع في حي الرمال للقصف، وتدمير العديد من المباني والمنشآت التابعة للشركة بشكل جزئي في أماكن متفرقة من قطاع غزة.

المساهمون