تسير كل من الولايات المتحدة الأميركية والصين في اتجاهين مختلفين لإنقاذ اقتصاديهما من الخراب الذي أحدثه فيروس كورونا. ففي حين يذهب البنك المركزي الأميركي نحو التشديد النقدي ورفع سعر الفائدة، يتوسع البنك المركزي الصيني في دعم الاقتصاد واعتماد الأدوات النقدية التيسيرية.
وتتباين أدوات عملاقي الاقتصاد بوضوح. فقد حذر المركزي الأميركي (الاحتياطي الفيدرالي)، في بيان مساء الأربعاء، من أن "الاقتصاد الأميركي لا يزال يعتمد على مسار الفيروس". فقد أوجد الوباء مجموعة مزعجة من قيود العرض والطلب التي دفعت التضخم إلى أعلى مستوى له في 40 عاماً، وأشار الفيدرالي إلى أنه "سيكون من المناسب قريباً" البدء في رفع أسعار الفائدة، لكنه توقف عن اتخاذ إجراءات فورية.
الاتجاه هو رفع الفائدة في مارس/ آذار المقبل والتوقعات اجراء 4 زيادات في 2022، ويقول دانييل دي مارتينو بوث، الرئيس التنفيذي والمدير الاستراتيجي لشركة "كويل أنتلجنس" البحثية، إنه "من غير المرجح أن تؤدي التقلبات الأخيرة في السوق إلى تحويل البنك المركزي عن استراتيجيات رفع أسعار الفائدة وخفض الميزانية العمومية التي كان يقوم بها منذ أشهر".
ويشرح بوث في حديث مع "واشنطن بوست": "مجلس الاحتياطي الفيدرالي يواجه أهون الشرين: تنفيذ تدابير السياسة اللازمة لكبح جماح التضخم المتزايد، أو المخاطرة بالحد من النشاط التجاري وسحب الأموال من اقتصاد متباطئ بالفعل. التضخم هو أكبر مخاوف الاحتياطي الفيدرالي في الوقت الحالي".
في المقابل، تحول بنك الشعب الصيني، على عكس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، إلى اعتماد التحفيز لحماية أكبر محرك نمو في العالم من ركود العقارات، وللخروج من تبعات الإغلاق وارتفاع تكاليف الاقتراض العالمية.
ويتمتع بنك الشعب الصيني باستقلالية جديدة لم يكن من الممكن تصورها قبل عقد من الزمان، والتي قد تكون حاسمة في الحفاظ على توسع الصين فوق 5 في المائة هذا العام. وأدت عقود من الإصلاح إلى تحركات أكثر حرية للسيطرة على العملة، وإلى وضع المزيد من ضوابط رأس المال الدقيقة، ما يعني أنه حتى مع مسارعة بنك الاحتياطي الفيدرالي نحو رفع سعر الفائدة لأول مرة منذ عام 2018، يتمتع البنك المركزي الصيني بالاستقلالية للتحرك في الاتجاه الآخر.
ويستعد الاقتصاد الصيني إلى جرعة ثلاثية من الدعم، من زيادة الإقراض وخفض تكاليف الاقتراض وربما خفض سعر اليوان، الذي من شأنه أن يعزز الصادرات، وفقاً لتقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية. وقام بنك الشعب الصيني بالفعل بالدفعة الأولى لخفض أسعار الفائدة، ويتوقع معظم الاقتصاديين المزيد في المستقبل. وفقاً للمعايير الصينية، الهدف هو منع استمرار الانزلاق في النمو أكثر من دفع عجلة تسارع النمو.
وإذا تمكن المركزي الصيني من تحقيق ذلك، فإن التحفيز يجب أن يعوض، على الأقل، بعض العبء على النمو العالمي من تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي. يأتي ذلك في الوقت الذي تظهر توقعات صندوق النقد الدولي أن الصين مستعدة للمساهمة بأكثر من ربع الزيادة الإجمالية في الناتج المحلي العالمي حتى عام 2026، متجاوزة حصة الولايات المتحدة البالغة 19 في المائة تقريباً.