سياحة وسط الحرب.. لبنان يعوّل على زيادة المداخيل في فترة الأعياد

30 مارس 2024
توقع حركة نشطة في الأعياد (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- المؤسسات السياحية في لبنان تعول على موسم الأعياد لتعويض خسائرها المتراكمة منذ بدء الحرب على الحدود الجنوبية، رغم التحديات المتمثلة في التسعيرات المرتفعة والتوتر الأمني الذي أثر سلبًا على جذب السياح.
- وزارة السياحة متفائلة بتحقيق حجوزات جيدة وتنشيط القطاع السياحي، مع توقعات بوصول أكثر من 300 ألف وافد في إبريل، على الرغم من المخاوف من التصعيد العسكري.
- تواجه الفنادق والمؤسسات السياحية تحديات بسبب الحرب والأضرار المادية الهائلة، لكن يُتوقع تحسنًا في بعض قطاعات السياحة مثل المقاهي والمطاعم مع قدوم المغتربين، مما يبقي الأمل في تحقيق أرباح خلال موسم الأعياد.

تعوّل المؤسسات السياحية في لبنان على موسم الأعياد الذي يجمع هذه السنة الطائفتين الإسلامية والمسيحية لتحقيق أرباحٍ تعوّض الخسائر التي يتكبّدها القطاع منذ بدء الحرب على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. إلا أن التوتر الأمني المستمر يلقي بظلاله على التوقعات والإيرادات المرتقبة من النشاط السياحي.

وعلى الرغم من أنّ المؤسسات السياحية تعتمد منذ فترة تسعيرات بالدولار مرتفعة جداً تتخطى حتى مرحلة ما قبل الانهيار المالي، في وقتٍ يشكو موظفوها من عدم إنصافهم في قيمة رواتبهم مقارنة مع قائمة الفواتير والأرباح المُحققة، بيد أنّ الحرب على الجبهة الجنوبية، ارتدّت سلباً على الحركة خصوصاً من قبل السيّاح العرب والأجانب، وسط مخاوف من توسّع رقعة المواجهات العسكرية.

تبعاً لذلك، يسود الترقّب بالدرجة الأولى حركة حجوزات السفر وأعداد الوافدين إلى بيروت في الأيام المقبلة ولا سيما اللبنانيين المقيمين العاملين في الدول العربية والخليجية الذين يحرصون في كلّ موسم أو عيد على زيارة أهلهم وعوائلهم في لبنان رغم الظروف الأمنية التي تعيشها البلاد. 

حجوزات ومغتربون 

في السياق، يقول مصدرٌ في وزارة السياحة اللبنانية لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تفاؤلاً بنسبة حجوزات جيّدة من شأنها أن تنشط القطاع السياحي والحركة الاقتصادية في البلاد، والتعويل يبقى دائماً على اللبنانيين العاملين في الدول العربية الذين لا يفوّتون مناسبة إلاّ ويأتون فيها إلى بلادهم رغم دقة الوضع".

وأشار إلى أن "هناك توقعات بأن يسجل ما يزيد عن 300 ألف وافد في شهر إبريل/نيسان المقبل، خصوصاً أن الأعياد تجمع جميع الطوائف، سواء عيدي الفصح، والفطر".

ويلفت المصدر إلى أنّ "الحركة طبعاً لن تكون شبيهة بفترة العيد، العام الماضي، وستلحظ تراجعاً، خصوصاً أنّ الأيام الأخيرة التي تسبق الأعياد شهدت تصعيداً عنيفاً هو الأخطر منذ بدء العدوان الإسرائيلي على الجنوب، وتوسعة من جانب جيش الاحتلال لضرباته لتشمل مناطق في بعلبك، الهرمل، والبقاع اللبناني، لكن مع ذلك، هناك لبنانيون سيأتون لتمضية فترة العيد مع أهلهم وسيكونون بعيدين عن الأماكن التي تعدّ ساخنة أمنياً".

ويشير المصدر إلى أنّ "المؤسسات السياحية ستحقق بعض الأرباح خلال هذه الفترة خصوصاً من السياح، ولا سيما في نطاق بيروت، والمناطق الساحلية، أما الحركة فستكون طبعاً خجولة في تلك الموجودة ضمن دائرة المناطق التي تُعد عرضة للعدوان الإسرائيلي أو على مقربة من البلدات التي تتعرض للقصف".

من جانبه، قال رئيس نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة، جان عبود، إن "حركة الحجوزات خلال فترة الأعياد نشطة، والأرقام المُسجَّلة تظهر أن الحركة النشطة تمتدّ لمدة شهر واحد". 

نسبة إشغال مرتفعة 

وتوقّع عبود في بيان له أن تسجل وتيرة الحجوزات ارتفاعاً تدريجياً منذ الآن حتى عيد الفطر، لافتاً إلى أنّ "مؤشر الإشغال في شركات الطيران الآتية من كل الدول إلى بيروت، يبلغ حوالي 90 في المائة، وسط توقعات بارتفاعه مع اقتراب عيد الفطر".

وأضاف "على الرغم من نشاط الحجوزات في فترة الأعياد، إلّا أنها سجّلت تراجعاً بنسبة تراوحت بين 10 و15 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2023".

وتابع عبود "بالنسبة إلى سفر اللبنانيين إلى الخارج خلال موسم الأعياد، فإن هذا العام سجل تراجعاً بين 20 و25 في المائة"، مشيراً إلى أن وجهة اللبنانيين الأولى هي شرم الشيخ، ومن ثم تركيا، أما المقتدرون مادياً فيتوجّهون إمّا إلى باريس أو لندن". 

تحديات فنادق لبنان 

في المقابل، يلفت رئيس اتحاد النقابات السياحية ورئيس المجلس الوطني للسياحة بيار الأشقر إلى أن "إيجابيات موسم الأعياد الحالي لن تطاول المؤسسات الفندقية، وهذا شيء مؤكد تثبته نسبة الحجوزات"، معتبراً أنه من السابق لأوانه التكهّن إذا ما كانت حركة الفنادق سترتفع في عيد الفطر.

وقال الأشقر في بيان إن "المشكلة الكبرى اليوم أن الحرب الإسرائيلية ضد لبنان تتوسع لتشمل مناطق جديدة كبعلبك والهرمل، وكل هذه الأمور تُقلق السيّاح وتبعدهم عن زيارة لبنان، في حين أن زيارة المغترب اللبناني للبلد في الأعياد لا تنعكس ايجاباً على حركة الفنادق، إذ إنّ المغترب يقيم في منزله".

وأكد أن "تأثيرات موسم الأعياد ستطاول القطاع السياحي بشكل عام حيث ستشهد بعض القطاعات تحسّناً مع قدوم آلاف المغتربين من الخارج ولا سيما قطاع المقاهي والمطاعم والملاهي".

وشدد الأشقر على أن "المؤسسات الفندقية صامدة فهي لا تملك خياراً إلاّ الصمود، علماً أن 100 في المائة من هذه المؤسسات مقفلة جزئياً بعد أحداث 8 أكتوبر، حيث أضحى البلد في حالة حرب، بعدما كانت قد شهدت تحسّناً ملحوظاً خلال العام 2023 وتحديداً حتى 7 أكتوبر من هذا العام".

وتأتي التوقعات بحركة ناشطة خلال هذه الفترة على غرار الأرقام التي سُجلت في فترة عيدي الميلاد ورأس السنة، وذلك رغم الحرب الدائرة في الجنوب اللبناني، علماً أنّ الوضع اليوم يعتبر أدق وأخطر مقارنة مع الأشهر الماضية، في ظلّ تصعيد العمليات العسكرية من جانبي "حزب الله" وجيش الاحتلال، والمخاوف الدولية من توسّع رقعة المواجهات.

وتشهد الحدود الجنوبية في لبنان مع فلسطين المحتلة مواجهات بين "حزب الله" وجيش الاحتلال منذ 8 أكتوبر الماضي، بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية على غزة، وقد أسفرت حتى اليوم عن استشهاد أكثر من 320 شخصاً، بفعل قصف الاحتلال، ونزوح ما لا يقلّ عن 90 ألف مواطن من القرى والبلدات الحدودية.

وعلى الرغم من صعوبة تقدير وإحصاء الخسائر مع استمرار القصف الإسرائيلي الذي توسّع ليطاول مناطق خارج الجنوب، خصوصاً بعلبك الهرمل والبقاع، بيد أنّ الأضرار المادية والدمار الهائل الذي لحق بالأراضي الزراعية والمباني والمنشآت والمدارس والمؤسسات والمصانع والمتاجر، وغيرها، تقدّر بمليارات الدولارات.

وتبعاً للأرقام الأولية، التي أعلن عنها وزير الاقتصاد اللبناني في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، فإنّ حجم الضرر الذي تكبّده لبنان اقتصادياً بسبب الحرب تتراوح قيمته بين 7 إلى 10 مليارات دولار.

وقد بلغ وفق حديثه حجم الأضرار في الأراضي والمنتجات الزراعية اللبنانية نحو 2.5 مليار دولار، بحسب مسح أولّي للأضرار، مشيراً إلى أن امتداد حرب غزة إلى حدود لبنان تسبّب بتعطيل جزء كبير من الحركة الاقتصادية بالكامل في الجنوب اللبناني. 

المساهمون