تسبب قرار حظر التجول الذي فرضته السلطات الكويتية في حالة ارتباك كبيرة لدى العديد من الأنشطة التجارية التي تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة في ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها الكويت، فيما تسببت الإجراءات الاحترازية التي فرضتها السلطات على أصحاب المطاعم والمتاجر في ظهور سوق سوداء لتوصيل الطلبات إلى المنازل.
وفي هذا الإطار اشتكى العديد من أصحاب المطاعم من عدم وجود عدالة في توزيع تصاريح التوصيل الممنوحة للمتاجر والجمعيات التعاونية والأسواق الموازية، فيما اضطر العديد من أصحاب الأنشطة التجارية إلى التعاقد من الباطن مع العاملين في مجال توصيل الطلبات إلى المنازل.
كذلك واجه البعض من أصحاب الأنشطة التجارية أزمة جديدة في تسرب العديد من العمالة التي لديها تصاريح لتوصيل الطلبات للمنازل، فيما قامت العديد من الشركات بمخاطبة السلطات بإلغاء تصاريح العمالة التي تلتف على ضوابط التصاريح الممنوحة للعمل سراً مع أسواق ومتاجر ومطاعم أخرى.
كما انتشرت ظاهرة توصيل طلبات أصحاب الأنشطة المنزلية، مثل الوجبات والملابس والحلويات التي يتم إعدادها في المنازل من خلال العمالة التي لديها تصاريح السير أثناء فترة حظر التجول.
تحذيرات للمخالفين
في هذا الصدد، أكد مصدر حكومي كويتي لـ "العربي الجديد" أنه تم منح 4332 تصريحاً للعمالة الموجودة لدى الأسواق التجارية والجمعيات الاستهلاكية والأسواق الموازية والمطاعم المسموح لها بالعمل خلال فترة الحظر.
وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه أنه تم التحذير في وقت سابق من أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية في حالة ضبط أي عامل يقوم بتوصيل الطلبات لأي جهة أخرى بخلاف الجهة التي يعمل لديها وتم منحه التصريح على أساسها.
والتقى مراسل "العربي الجديد" بعدد من أصحاب المطاعم في منطقة شرق في محافظة العاصمة الذين عبروا عن استيائهم من عدم وجود عدالة في توزيع أعداد التصاريح الممنوحة لعمال التوصيل إلى المنازل، كما حذروا من التحايل غير الشرعي والمخالفات التي تقوم بها بعض المطاعم التي ليس لديها تصاريح ومن جانب العمال الذين يستغلون التصاريح لزيادة دخلهم.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الكويتي بدر الهاجري لـ "العربي الجديد" إن قرار فرض حظر التجول الجزئي في الكويت لم يحقق أهدافه، حيث تواصل الكويت تسجيل أعداد كبيرة من الإصابات اليومية بفيروس كورونا، فيما تكبد أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة خسائر كبيرة جراء الحظر المفروض.
وأكد الهاجري أن إغلاق المطاعم وتقليل عدد التصاريح الممنوحة لها يزيد من أعبائها ويضر بالاقتصاد الوطني، كاشفاً عن أن هناك المئات من الأنشطة التجارية وأصحاب المطاعم الذين قرروا الإغلاق بشكل نهائي بسبب الخسائر وتراكم الديون.
وأشار إلى أن قرار تعديل ساعات حظر التجول ليبدأ من الساعة السادسة مساءً، بدلا من الساعة الخامسة والسماح بتوصيل الطلبات إلى المنازل حتى الساعة العاشرة مساء لن تكون له جدوى اقتصادية، واصفاً الخطوة بأنها تأتي ضمن الحلول الترقيعية التي تقرها الحكومة.
تشديد الإجراءات الاحترازية
ويقول عيسى عبد الرازق الذي يعمل مديراً تنفيذياً لأحد الأسواق التجارية التي تقوم ببيع وتوزيع السلع والمنتجات الغذائية في منطقة حولي، إنه لا يستطيع مراقبة العمالة التي لديها تصاريح عدم تعرض لتوصيل الطلبات في أوقات الحظر.
وأضاف عبد الرازق خلال حديثه لمراسل "العربي الجديد" أن عدد العمال الذين لديهم تصاريح 6 فقط، في حين يوجد العديد من الأنشطة التجارية التي تعد أقل حجماً حصلت على العشرات من التصاريح.
وفي وقت سابق، قرر مجلس الوزراء الكويتي فرض حظر التجول الجزئي بدءاً من تاريخ 7 مارس/ آذار الماضي لمدة شهر، فيما يبدأ سريان حظر التجول من الساعة الخامسة مساء وحتى الخامسة صباحاً، فيما بررت السلطات قرار فرض الحظر بسبب الارتفاع غير المسبوق في أعداد الإصابات بفيروس كورونا.
كذلك قررت السلطات الكويتية عدم تقديم وجبات داخل المطاعم وشددت من إجراءاتها الاحترازية.
والاثنين الماضي، أصدر مجلس الوزراء الكويتي قراراً بتعديل ساعات الحظر لتبدأ من الساعة السادسة مساء وحتى الخامسة صباحاً، كما قررت السماح بممارسة رياضة المشي من الساعة السادسة مساء وحتى الساعة الثامنة بالإضافة إلى السماح للمطاعم بتقديم الوجبات عبر خدمات التوصيل إلى المنازل حتى العاشرة مساء.
بدوره، أكد أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت عبد الله الكندري أن الحكومة فشلت في وقف التلاعب بتصاريح توصيل الطلبات إلى المنازل، مشيراً إلى أن هناك مخاطر اقتصادية وصحية نتيجة وجود سوق سوداء لتوصيل الطلبات.
وقال الكندري خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إن عدم الالتزام بالضوابط الصحية والقرارات التي أعلنت عنها وزارة التجارة والصناعة سيزيد من الفساد والإصابات بوباء كورونا، داعياً إلى تنظيم عملية منح التصاريح وتشديد الرقابة على المطاعم والأسواق التي تم منحها تصاريح لتوصيل الطلبات.