سوق رائجة لتجارة الأعلام والكوفية الفلسطينية في مصر وقطر والكويت... إنفاق على التضامن المعنوي

24 ديسمبر 2023
التضامن المعنوي الحالي مع الفلسطينيين قد يتحول إلى تضامن اقتصادي لاحقاً (الأناضول)
+ الخط -

راجت تجارة الكوفية والأعلام الفلسطينية في مصر وبعض دول الخليج العربي، لا سيما قطر والكويت، وسط إقبال كبير على شرائها من المتضامنين مع القضية الفلسطينية، في ظل عدوان الاحتلال الإسرائيلي الوحشي الحالي على قطاع غزة واعتداءاته ضد الضفة الغربية المحتلة، لتخلق أنماطاً شرائية تضامنية امتدت إلى سلع ومنتجات وأزياء فلسطينية أخرى.

ولم تعد الأسواق التقليدية من متاجر وبسطات على الأرصفة وما يحمله الباعة الجائلون المنفذ الوحيد لبيع الكوفية والعلم الفلسطيني بشكل خاص تعبيراً عن التضامن، وإنما فتحت مواقع عالمية للتجارة الإلكترونية أبوابها للاستفادة من هذا الرواج، ما حوّلها إلى ساحة للمبارزة بين المتضامنين مع غزة والمتبضعين الإسرائيليين من هذه المواقع.

في مصر، انتعشت سوق الكوفيات الفلسطينية في العديد من الأسواق في القاهرة، خاصة محال منطقة "خان الخليلي" التراثية والموسكي وبعض المراكز التجارية في مدينة نصر ومصر الجديدة، وحتى الأحياء الشعبية. ومع الزيادة الكبيرة في الإقبال على شراء هذه الكوفيات، ارتفعت أسعارها لتتراوح بين 35 و120 جنيهاً (1.13 دولار إلى 3.89 دولارات)، حسبما رصدت "العربي الجديد".

كذلك شهدت منطقة المنشية في مدينة الإسكندرية، شمالي البلاد، رواجاً مماثلاً، وأصبحت الكوفيات والأعلام الفلسطينية مصدر دخل للباعة الجائلين والمحال التجارية، فضلاً عن انتعاشها في مناطق عدة من البلاد.

وبينما دأب الكثير من المصريين على "الفصال" (أي عرض سعر أقل مما يطلبه التاجر) لدى شراء السلع أو المنتجات المختلفة، لا سيما من الباعة الجائلين أو الأسواق في المناطق الشعبية، فإن هذه الظاهرة تغيب وفق تجار وباعة جائلين لدى شراء الأعلام والكوفية الفلسطينية، كما ان التجار لا يبالغون في أسعارهم.

وكسر الكثير من المصريين في هذه الآونة حاجز الصمت الذي ساد لسنوات ماضية للتعبير جهراً عن تضامنهم مع المقاومة الفلسطينية، لا سيما مع استمرار العدوان الوحشي على غزة، وانتشار حملات مقاطعة سلع الشركات والدول الداعمة للاحتلال.

وفي بعض دول الخليج العربي، لا سيما قطر والكويت، سجل العلم الفلسطيني والكوفية حضوراً واسعاً في المتاجر والأسواق، في ظل الإقبال عليها من الجاليات العربية والإسلامية تحديداً، كما انتشرت سلع أخرى تعود إلى أصول إنتاجية فلسطينية.

ومن المنتجات الفلسطينية الرائجة في الأسواق الكويتية، بحسب رصد "العربي الجديد"، الصابون النابلسي، الذي تستورده العديد من المتاجر من مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة، ولطالما كان تصدير غالبية إنتاجه إلى المملكة الأردنية، غير أن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة أضاف إقبالاً كثيفا على شرائه بأسواق البلد الخليجي.

كما رصدت "العربي الجديد" إعلان جمعيات كويتية، منها جمعية الخالدية، عن معارض مخصصة للمنتجات الفلسطينية بمختلف أنواعها. ولسوق المباركية، الذي يقع في منطقة القبلة بالعاصمة الكويت، رمزية خاصة في هذا السياق، إذ يعد مركزاً رئيسياً لبيع المنتجات الشعبية والتراثية، وراجت فيه عمليات بيع الكوفيات والأعلام الفلسطينية بقوة في الأسابيع الأخيرة.

كما يعد سوق الجمعة أحد مراكز بيع المنتجات التراثية والشعبية في الكويت، ويتكون من مجموعة من البسطات والمحلات، ويعتبر قبلة لشراء منتجات تعبر عن الدعم والتضامن مع القضية الفلسطينية، بما فيها الملابس التي تحمل خريطة فلسطين التاريخية، من النهر إلى البحر، مشتملة على الأسماء العربية لمدنها قبل الاحتلال الإسرائيلي.

ويفتح سوق الجمعة أبوابه 3 أيام في الأسبوع، هي: الخميس والجمعة والسبت، ويقع في محافظة الفروانية، جنوبي الكويت.

وفي السوقين، يمكن العثور على الكوفيات والأعلام الفلسطينية في البسطات والمحلات على السواء، وعادةً ما يكون سعر الكوفيات في البسطات أقل من الأسعار في المتاجر الرسمية، وتتراوح أسعارها بين 4.5 دنانير كويتية (14.36 دولاراً) و5 دنانير (16.25 دولاراً).

كما رصدت "العربي الجديد" رواجاً كبيراً لبيع الكوفيات والأعلام الفلسطينية في دولة قطر، إذ تباع في جمعيات "الميرة"، وهي متاجر مملوكة للدولة موجودة في جميع الأحياء، إضافة إلى المتاجر الخاصة والمولات.

وأغلب الكوفيات والأعلام المعروضة في هذه المتاجر صناعة صينية، بينما تقدم بعض منصات التجارة الإلكترونية الكوفيات "صناعة يدوية منزلية"، وغالباً ما تكون مطرزة على يد محترفات فلسطينيات مقيمات في قطر بخامات ذات جودة أعلى، وتباع بأسعار أعلى من تلك الصينية.

وتتراوح أسعار الكوفيات الفلسطينية المصنوعة في الصين بين 20 و30 ريالاً قطرياً (5.49 و8.24 دولارات)، أما الكوفيات المطرزة يدوياً فتتراوح أسعارها بين 70 و200 ريال قطري (19.23 و54.93 دولاراً)، حسبما رصدت "العربي الجديد".

وبخلاف الرواج الذي ساد الأسواق التقليدية، سعت مواقع التجارة الإلكترونية، لا سيما الصينية، إلى اجتذاب المشترين بعرض الأعلام والكوفية الفلسطينية على منصاتها، ما أثار انتقادات إسرائيلية، وفق ما ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية مؤخراً.

ويقول الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن رواج الأعلام والكوفيات والمنتجات الفلسطينية في العديد من الدول العربية ترجمة للتعاطف الشعبي الكبير مع الفلسطينيين ضد مجازر الاحتلال الإسرائيلي، إذ يعتبره المشترون نوعاً من الدعم المعنوي، والذي قد ينتقل إلى مربع الدعم المادي حال الشراء من منتجين فلسطينيين.

ويضيف عجاقة أن هذا التطور الاقتصادي يتواكب مع الاستجابة الواسعة مع الدعوة إلى مقاطعة منتجات الشركات والدول الداعمة لإسرائيل، والتي بلغت أوجها في العديد من الدول العربية والخليجية.

ومن شأن تلك المواكبة أن تدعم سوق المنتجات المحلية البديلة عن منتجات الشركات المشمولة بحملة المقاطعة، بحسب عجاقة، الذي وصف سوق المنتجات المحلية البديلة بأنها "فرصة اقتصادية" لدعم اقتصادي محلي.

كما يرى الخبير الاقتصادي، محمد الناير، أن رواج سوق الكوفيات والمنتجات الفلسطينية بوجه عام أتاح فرصاً تجارية وأخرج بعض الأسواق من الركود الذي خيم عليها أخيراً، مشيراً إلى أن حالة التضامن الحالية التي خلقت سوقاً موسمية للسلع الفلسطينية قد تتحول إلى فرص دائمة مستقبلاً، خاصة أن معظم المنتجات هي مشغولات يدوية وفي متناول التصنيع السهل ولا تحتاج إلى إمكانات كبيرة.

المساهمون