من عبء اقتصادي يكلف الميزانية نحو 8 مليارات ريال (2.13 مليار ولار) سنوياً إلى "كنز" ينعش خزانة السعودية بأضعاف هذه القيمة، إذ تعمل الدولة الخليجية الغنية على تحويل "النفايات" من تهديد إلى فرص استثمارية واعدة.
يعد القطاع بمثابة "سوق بكر" في المملكة، إذا لا تتجاوز نسبة تدوير النفايات حالياً 5%، حسبما نقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) أخيراً عن نائب وزير البيئة والمياه والزراعة منصور بن هلال المشيطي. بينما أشارت دراسة حديثة للبنك الدولي إلى أن عدم تدوير النفايات في الدولة الخليجية يحملها كلفاً بيئية واقتصادية تصل إلى 86 مليار ريال (22.9 مليار دولار).
لذلك، حددت السعودية في استراتيجية لإدارة النفايات 25 مجموعة جغرافية تشمل كافة مناطق المملكة، يجرى فيها إطلاق فرص استثمارية تباعاً لتدوير النفايات. وشهدت العاصمة الرياض نهاية فبراير/ شباط الماضي منتدى للاستثمار في هذا القطاع، حيث جرى طرح فرص استثمارية في نحو 8 مناطق فقط بالرياض بقيمة تتجاوز 21 مليار دولار.
ووقع المركز الوطني لإدارة النفايات بالمملكة مذكرة تفاهم، في 27 فبراير/ شباط الماضي، مع شركة "داون تاون"، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة السعودي (الصندوق السيادي)، للتعاون في البرامج والمبادرات الخاصة بإدارة النفايات.
ولدى "داون تاون" استراتيجية لتطوير وإنشاء مشروعات حضرية ذات أثر اقتصادي واجتماعي مستدام في 12 مدينة في السعودية. ومن المقرر استبعاد 82% من جميع أنواع مكبات النفايات في المملكة بحلول عام 2035، عبر تحويلها إلى مناطق استثمار رئيسية تعتمد على الموارد وفقاً لمبادئ الاقتصاد الدائري.
وتروج المملكة لهذا النموذج باعتباره صديقاً للبيئة في المحافل الدولية، وآخرها مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 27) الذي أقيم في مدينة شرم الشيخ المصرية في الفترة من 6 حتى 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022. لكن هذه الرؤية تلقى معارضة قوية في أوساط علماء المناخ وخبراء البيئة، التي ترى أنّ السعودية والدول النفطية تسعى إلى تشتيت انتباه العالم لمواصلة عملها في قطاع الوقود الأحفوري.
ويرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أنه يمكن للسعودية جذب استثمارات أجنبية كبيرة لتدوير النفايات، بخاصة أنّ حجم سوق هذا القطاع عالمياً يصل إلى 400 مليار دولار، مشيراً إلى أنّ يمكن تحقيق فائدة مزدوجة، إذ يساهم هذا النوع من الاستثمار في تحقيق مكاسب، فضلاً عن تخليص البيئة من آثار الانبعاثات الضارة.
ويشير "عايش"، لـ "العربي الجديد"، إلى أن التوقعات بشأن نمو قطاع النفايات عالميا تدور حول نسبة 5% سنويا، بما يعني سوق النفايات يتحول إلى قطاع اقتصادي عالمي.
من هنا كان الاهتمام السعودي بالاستثمار في قطاع النفايات، هو في الواقع اهتمام بالمستقبل، رغم أنه إسهامه المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي لن يزيد على 3% عام 2035، لكن هذه النسبة مرشحة لزيادة كبيرة في سياق وتيرة النمو الكبيرة للقطاعات غير النفطية بالمملكة، بحسب "عايش".
ويؤكد الخبير الاقتصادي أن تطورات الطلب على النفط في عامي 2021 و2022 تحتم على السعودية تسريع التحول إلى قطاعات اقتصادية جديدة لا تكون مستظلة بإيرادات النفط وتقلباتها، ويمثل قطاع تدوير النفايات أحد المسهمات المهمة في هذا التسريع.