يجهد كثير من السوريين في ظلّ تدهور أوضاعهم الاقتصادية بالبحث عن البدائل عن أبسط الاحتياجات الأساسية.
فإلى جانب همومهم في البحث عن بدائل محروقات التدفئة والكهرباء والكثير من أطباق الأطعمة التقليدية التي يفتقدها، ازداد الإقبال، خلال الفترة الأخيرة، على بدائل مواد التنظيف المصنعة بشكل بدائي مجهولة المصدر، بسبب فوارق الأسعار بالرغم من قلة الفاعلية وأضرارها الجانبية التي حذر من مخاطرها مختصون.
فاتورة المنظفات المرتفعة
وفي هذا السياق، قالت المواطنة السورية هنادي بدر (32 عاماً)، وهي موظفة وربة أسرة مكونة من أربعة أفراد، لـ"العربي الجديد": "باتت فاتورة المنظفات الشهرية تكلف مبلغاً لا يستهان به، فقارورة شامبو متوسطة الحجم ثمنها عشرة آلاف ليرة سورية، ومعجون الجلي بـ7 آلاف ليرة والسائل بحدود عشرة آلاف ليرة، والصابونة الواحدة متوسط سعرها ألف وخمسمائة ليرة (سعر صرف الدولار الواحد = نحو 3500 ليرة) والمنزل يحتاج إلى 6 قطع على الأقل".
وتابعت: "نحتاج مواد نظافة أخرى مثل الكلور ومسحوق غسيل الثياب، وبالتالي ليس لدينا خيار أخر، فإما أن نستغني عن جزء من النظافة أو نستبدل تلك المواد بمواد أرخص".
أضافت المواطنة السورية: "أصبحت مواد التنظيف المصنعة شعبياً منتشرة بشكل كبير في المتاجر وعلى البسطات في الشوارع، وغالباً ما تجد من يشترون تلك المواد، خصوصاً من يستطيعون الحصول على ما يحتاجون إليه وإن بكميات قليلة، لاحتياجاتهم اليومية ليس أكثر، إذ إنّ دخل كثيرين يومي وغير منتظم".
من جانبه، قال زياد الحاج (43 عاماً)، وهو عامل في ورشة خياطة بدمشق، لـ"العربي الجديد": "منذ نحو عامين، نستعمل مواد التنظيف الشعبية التي لا تحمل أسماء ماركات معروفة، وحتى لو أخذت احتياجاتي من ذات المكان، تختلف الجودة كلّ مرة، وفي بعض الأحيان نحصل على مواد أشبه بالماء من دون أيّ فاعلية". تابع الحاج بهذا الخصوص: "زوجتي تشتكي من سوء فاعلية المواد وتضطر لزيادة الكمية حتى تحصل على الفاعلية" معتبراً أنّ "المشكلة أنّ بعض تلك المواد سببت الحساسية للأطفال، ما اضطرنا لشراء أدوية لهم، بالرغم من ذلك كنا نغير المحل الذي نشتري منه تلك المواد ونبحث عن غيره، بالاعتماد على شهادة الجيران أو الأصدقاء، بأنّ هناك دكاناً أو شخصاً يبيع مواد تنظيف ذات نوعية جيدة".
منتجات متنوعة على الأرصفة
من يسر في الأحياء الشعبية ضمن العاصمة السورية فسيشاهد بوضوح انتشار تلك المواد، التي غالبا ما تعرض أمام المحال والبسطات بعبوات بلاستيكية، منها ما هو شفاف ومنها ما هو ملون، بل أصبحت هناك متاجر خاصة بتلك المواد إلى جانب المناديل الورقية والحفاضات للأطفال والكبار، وجميعها تباع بالكيلو دون معرفة الجهة المصنعة وتتفاوت الجودة بينها.
وفي هذا السياق، قال صاحب متجر لبيع مواد التنظيف الشعبية، مروان زين الدين، لـ"العربي الجديد": "هناك إقبال على شراء تلك المواد من الناس، التي تبحث عن التوفير، في ظل ضيق الحال الذي تعيش به معظم الأسر". وأضاف: "رغم أنّني أحصل على مواد التنظيف من ذات المصدر، وهي ورشة صغيرة في المنطقة، تختلف الجودة بين مرة وأخرى، وهم يعيدون الأمر إلى عدم توفر مواد جيدة في كل مرة، لكن بالمقابل، الغش بتلك المواد قائم وبشكل كبير، وقد تورطت سابقاً في شراء مواد غير ذات فاعلية".
من جانبه، حذر طبيب أمراض جلدية يعمل في دمشق، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب خاصة، في حديث مع "العربي الجديد"، من استخدام مواد التنظيف غير الخاضعة لمعايير التصنيع العلمية، قائلاً: "للأسف من يعمل في تصنيع تلك المواد غالباً لا يستند إلى معرفة علمية ولا يقدّر مخاطر التلاعب بنسب المواد المستخدمة في تصنيعها، فهي تحتوي ضمن مركباتها على مواد كيميائية خطرة منها مادة التكسابون وحمض السلفونيك الذي يعرف بالزفتة، إضافة إلى مركب قلوي يسمى القطرونة".
وأضاف: "كثير من الحالات تأتينا، خصوصاً السيدات، تكون مصابة بحساسية أو تسمم أو حروق جراء استخدام تلك المواد، وهناك حالات تتصاحب مع مشاكل في القصبة الهوائية، لكنّ انخفاض ثمن تلك المواد يدفع الناس الى استخدامها". ولفت إلى أنّ "من يعمل بتصنيع تلك المواد معرّض أيضاً إلى مخاطر كبيرة جراء استخدامه مواد كيميائية خطرة في غياب أي معايير للسلامة".