يشهد موسم القمح هذا العام تنافسا بين الحكومات المسيطرة في مختلف أنحاء سورية مع بداية موسم الحصاد، إذ طرحت هذه الجهات حتى اليوم ثلاثة أسعار رسمية مختلفة للشراء من الفلاحين.
ويوم السبت الماضي، أعلنت وزارة الاقتصاد في حكومة "الإنقاذ" العاملة في محافظة إدلب وأجزاء من ريف حلب عن سعر شراء القمح القاسي من مزارعي المنطقة خلال الموسم الحالي.
وذكرت حكومة الإنقاذ في بيان صدر عنها، أنه بناء على اجتماع عقد بين وزير الزراعة والري، محمد الأحمد، مع الاتحاد العام للفلاحين وفعاليات زراعية وتجارية في المنطقة، تم تحديد سعر شراء طن القمح القاسي درجة أولى من الفلاحين بسعر 300 دولار أميركي للطن (قرابة 990 ليرة سورية لسعر الكيلو وفق سعر الدولار المحلي).
وبحسب القرار كلفت المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب بوضع التعليمات التوضيحية اللازمة لتطبيق القرار.
وسبق أن حددت حكومة الإنقاذ سعر شراء طن القمح في الموسم الماضي بسعر 240 دولارا أميركيا، وسجل سعر صرف الدولار اليوم في إدلب 3230 ليرة.
وفي وقت سابق نقل موقع "تلفزيون سوريا" عن المهندس أحمد الكوان معاون وزير الزراعة والري في حكومة الإنقاذ بإدلب، أن المساحة المزروعة بمحصول القمح لموسم 2021 في إدلب ومحيطها عبر الأمطار تصل إلى 4507 هكتارات، ومساحة القمح البعل 5281 هكتارا.
وتقدر حكومة "الإنقاذ" أن يكون إنتاج إجمالي المساحة (9788 هكتارا)، 34 ألف طن من القمح.
وحول ملائمة الأسعار التي طرحتها "الإنقاذ" للفلاحين قال مزاحم برهوم، وهو فلاح من قرى سهل الغاب بريف حماه إن العرض الذي قدمته "الإنقاذ" لا يتلاءم أبدا مع تكاليف الإنتاج، ولا يحقق هامش ربح يعوض الفلاحين عن موسم طويل من العناء.
وأوضح "برهوم" في حديثه لـ "العربي الجديد" أن معظم الأراضي البعلية لم تنتج هذا العام كمية جيدة من القمح، في حين أن المروية كانت تكاليف إنتاجها عالية، بسبب تسعيرها بالدولار والليرة التركية وانقطاع المياه المتكرر وغلاء أسعار وسائل النقل.
وأشار المصدر ذاته إلى أن هذه الأسعار لو كانت الأحوال طبيعية والإنتاج كالمعتاد فستكون جيدة، لكن بالنظر إلى الإنتاج الضئيل وتأثير الجفاف وقلة المحصول فإن الفلاح لن يعوض موسمه الطويل بهذه الأسعار.
ويواجه موسم الحبوب في إدلب هذا العام مصاعب كبيرة وفق الناشط الإعلامي في إدلب، بلال بيوش، بسبب استهداف قوات النظام بشكل مستمر ومتعمد الأراضي الزراعية وإحراقها واستهداف المزارعين والحصادات بالصواريخ الحرارية.
ويرى بيوش أن التنافس على موسم القمح هذا العام سيرفع أسعار السوق السوداء بشكل أكبر، مرجحا أن يلجأ عدد كبير من المزارعين لعدم بيع القمح بهذه الأسعار حاليا.
وكانت فرق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) قد اتهمت في بيان صدر عنها السبت الماضي قوات النظام بشن حرب غذاء على سكان الشمال السوري في مناطق المعارضة من خلال تعمد إحراق محاصيل القمح.
وبث ناشطون في المنطقة، يوم أمس، صورا ومقاطع مصورة تظهر اندلاع حرائق ضخمة في الأراضي المزروعة بالقمح في سهل الغاب غرب حماة، في حين أعلن الدفاع المدني أنه سجل ما لا يقل عن 21 حريقا خلال أقل من شهر في أراض زراعية بالمنطقة.
ووفق الأسعار التي أعلنت حتى الآن، فإن الإدارة الذاتية في مناطق شمال وشرق سورية هي من طرحت السعر الأعلى لشراء القمح من الفلاحين بمبلغ 1150 ليرة سورية للكيلوغرام، في حين رفعت حكومة النظام السوري سعر محصول القمح المتسلّم من الفلاحين لموسم العام الحالي من 550 ليرة إلى 900 ليرة سورية.
يواجه موسم الحبوب في إدلب هذا العام مصاعب كبيرة وفق الناشط الإعلامي في إدلب، بلال بيوش، بسبب استهداف قوات النظام بشكل مستمر ومتعمد الأراضي الزراعية وإحراقها
وسبق أن صرّح سلمان بارودو، الرئيس المشارك لهيئة الاقتصاد والزراعة في "الإدارة الذاتية"، لموقع "العربي الجديد"، أن "الإدارة الذاتية تتوقع أن يتراوح الإنتاج هذا العام في مناطق شمال وشرق سورية بين 500 و600 ألف طن.
وتوضح أرقام وزارتي الزراعة والتجارة في حكومة النظام أن إنتاج سورية من القمح بلغ 3 ملايين و900 ألف طن قبل عام 2011، إلا أنه تراجع بشكل كبير لاحقا، ووصل إلى قرابة 1.2 مليون طن في عام 2018 حين تحولت سورية إلى بلد مستورد بعد أن كانت تحقق الاكتفاء الذاتي. وتعاني مختلف المحافظات السورية من أزمة خبز متواصلة طوال الأشهر الأخيرة.