تشهد الأسواق السورية مخاوف من تقلب سعر الصرف، بعد التحسن الكبير وغير المبرر اقتصادياً، كما يقول مختصون، ما انعكس على الأسواق جموداً وثباتاً بمعظم الأسعار، رغم انخفاض سعر الدولار من أكثر من 4 آلاف ليرة وصل إليها الشهر الماضي، إلى نحو 2950 ليرة حالياً.
وتقول مصادر من دمشق، طلبت عدم ذكر اسمها، إنّ ما يجري "هو تحسن الوضع الاقتصادي على الورق" لأنّ الأسعار لم تتراجع، على الأقل بنسبة 50% مما تحسن عليه سعر الصرف"، مشيرة إلى أنّ أسعار مستلزمات شهر رمضان، لم تشهد أيّ تراجع، بل توقفت الشركات الحكومية أيضاً عن البيع بأسعار مخفّضة.
وما زالت أسعار الخضروات والفواكه "أضعاف القدرة الشرائية للسوريين" إذ عاود الباذنجان الارتفاع إلى 1600 ليرة للكيلوغرام، ووصل سعر الفلفل الأخضر إلى 4 آلاف ليرة، والفاصولياء إلى 2500 ليرة، والخيار إلى 1600 ليرة، مع انخفاض بسيط بسعر البندورة (طماطم) والبطاطا، بحسب المصادر.
وحول أسعار الفواكه، تشير المصادر إلى أنّها خارجة عن اهتمام السوريين "بواقع محدودية الدخل وارتفاع الأسعار" فسعر كيلو البرتقال نحو 1500 ليرة، والموز 2000 ليرة، والتفاح 1500 ليرة.
وفي هذا السياق، يقول الاقتصادي السوري، حسين جميل، لـ"العربي الجديد" إنّ ما تشهده الأسواق السورية حالياً، هو "الإدارة بالعصا" وهذا الشكل لا يمكن أن يستمر، لأنّ تكاليف الإنتاج أعلى من الأسعار الرسمية التي حددتها حكومة رئيس النظام، بشار الأسد، وتلزم الباعة بها: "لذلك، نرى التفافاً من خلال وضع تصنيفات عدة للسلعة الواحدة أو إغلاق المحال خشية الخسائر أو السجن".
ويستدل جميل على جمود حركة الأسواق بالذهب والبورصة، فهما برأيه مؤشر يمكن الركون إليه، فتداولات بورصة دمشق تراوحت خلال الأيام الماضية بين 20 و50 مليون ليرة "لم تشمل الصفقات سوى شركة الإسمنت وثلاثة مصارف" كما أنّ جمود سوق الذهب، رغم انخفاض السعر النظري، مؤشر على المخاوف وعدم المجازفة بأيّ مكتنزات قبل وضوح الموقف الدولي من الانتخابات واستمرار بشار الأسد، بحسب جميل.
وكان نقيب صاغة اللاذقية، مروان شريقي قد أكد، الأحد الماضي، أنّ "هناك حالة من الركود في سوق الذهب، وحركة البيع والشراء خفيفة عموماً" مضيفاً، في تصريحات صحافية، أنّ غياب الاستقرار بسعر غرام الذهب عند رقم ثابت، يسهم في حالة الركود الحاصلة، رغم أنّ سعر غرام الذهب هبط إلى 140 ألف ليرة، وهو أدنى سعر منذ فبراير/ شباط الماضي.
وشهدت الليرة السورية تحسناً بأكثر من 30% خلال شهر، بسبب الحلول والملاحقات الأمنية ورفع سعر الدولار الرسمي ودولار الحوالات إلى ما يقارب السعر الرسمي.
وتتوقع مصادر من دمشق في حديثها لـ"العربي الجديد" استمرار تحسن سعر صرف الليرة قبل موعد الانتخابات الرئاسية المحددة في 28 مايو/ أيار المقبل، خصوصاً بعد السماح لبعض شركات الصرافة بتسليم الحوالات الخارجية بالدولار، مشيرة إلى ارتفاع الحوالات من الخارج خلال شهر رمضان لتتعدى 7 ملايين دولار يومياً، وهي برأيها السبب الأهم في معادلة العرض النقدي بالسوق السورية.
وكانت شركة "المتحدة للصرافة" قد أعلنت، الأحد الماضي، عن إمكانية تسليم الحوالات الخارجية بالدولار، مؤكدة عبر بيان على صفحتها الرسمية في "فيسبوك" تسليم الحوالات "حسب العملة التي يطلبها مرسل الحوالة".
وكان المصرف المركزي بدمشق، قد رفع، في 15 إبريل/ نيسان الجاري، سعر الدولار الرسمي من 1256 ليرة إلى 2512 ليرة، كما ضاعف سعر الحوالات الخارجية لتبلغ 2500 ليرة للدولار، بعد يومين من إقالة الأسد حاكم المصرف السابق، حازم قرفول، وتعيين النائب الثاني بالمصرف المركزي، محمد عصام هزيمة، حاكماً للمصرف.
يشار إلى أنّ المواطنين في مناطق النظام يعانون من العديد من الأزمات جراء نقص كبير في الوقود والخبز، في ظلّ ارتفاع كبير بالأسعار في حين يزداد الفقر. آخر الأزمات كشف عنها مدير عمليات الغاز في المحروقات أحمد حسون، إذ صرح، بداية الأسبوع الماضي، أنّ حجم النقص في الغاز المنزلي يتراوح بين 15 و20 في المائة والسبب يعود لضعف التوريدات، مبيناً أنّ حاجة المحافظات كافة تبلغ 3 ملايين أسطوانة في الوجبة الواحدة، في حين أنّ المتوفر حالياً هو 2.2 مليون أسطوانة، واعداً المستهلكين بعودة الأمور إلى طبيعتها عند انتظام التوريدات.