يعيش الدمشقيون صراعاً يومياً مع سائقي وسائل النقل في العاصمة السورية دمشق، جراء عدم التزام السائقين التسعيرة الرسمية، معتبرين أنها غير عادلة، فيما يشكو المواطنون ارتفاع التعرفة بالنسبة إلى دخولهم.
وفي المقابل، يكتفي النظام بتفعيل ثقافة الشكوى التي يجني من ورائها المزيد من المخالفات، معلناً توقيف نحو خمسة سائقين يومياً.
جميع وسائل النقل العامة تأخذ تعرفة أكبر من التعرفة الرسمية بنسب تراوح ما بين 50 - 100%، بحسب أبو رضوان إبراهيم (42 عاماً)، موظف في إحدى المؤسسات العامة، قائلاً لـ"العربي الجديد": "باصات النقل العام التي يبلغ طول خط سيرها أقل من 3 كم تسعيرتها 75 ليرة تتقاضى 150 ليرة (الدولار = نحو 3200 ليرة)، والحافلات التي تعرفتها 100 ليرة وخط سيرها أكثر من 3 كم تتقاضى 200 ليرة، وفي أوقات الذروة تجد بعض وسائل النقل تتقاضى أكثر من هذه النسب".
وأضاف: "أجور النقل بالنسبة إلى المواطن الذي راتبه في مؤسسات الدولة بحدود 75 ألف ليرة تعتبر مرتفعة جداً، فالشخص الواحد إذا كان يريد استقلال باص واحد ذهاباً وإياباً مرة واحدة في اليوم يتكلف 8800 ليرة شهرياً، وغالباً يحتاج المواطن في دمشق باصين للانتقال من أطراف دمشق إلى مركز العاصمة أو تجمّع الجامعات، ما يعني أن الشخص يحتاج إلى 17600 ليرة".
ومتوسط عدد أفراد العائلة السورية 5 أفراد إذا كان ثلاثة أفراد منهم بحاجة إلى مواصلات ما بين عمل وجامعة ومدرسة، يحتاجون 52800 ليرة، هذا إذا لم يكن لدى العائلة حاجة إلى الذهاب إلى السوق أو القيام بزيارة اجتماعية، وهنا لم نتحدث عن تعرفة سيارة الأجرة، التي أغفلت بشكل مطلق العدادات وتأخذ تعرفة أضعاف التعرفة الرسمية، بحسب إبراهيم.
من جانبه، قال أبو مازن بكر (40 عاماً)، سائق سرفيس نقل داخلي في دمشق: "اليوم نعمل ولا نستطيع الحصول على رغيف الخبز، فما ننتجه في اليوم لا يؤمن ثمن طعام لعائلتي، المصروف اليومي أكبر بكثير من المطلوب، وذلك بسبب قلة الأجور، فعملي طوال اليوم لا يكفيني، والسرفيس كان يعيش منه أربع عائلات، اليوم الأسعار ترتفع وإنتاجنا يقل".
وتابع: "اليوم نحن مجبرون على رفع تعرفة النقل أكثر من التعرفة الرسمية، لأن مقياس الدخل الموضوعة على أساسه التعرفة، لا يكفي اليوم احتياجات شخص واحد، فكيف إذا كان هناك عائلة فيها طلاب؟ اليوم الدولة تريد تحديد دخل للعائلة 100 ألف ليرة وهي على الأقل بحاجة إلى مليون ليرة".
أبو مازن بكر سائق سرفيس: "اليوم نعمل ولا نستطيع الحصول على رغيف الخبز، فما ننتجه في اليوم لا يؤمن ثمن طعام لعائلتي، المصروف اليومي أكبر بكثير من المطلوب"
ورأى أن "النظام يضع الناس أمام بعضهم، فالدولة لا ترفع رواتب الموظفين، وتضع تعرفة قليلة، وتشجع الناس على الشكوى، فكل يوم نتعرض للعديد من الصدامات حول التعرفة، أنا أشرح سبب رفع التعرفة وأن الغلاء طاول كل شيء، وهو يشكو لي ضعف دخله وأنه لا يكفيه، منهم من يتعاطف معي أو أن أسامحه، ومنهم من يذهب ويقدم شكوى في فرع المرور".
بدوره، قال رئيس نيابة محكمة السير في دمشق، مهند خلّو آغا، إنه يومياً يجري توقيف نحو خمسة سائقي سرافيس وتكاسي (سيارات أجرة) لتقاضيهم أجرة زائدة بعد تطبيق التعرفة الجديدة، مؤكداً وجود ارتفاع في عدد الموقوفين الذين يتقاضون أجرة زائدة بعد تطبيق التعرفة الجديدة.
ولفت، في تصريح نشرته صحيفة محلية، إلى أن السائق المخالف يُحاكَم ولا يُخلى سبيله إلا بعد 10 أيام من توقيفه، وهو الحد الأدنى للعقوبة وفي حال تكراره المخالفة، فإنه يوقف كامل العقوبة، وهي شهر.
يشار إلى أنّ غالبية السوريين تعاني من تردي الأوضاع المعيشية جراء ضعف الدخول وقلة فرص العمل والغلاء الفاحش وانتشار الفقر، فيما تحول أكثر من نصف المجتمع السوري إلى ما بين نازح ولاجئ، جراء نحو 10 سنوات من الصراع العسكري والقصف.