أدّت التخبطات في القرارات الاقتصادية للنظام السوري أخيراً، خاصة رفع أسعار المحروقات، إلى تراجع كثير من الصناعات والإنتاج المحلي لسلع وغلاء أخرى. وارتفعت أجور النقل والمواد التموينية ومنها الخضار والفواكه، التي تراجعت زراعتها في العام الحالي بنسبة تراوح بين 60 و70 في المئة عن الأعوام السابقة.
وقال عضو لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه بدمشق محمد العقاد، لصحيفة "الوطن" المقربة من النظام، إن كلفة زراعة الخضار والفواكه باتت مرتفعة حالياً، الأمر الذي انعكس سلباً على أسعارها، لافتاً إلى أن المزارع يضطر إلى شراء ليتر المازوت من السوق السوداء بسعر ثلاثة آلاف ليرة. وأكد أن زراعة الخضار والفواكه في العام الحالي هي أقل من الأعوام السابقة بنسبة تراوح بين 60 و70 بالمئة، وأن سبب انخفاض نسبة الزراعة يعود لارتفاع التكاليف، فقد أصبح المزارع عند بيع إنتاجه لا يستطيع تغطية الكلفة التي يدفعها عند الزراعة.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي أحمد سليمان، لـ"العربي الجديد"، إن عدم تشجيع النظام على الزراعة وعدم اهتمامه بالمزارعين هو أحد أسباب تراجع المزروعات المحلية وارتفاع أسعارها في السوق، يضاف إلى كل ذلك قرار رفع أسعار المحروقات الذي أثر على كافة جوانب الحياة وأصابها بالشلل في بعض المناطق السورية.
وأضاف سليمان أن الزراعة كانت ثاني أكبر مساهم في الاقتصاد المحلي بعد الخدمات الحكومية لكنها لم تعد تعني للنظام الكثير، لذا وجّه اهتمامه إلى قطاعات أخرى تدر عليه أرباحا كبيرة من الأموال، كقطاع الاتصالات وتأمين المواد التموينية الأساسية، إضافة إلى الاتجار بالمحروقات والأجهزة الكهربائية.
كما أشار إلى أن الزراعة باتت مهنة خاسرة في سورية، ولا تعود بما ينفقه المزارع على المحصول، كما أن الكثير من الأراضي لم تعد صالحة للزراعة بسبب العمليات العسكرية، وفي الوقت نفسه أدت تلك العمليات إلى تضرر شبكات استجرار المياه والطرقات الزراعية.
وفي تصريحات حكومية سابقة، قدّرت الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي والحيواني في الفترة من 2011 وحتى 2016 جراء الصراع بنحو 16 مليار دولار. وقال وزير الزراعة بحكومة النظام محمد حسان قطنا، في تصريحات حديثة، إن 70 بالمئة من المساحات المزروعة تعاني من نقص في المياه.
وكان النظام قد رفع سعر ليتر المازوت من 180 ليرة إلى 500، بعدما كان قد رفع سعر ليتر البنزين من نوع "95 أوكتان"، الذي كان يباع بـ2500 ليرة إلى ثلاثة آلاف ليرة، تزامناً مع رفع سعر مادتي السكر والأرز.
في تصريحات حكومية سابقة، قدّرت الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي والحيواني في الفترة من 2011 وحتى 2016 جراء الصراع بنحو 16 مليار دولار
بدوره، قال رئيس مكتب التسويق في الاتحاد العام للفلاحين خطار عماد، لصحيفة الوطن، إن أبرز أسباب ارتفاع أسعار الخضر في السوق هو ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، من مازوت وأسمدة ويد عاملة، التي ارتفعت أسعارها حالياً، إضافة لارتفاع أجور النقل، مشيراً إلى أن أصغر بستان مزروع بمساحة 50 دونماً بالخضر والفواكه يحتاج في اليوم الواحد لحدود 1000 ليتر مازوت وذلك من أجل السقاية، أي أن المزارع يدفع بحدود ثلاثة ملايين ليرة يومياً.
وبحسب ما رصدت الصحيفة في دمشق، فإن سعر كيلوغرام البندورة بالمفرق وصل لحدود 1000 ليرة، والخيار لـ900، والفليفلة الخضراء لـ1100، والباذنجان لـ1000 ليرة، والبصل لـ950، والبطاطا لحدود 1200.
وفي آخر نشرة صادرة عن مصرف سورية المركزي، بلغ سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار 2525، بينما يبلغ في السوق السوداء نحو 3400. ويعاني السوريون من أزمات معيشية متصاعدة، إذ شهدت أسعار معظم السلع الضرورية والخدمات قفزات كبيرة، خلال الفترة الأخيرة، وخاصة مع تهاوي سعر العملة المحلية مقابل العملة الأميركية في السوق السوداء لتصل إلى 3450 ليرة للدولار.