ارتفعت أسعار أغلب السلع الغذائية والاستهلاكية في أسواق العاصمة السورية دمشق بعد تخطي سعر صرف الدولار مقابل الليرة حاجز الـ9000 ليرة لأول مرة منذ بداية الحرب السورية، وما تبع ذلك من تفاقم معاناة سكان دمشق كما باقي المدن السورية تمثلت في قسوة الظروف المعيشية، ما دفعهم إلى تقليص الاستهلاك.
يعمل خليل محمد (42 عاماً)، في سوق الزبلطاني بدمشق كعامل مياومة، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "أجرة يوم عمل كامل لا تكفي طبخة واحدة بدون لحوم".
ويوضح الرجل الأربعيني الذي يسكن وعائلته في غرفة مستأجرة في إحدى عشوائيات العاصمة في حديثه، أنَّ أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية ترتفع بشكل يومي في ظل بقاء دخله ثابتاً وعدم قدرته على العمل في مهنة أخرى، ما أجبره على خفض استهلاكه من السلع إلى حدوده الدنيا، فضلاً عن استغنائه عن مادة اللحوم الحمراء بشكل نهائي.
وكان رئيس اتحاد العمال التابع للنظام السوري جمال القادري قد قال في تصريحات صحافية خلال شهر أيار/مايو الجاري إنَّ "الحد الأدنى للأجور لم يعد يكفي الموظف ليوم واحد"، مطالبا حكومة النظام بإخضاع نظام الرواتب والأجور لتعديل جذري وإعادة النظر في كل التشريعات المتعلقة بسوق العمل.
ويغطي متوسط الأجر الشهري في سورية والبالغ نحو 100 ألف ليرة، أقل من ربع الاحتياجات الغذائية للأسر، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، ما يعني خلق معاناة إضافية لكل الأسر في ظل موجات الغلاء التي تعاني منها الأسواق السورية في مختلف المدن.
وتخشى آلاف العائلات في مناطق سيطرة النظام من تلاشي قدرتها الشرائية وليس ضعفها، إذ لا يعرف نحو 12 مليون سوري من أين سيحصلون على وجبتهم التالية، كما أن 2.9 مليون شخص معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، الذي حذر من بلوغ معدلات الجوع في سورية مستويات قياسية.
وسجلت أغلب المواد الغذائية ارتفاعات سعرية جديدة بفعل انهيار الليرة، إذ ارتفع سعر كيلوغرام اللحوم الحمراء إلى 96 ألف ليرة، والأرز إلى 18 ألف ليرة، والسكر تجاوز الـ10000 ليرة. في المقابل، لجأ أغلب أصحاب المحال التجارية إلى رفع أسعار بضائعهم إلى ما يفوق سعر الدولار في السوق السوداء تجنباً لتقلبات جديدة في سعر صرف الليرة تنتج عنها زيادة حتمية في أسعار السلع، كما أفاد عدد من التجار في دمشق لـ"العربي الجديد".
يقول سليم الشيخة، وهو صاحب بقالية غذائيات في حي باب سريجة الدمشقي، لـ"العربي الجديد": "كنا نشتري البضاعة بسعر الجملة ونبيعها مع ربح معقول، لكن تقلبات سعر الصرف أجبرتنا على زيادة هامش الربح خوفاً من فقداننا القدرة على الاستمرار في العمل".
وساهم رفع مصرف سورية المركزي بنشرته الخاصة بالجمارك والطيران سعر الدولار الجمركي إلى 6500 ليرة بدلاً من 4 آلاف ليرة في رفع الأسعار، وفقاً للشيخة، الذي يقول إنه "بموجب هذا التعديل قام أغلب المستوردين برفع أسعار منتجاتهم، ما انعكس على كافة حلقات البيع في السوق ونتجت عنه موجة ارتفاع أسعار جديدة لكل السلع".
من جهته، يعتقد المدير التنفيذي لمنصة اقتصادي يونس الكريم أنَّ عدم استقرار سعر الليرة السورية رغم إجراءات البنك المركزي ومنها نشرات الصرافة اليومية عائد لقوانين ما زالت تمنع تداول الدولار، كالمرسوم رقم 3 وموضوع قائمة المستوردات وتعهد إعادة قطع التصدير.
ويعتبر الكريم أن محاولات النظام النقدية لجعل سعر صرف الليرة في السوق النظامي موازيا لسعرها في السوق السوداء ليست لها أي آثار على قيمة العملة المحلية، موضحاً أن هذه السياسة، أي "نشرات الصرافة الاسمية"، خففت العبء فقط على مؤسسات الدولة التي تبيع بأسعار أقل من سعر الكلفة.
ويؤكد الكريم في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنَّ سياسة نشرات الصرافة اليومية ليس لها تأثير على هبوط وانخفاض أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية.