سورية تخفض سعر الليرة طمعاً في الحوالات.. والمستهلك يدفع الثمن

09 مارس 2023
تراجع متواصل لسعر الليرة (Getty)
+ الخط -

يستمر المصرف المركزي في دمشق، في تخفيض سعر صرف الليرة أمام الدولار، في محاولة لمجاراة سعر السوق وعدم خسارة التحويلات الخارجية التي تعود إلى داخل سورية بالعملة المحلية، بعد تبديلها في الأسواق المجاورة، نتيجة فرض نظام الأسد أسعار أقل من السعر الحقيقي للدولار واليورو.

وأصدر مصرف سورية المركزي، اليوم الخميس، قراراً باعتماد نشرة أسعار صرف جديدة لليرة السورية أمام الدولار الأميركي للحوالات الخارجية، بعد رفعها عن سعر أمس بنحو 50 ليرة للدولار الواحد، ليصل سعر صرف العملة الأميركية للحوالات 7200 ليرة ويصل سعر العملة الأوروبية الموحدة 7596.72 ليرة. 

وتصدر هذه النشرة، حسب المركزي بدمشق، بغرض التصريف النقدي وشراء الحوالات الخارجية التجارية والحوالات الواردة إلى الأشخاص الطبيعيين، بما فيها الحوالات الواردة عن طريق شبكات التحويل العالمية.

وتسعى حكومة بشار الأسد إلى الاستفادة من التحويلات الخارجية، عبر ما يصفه مختصون يـ"تعويم جزئي" من خلال تسعير الدولار رسمياً بموازاة سعر السوق، لكن سعر الدولار بشركات الصيرفة بمنطقتي "المرجة والحريقة" اليوم الخميس، ارتفع بنحو 200 ليرة عن سعر أمس، مسجلاً 7500 ليرة سورية.

وبدأ مصرف سورية المركزي مجاراة أسعار السوق الشهر الماضي، وقت أصدر القرار رقم 144، الخاص باعتماد نشرة أسعار صرف جديدة باسم نشرة الحوالات والصرافة، رافعاً سعر تصريف الحوالات الواردة عبر شبكات التحويل العالمية إلى سعر السوق السوداء" بعد أن سمح للمصارف وشركات الصرافة بتسلم قيم الحوالات الخارجية الواردة وتصريف المبالغ النقدية "كاش"، وفق سعر صرف مقارب لسعر التداول "السعر المحدد وفق العرض والطلب بسوق القطع غير الرسمي" معتبراً أن هذا القرار يحقق ميزات هامة إضافةً لتعديل سعر الحوالات والتصريف، وهي تسهيل عمليات التصريف المباشر لدى المصارف.

وتراجع سعر صرف الليرة السورية، اليوم الخميس، بنحو 200 ليرة مقابل الدولار عن سعر أمس، بعد أن سجل الدولار بالسوق 7500 ليرة ووصل الذهب إلى أعلى سعر بتاريخ البلاد، مسجلاً 385 ألف ليرة للغرام من عيار 21 قيراطاً.

وترى مصادر لـ"العربي الجديد" أن قرارات حكومة الأسد تأتي "المتأخرة على الدوام"، ففي حين أصدر البنك المركزي قرار تسعير دولار الحوالات ب7200 ليرة وصل السعر بالسوق إلى 7500 ليرة، ما يعني استمرار تسرّب الحوالات إلى دول الجوار وعودتها للسوق السورية بالليرة، ما يزيد التضخم ويفوّت على سورية نحو 5 ملايين دولار حوالات يومية من الخارج.

وتضيف المصادر أن السوق ستبقى "مضطربة" لطالما لم يصدر مرسوم يلغي المرسوم رقم 3 لعام 2020 الذي جرّم التعامل بغير الليرة، لأن القرارات التي يصدرها المصرف المركزي أو حتى قرارات رئاسة الوزراء، لا تلغي مرسوماً رئاسياً، ويمكن للنظام أن يحاسب ويسحن ويغرّم من يشاء وقتما يشاء.

ويرى أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير بإسطنبول، فراس شعبو أن قرارات المصرف المركزي بلحاق سعر السوق، تخبط لا طائل منه واعتراف من الحكومة بسعر الليرة الحقيقي، وهو سعر مقياسي لن يتحسن لاحقا.

ويضيف شعبو لـ"العربي الجديد" رغم أن القرارات موجهة للتجار والخارج غالباً، إلا أن نتائج هذه القرارات التي تنعكس زيادة على تهاوي سعر الليرة، ستنعكس بصورة كبيرة على أسعار المنتجات، المستوردة والمحلية، ما يعني أن المستهلك هو من سيدفع ثمن التخبط وعدم الاعتراف بواقع الليرة والإفصاح عن الاحتياطي الأجنبي وتبيان أسباب التهاوي الحقيقية.

ويصف المتخصص شعبو خطوات المركزي بالتسعير وفق السوق بـ"التعويم المرن" لأن سعر 7200 ليرة للدولار، سيكون نقطة مقاومة ولن تتحسن الليرة أعلى منه، بل على الأرجح، سنرى تهاويا جديدا لسعر الليرة ريثما يتخلى النظام عن التسعير ويترك الأمر للعرض والطلب بتعويم كامل، سيكون له آثاره السلبية خلال المرحلة الأولى، لكنه سيكون في صالح المستهلكين والبلاد لاحقاً، لأنه ببساطة، سيلغي دور المضاربة التي يقودها نظام بشار الأسد عبر "لجنة خاصة برئاسة محمد السواح" ويحقق مكاسب دولارية على حساب المستهلكين والعملة الوطنية.

المساهمون