بدأ الفلاحون في الشمال الشرقي من سورية بتوريد إنتاجهم من القمح إلى مراكز الاستلام التابعة لـ"الإدارة الذاتية" المنتشرة في المنطقة التي باتت تُعرف بشرق الفرات وتُزرع فيها أهم المحاصيل الاستراتيجية في سورية.
وقال الرئيس المشارك لهيئة الزراعة والري في الإدارة الذاتية، محمد الدخيل، في تصريحات صحافية، مؤخراً، إنّ مراكز استلام القمح التابعة لهذه الإدارة استلمت حتى الاثنين الماضي 57 ألف طن من المزارعين، مشيراً إلى أنّ معظم المساحات المزروعة بالقمح لم يتم حصادها بعد.
ويبدأ الفلاحون في سورية حصاد محصولهم من القمح مع بداية شهر يونيو/ حزيران من كلّ عام وتستمر عمليات الحصاد نحو شهرين. وكانت الإدارة الذاتية حددت شراء كيلو القمح بـ 2200 ليرة سورية (نحو نصف دولار أميركي)، ويتفاوت هذا السعر حسب جودة المنتج، لجهة نقاوته، وخلوه من الشوائب. وبلغت المساحة المزروعة بالقمح في المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية ذات الصبغة الكردية نحو 3 ملايين دونم وهي أقل من المساحات التي كانت تُزرع قبل عام 2011.
وشهدت الأعوام الفائتة تراجعا في المساحات المزروعة بالقمح بسبب ندرة الهطولات المطرية، وارتفاع التكاليف، وتأثير الحرب المستمرة على الزراعة في هذه المناطق منذ أكثر من 10 سنوات، ما دفع الكثير من الفلاحين لزراعة محاصيل أكثر جدوى اقتصادية.
ومن المتوقع أن ينتج الفلاحون في شرق الفرات ما بين 700 و800 ألف طن من القمح، يُخزن في العديد من الصوامع. ويكفي هذا الإنتاج حاجة المنطقة والتي يُقدر عدد سكانها بنحو 4 ملايين نسمة. وتحولت سورية من دولة مصدرة للقمح قبل عام 2011 حيث كانت تنتج أكثر من 4 ملايين طن سنويا، إلى دولة مستوردة حيث هبط الإنتاج إلى نحو مليون طن سنوياً في عموم البلاد. وتشهد المناطق الخاضعة للنظام أزمات خانقة لجهة توفير مادة الخبز للمواطنين، منذ عام 2014، حين خرج شرق الفرات عن سيطرته.
ويوضح المزارع في ريف الرقة الغربي، عبد الرحمن المحمد، أنّ الإنتاج في محافظة الرقة "جيد هذا الموسم" غير أنه أوضح في حديث مع "العربي الجديد" أن الأسعار المرتفعة للأسمدة "كانت سببا من جملة أسباب أدت إلى انخفاض الإنتاج".
وأشار المحمد إلى ان "السعر الذي وضعته الإدارة لشراء القمح هذا الموسم، أقل بكثير مما كنا نتوقع"، مضيفاً: "تكاليف الإنتاج من بذور وسقي وأسمدة ومبيدات مرتفعة، تقلل من أرباح الفلاحين في نهاية الموسم. كان يجب مراعاة هذا الأمر عندما وضع السعر، كي لا يخرج الفلاح خاسراً في نهاية الموسم فيتجه إلى زراعات أخرى، ومن ثم تخرج مساحات جديدة عن زراعة القمح".
شهدت الأعوام الفائتة تراجعا في المساحات المزروعة بالقمح بسبب ندرة الهطولات المطرية، وارتفاع التكاليف، وتأثير الحرب المستمرة على الزراعة في هذه المناطق منذ أكثر من 10 سنوات،
وأوضح أنّ السعر المناسب والذي يحقق الجدوى من الزراعة كان يجب أن يكون بين 2700 إلى 3000 ليرة سورية للكيلو الواحد. وبيّن أنّ الإدارة الذاتية "تعطي محروقات للفلاحين بأسعار مناسبة" مضيفاً: "لكنّ الأسمدة غير متوفرة بشكل دائم وأسعارها مرتفعة". وقال إنّ الإدارة "تأخرت العام الفائت بتسديد ثمن القمح للفلاحين، ولا ندري إن كانت ستتأخر هذا العام أيضاً. نحن نعتمد على ثمن محصول في حياتنا وللاستعداد للزراعات الصيفية والخريفية". وأوضح أنّ مراكز الاستلام لدى الإدارة الذاتية "تستلم المحصول غير مشوّل (ليس موضوعاً في جوالات)" مضيفاً: "هذا الأمر خفف عن الفلاحين عبء شراء الجوالات".
وفي السياق، بيّن المزارع حسين العلي لـ"العربي الجديد" أنّ "تأخر وصول الحصّادات واحدة من المشاكل الدائمة التي نواجهها" مضيفاً: "حتى الآن لم تصل أي حصّادة إلى الريف الغربي للرقة". وأشار إلى أنّ مراكز الاستلام "شهدت العام الفائت الكثير من حالات الفساد". وأضاف أنّ بعض العاملين في مراكز الاستلام يطلبون أموالاً من الفلاحين لتصنيف محصولهم نخباً أول، ليحصلوا على السعر الأعلى.