أثارت التسعيرة التي أعلنت عنها الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية للقمح والشعير احتجاجات مزارعين في دير الزور.
وجاءت الاحتجاجات بعد أن حدَّدت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية، يوم الثلاثاء الماضي، تسعيرة شراء محصولي القمح والشعير من المزارعين للموسم الزراعي 2023، بمبلغ قدره 43 سنتاً أميركياً لكل كيلو غرام واحد من القمح، و35 سنتاً لكل كيلو غرام من محصول الشعير.
وشهدت مناطق واسعة من ريف دير الزور احتجاجات لمزارعين على التسعيرة ووصفوها بأنها "مجحفة بحقهم، ولا تحقق هامش ربح مجز".
وتجمع عشرات المزارعين والأهالي في منطقة العزبة شمال دير الزور، وأصدروا بياناً تلاه المزارع رضا العواد الناطق باسم عشائر البكير والمقرب من مجلس دير الزور العسكري.
وجاء في البيان: "إلى الإدارة الذاتية في شمال وشرق سورية، نبين لكم ما يلي، نحن فلاحي مناطق شمال شرق سورية أهالي دير الزور تفاجأنا بنشر تسعيرة الحبوب لموسم عام 2023، وهي 43 سنتاً للكيلو غرام الواحد وهذا السعر لا يتناسب إطلاقاً مع سعر التكلفة كون مناطقنا تسقي أراضيها من الآبار الارتوازية وبمحركات كبيرة تستهلك كل 12 ساعة 220 لتر مازوت وذلك لأنها أرض صحراوية وبادية وتحتاج إلى 6-7 ريات (دورة سقي) على الأقل، وإنتاج الدونم الواحد لا يتجاوز 300 كيلوغرام".
وأكد البيان أن كلفة الدونم أكثر من مليون ليرة سورية من بذار وسماد ومحروقات وغير ذلك. ونوه إلى أن الإدارة الذاتية لم تقدم مستلزمات الانتاج من البذار والسماد وكذلك المحروقات، حيث أقرت الإدارة الذاتية توزيع محروقات لقاء 6 ريات ولم يتم استلام سوى اثنتين فقط.
وبهذه التسعيرة، وفق البيان، يكون الفلاح قد خسر خسارة فادحة لاسيما أن مادة التبن رخيصة جداً ولا تباع هذا العام.
وطالب المزارعون "الإدارة الذاتية" بإعادة النظر بالتسعيرة "المجحفة" بحق الفلاح، محذرين من أن هذا القرار سيؤدي لامتناع الفلاحين عن الزراعة مستقبلاً.
كما طالبوا الإدارة بتوحيد أجور الحصادات وإلزامهم بها وتأمين المحروقات وأكياس الخيش للمزارعين بالسعر المقبول بعيداً عن جشع التجار".
من جانبه قال المزارع عبد الله حسن، من ريف الرقة شمال سورية، لـ"العربي الجديد"، إن تكاليف تجهيز الأرض للزراعة مرتفعة جداً، فمثلاً الجرار يأخذ 50 ألف ليرة على الدونم الواحد لأن أصحاب الجرارات أيضاً يشتكون من ارتفاع أسعار المحروقات.
وأكد أن "التسعيرة التي أقرتها (الإدارة الذاتية) قد تكون مناسبة في حال أخذنا مخصصاتنا المطلوبة من المحروقات والأسمدة، لكن شراء الأسمدة والمحروقات من السوق السوداء مرتفع التكلفة، وهذا السعر لا يتناسب مع التكاليف، وبالمقارنة بين التكاليف والسعر الحالي تكون خسارة للفلاح، ونحن بحاجة للدعم وليس للخسارة".
بدوره، قال معتز أحمد مدير مكتب الإنتاج النباتي في إقليم الجزيرة التابع للإدارة الذاتية لـ"العربي الجديد" إن مناطق شمال شرق سورية وخاصة منطقة الجزيرة تعتبر السلة الغذائية بشكل عام والزراعة هي العمود الفقري بالنسبة لاقتصاد المنطقة حيث تعتمد نسبة كبيرة من السكان، تتجاوز 86%، على القطاع الزراعي في تلبية احتياجاتهم، والقطاع الزراعي يؤثر على باقي القطاعات في المنطقة.
وأضاف: "من هذا المنطلق قامت الإدارة الذاتية بدعم وتقديم مستلزمات الإنتاج من بذار وأسمدة ومحروقات بسبب حالة الجفاف التي أصابت المنطقة خلال السنوات الثلاث الماضية، وركزت اهتمامها على المساحات المروية وتأمين المحروقات وخاصة في هذا الموسم، حيث كانت بداية هذا الموسم غير مبشرة وتأخر سقوط الأمطار".
واستدرك بالقول: "لكن في النصف الثاني من مرحلة نمو محصول القمح والمحاصيل الاستراتيجية زادت كميات هطول الأمطار، وساعد ذلك على نمو وزيادة المساحات الخضراء في المنطقة، خاصة المساحات البعلية، كون المنطقة تعتمد بدرجة كبيرة على المساحات البعلية، والتي تغطي 75% من المساحة المزروعة.
وأكد أحمد أن التسعيرة التي وضعتها الإدارة الذاتية بالتنسيق مع المؤسسات المهنية من هيئة الزراعة والري واتحاد الفلاحين وشركة تطوير المجتمع الزراعي ومديريات الزراعة في النواحي والبلدات والأقاليم مرضية للمزارعين، وتم احتسابها بعد تقدير تكلفة إنتاج الدونم الواحد أو الكيلو غرام الواحد مع وضع هامش للربح".
وسبق أن أعلن "مجلس الوزراء" التابع للنظام السوري سعر شراء محصولي القمح والشعير من الفلاحين للموسم الزراعي الحالي بـ2300 ليرة لكيلو القمح، و2000 ليرة سورية لكيلو الشعير. وبعد ردود أفعال شعبية وشبه رسمية أبدت استياءها واحتجاجها، أصدرت حكومة النظام قراراً جديداً، ونص القرار الصادر عن اللجنة الاقتصادية التي ترأسها رئيس مجلس وزراء النظام حسين عرنوس الخميس الماضي أنّ سعر شراء القمح للموسم الحالي هو 2500 ليرة سورية لكل 1 كيلوغرام، متضمناً تكاليف الإنتاج مع هامش الربح، ويضاف إليها مبلغ قدره 300 ليرة سورية لكل 1 كيلوغرام كحوافز تشجيعية لزراعة وتسليم القمح، بحيث يصبح السعر النهائي 2800.
وتقدر المساحات المزروعة بالقمح البعل والمروي في سورية بنحو مليون وستمائة هكتار.