سوروس وفورد وماسك.. كيف صنع هؤلاء المليارديرات تاريخ دول كبرى؟

27 سبتمبر 2023
إيلون ماسك حاملاً ابنه في مصنع سيارات تسلا مع الرئيسة المجرية (أسوشييتد برس)
+ الخط -

يوجه العديد من كبار الأثرياء أموالهم لتحقيق أكبر قدر من الرفاه وتملك المقتنيات الفاخرة، والجري وراء الصفقات التجارية، لكن هنالك قلة من هؤلاء المليارديرات تسخر ثرواتها للعب دور سياسي والمساهمة في تغيير مجرى التاريخ وتحديد مصير الشعوب.

من بين هؤلاء يبرز في العصر الحالي الملياردير الأميركي إيلون ماسك الذي لعب دوراً رئيسياً في الحرب الأوكرانية، عبر توفيره خدمة الاتصال للجيش الأوكراني عبر شركة "ستار لينك" في بداية الغزو الروسي. كما أنه بات رقما صعبا في الحرب التجارية الدائرة حاليا بين بكين وواشنطن.

وعلى مر التاريخ، هنالك أغنياء حاولوا توجيه دفة السياسة في العالم، من بينهم أثرياء أوروبيون وأميركيون، إذ دفع ويليام راندولف هيرست الولايات المتحدة إلى الحرب مع إسبانيا جزئياً لبيع الصحف.

على مر التاريخ، هنالك أغنياء حاولوا توجيه دفة السياسة في العالم، من بينهم أثرياء أوروبيون وأميركيون

وحاول صاحب شركة فورد الأميركية، هنري فورد، الانعزالي المتحمس، إبعاد الولايات المتحدة عن الحربين العالميتين الأولى والثانية.

وفي العام 1940، استخدم فورد حق النقض ضد عقد لبناء محركات للطائرات المقاتلة التي كانت بريطانيا بحاجة إليها لمحاربة ألمانيا النازية.

وخلال الحرب الباردة، استخدم أرماند هامر شركة "أوكسيدنتال بتروليوم" التي يملكها لتعزيز الانفراج بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة.

كما استخدم الملياردير جورج سوروس الثروة المكتسبة من الرهان ضد عملات بعض البلدان، للضغط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وتمكن سوروس في بداية التسعينيات من القرن الماضي من إخراج بريطانيا من العملة الموحدة "اليورو"، عبر المضاربة على الجنيه الإسترليني وتكبيد بنك إنكلترا المركزي خسارة قدرت وقتها بنحو مليار جنيه إسترليني في يوم واحد.

لكن الملياردير إيلون ماسك، الذي فاقت ثروته 300 مليار دولار وصنع ثروته من الاستثمار في التقنية والطاقة المتجددة، بات الأكثر نفوذا وتأثيرا في توجيه دفة النفوذ العالمي.

وحسب تقرير بصحيفة "وول ستريت جورنال" اليوم الأربعاء، لعب ماسك دوراً حاسماً في الحرب الأوكرانية، إذ بعدما عطلت روسيا خدمة الأقمار الاصطناعية الأخرى لأوكرانيا في الساعات الأولى من غزوها في فبراير/شباط 2022، ساعد ماسك الأوكرانيين عبر محطات "ستارلينك الفضائية" التي يملكها بتوفير الاتصال للقوات الأوكرانية في ساحة المعركة، ومساعدة كييف على تجنب الهزيمة.

يجري ماسك حالياً ترتيبات مع قادة إسرائيل وتركيا والمجر وبلدان أخرى في العالم لتغيير مسارات اقتصاداتها، والمشاركة في تحديد مصيرها السياسي

لكنه أثار لاحقاً غضب أوكرانيا بعدما رفض طلباً لتفعيل خدمة "ستارلينك" الفضائية فوق شبه جزيرة القرم، وبالتالي أحبط هجوما أوكرانيا على البحرية الروسية.

وقال ماسك، في هذا الصدد، إنه رفض طلب تمكين ستارلينك في شبه جزيرة القرم لتجنب "التواطؤ الصريح في عمل كبير من أعمال الحرب وتصعيد الصراع".

ويجري ماسك حالياً ترتيبات مع قادة إسرائيل وتركيا والمجر وبلدان أخرى في العالم لتغيير مسارات اقتصاداتها، وبالتالي المشاركة في تحديد مستقبل أنظمتها السياسي.

ويرى محللون أن نفوذ ماسك الدولي واستقلاليته باتا مثيرين للاهتمام بالنسبة للولايات المتحدة، خاصة في عالم تعتمد فيه واشنطن على التقنية الفائقة في إحكام سيطرتها على النفوذ العالمي، خاصة أنه يمتلك أحد أهم الأصول التي تعتمد عليها الولايات المتحدة في الهيمنة على النظام العالمي الجديد طور التشكيل.

ولا يدين ماسك بنفوذه للسيطرة على النفط أو رأس المال أو الجيوش الخاصة التي تقع تحت نفوذ الساسة في واشنطن، بل على التقنيات الحيوية التي تحتاجها أميركا لأجل التنافسية الاقتصادية والأمن القومي والرأي العام، وبالتالي فإن أميركا تحتاجه أكثر مما يحتاجها. إذ يعتمد كل من وكالة ناسا والبنتاغون بشكل كبير على شركة "سبيس أكس ـ  SpaceX" التي يملكها للوصول إلى الفضاء.

يرى محللون أن نفوذ ماسك الدولي واستقلاليته باتا مثيرين للاهتمام بالنسبة للولايات المتحدة، خاصة في عالم تعتمد فيه واشنطن على التقنية الفائقة

ولاحظ الخبير بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، غريغوري ألين، أن "سبيس إكس" ليست مثل مقاول دفاع تقليدي يعتمد بشكل كامل تقريبًا على المبيعات التي وافقت عليها الحكومة الأميركية، مما يعني أنه يعتمد في علاقاته الاستثمارية على توجهات واشنطن.

على صعيد الطاقة المتجددة، يملك ماسك شركة تسلا، ورغم أنها ليست الشركة المصنعة الوحيدة للسيارات الكهربائية في العالم، ولكنها الأكثر تقدماً وشهرة.

وفرضت تسلا عبر تقنياتها المتقدمة على الصين شروطها، إذ سمحت بكين لها بافتتاح شركة فرعية مملوكة لها بالكامل، وهي الأولى من نوعها لشركة تصنيع سيارات أجنبية، في شنغهاي في العام 2019، مراهنة بشكل صحيح على أن وجود تسلا من شأنه أن ينشط العلامات التجارية المحلية.

وربما يكون المناخ السياسي الليبرالي في أميركا قد ساهم كثيراً في إنتاج رجل أعمال بمستوى ماسك، الذي هاجر من جنوب أفريقيا إلى كندا عندما كان مراهقًا ثم إلى الولايات المتحدة.

وحسب "وول ستريت جورنال"، على الرغم من أن الملياردير المبتكر ظل في صراع مستمر تقريبًا مع المؤسسات الأمنية والسياسية في أميركا، بدءًا من لجنة التجارة الفيدرالية وحتى وزارة العدل، ولكنه استطاع أن يشق طريقه للنفوذ المالي والتقني والتأثير على استراتيجيات الدول.

المساهمون