تراجع الإصدار العالمي للسندات المدعومة بالرهن العقاري "إم بي إس" في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام إلى أدنى مستوى له خلال الأعوام الـ23 الأخيرة، ما سلّط الضوء على الاضطرابات الحادثة في قطاع العقارات، بعد ظهور التأثير السلبي لمعدلات الفائدة المرتفعة على المبيعات وعمليات إعادة التمويل.
ووفقاً لبيانات "رفينيتيف" اليوم الخميس، بلغ إصدار "إم بي إس" العالمي 100 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2000.
وشهد قطاع العقارات، الذي دائمًا ما يكون مؤشرًا رئيسيًا للأنشطة الاقتصادية الأخرى في أغلب الاقتصادات الكبرى، انخفاضًا بسبب ارتفاع معدلات الرهن العقاري، على خلفية زيادة البنوك المركزية العالمية أسعار الفائدة من أجل كبح جماح التضخم.
وقال محللون إنّ تباطؤ إصدار السندات قد يؤدي إلى مزيد من المشاكل لهذا القطاع، حيث سيكون هناك نقص في المعروض من الأموال للمقترضين، الذين تضرروا بالفعل من معايير الإقراض المتشددة في البنوك بعد الاضطرابات المصرفية الأخيرة.
وقال المستشار العقاري في شركة ريال إستيت بيس، أرمستيد غونز، لوكالة رويترز، إنّ "التراجع في إصدار السندات سيؤدي إلى انخفاض في الائتمان، ما يجعل الأمر صعبًا على مالكي المنازل ومطوري العقارات، ويمكن أن يؤدي ذلك بدوره إلى تباطؤ نمو وتطور قطاع العقارات ككل، وقد يكون هناك عدد أقل من المقرضين المتاحين لإعادة تمويل القروض الحالية، ما يدفع العملاء للتوجه إلى مقرضين من القطاع الخاص بمعدلات فائدة أعلى".
ويرجع الانخفاض في إصدار السندات أيضًا إلى الانخفاض في الطلب من البنوك، حيث تتطلع البنوك إلى التخلي عن هذه الأوراق، خاصة بعد انهيار بنكي سيليكون فالي وسيغنتشر في مارس/ آذار الماضي.
واحتفظ البنكان بكميات كبيرة من هذه الأوراق، ومع تراجع أسعار السندات بالتزامن مع ارتفاع معدلات الفائدة، بدأ المستثمرون في سحب الودائع خوفًا من عجز البنوك عن الوفاء بالتزاماتها.
وأظهرت البيانات أنّ سندات الرهن العقاري التي أصدرتها وكالات حكومية، مثل فاني ماي وجيني ماي وفريدي ماك، انخفضت بنسبة 47% عن العام الماضي إلى 42 مليار دولار، وتراجعت إصدارات البنوك إلى 38.3 مليار دولار بانخفاض نسبته 71%، بعدما ارتفعت في 2020، عندما خفضت البنوك المركزية أسعار الفائدة، وقام مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) بشرائها بكميات كبيرة لتعزيز أسواق الائتمان.
ويذكر أنّ بنك الاحتياط الفيدرالي يحتفظ بحوالي ربع قيمة سوق سندات الرهن العقاري الأميركية، البالغة 12 تريليون دولار.
السندات المدعومة بالرهن العقاري "Mortgage-Backed Security" هي نوع من الأوراق المالية التي تستند إلى حزم من الرهون العقارية. وبشكل أكثر تحديدًا، تقوم شركات الرهن العقاري ببيع حزم من الرهون العقارية التي تملكها إلى شركات أخرى، والتي بدورها تقوم بتجميع هذه الحزم معًا لإصدار الأوراق المالية الخاصة بها، وتستند قيمة هذه الأوراق المالية إلى حقوق التحصيل على الرهون العقارية التي تقوم عليها.
بشكل عام، تسمح هذه السندات للمستثمرين بامتلاك حصة في حزمة من الرهون العقارية، ما يتيح لهم جني العوائد من الفوائد والأقساط التي تُدفع على هذه الرهون. وتُقسّم هذه الأموال بين المستثمرين بناءً على حصتهم في الأوراق المالية. وغالبًا ما يكون لسندات الرهن العقاري عوائد أعلى من سندات الخزانة الأميركية.