في خطوة قد تؤثر على ودائع بالمليارات، نقلت "رويترز" عن 4 مصادر مطلعة أنّ السلطات والبنوك السويسرية، بما فيها "يو بي إس" UBS، تناقش إجراءات جديدة لمنع ظاهرة التهافت على سحب الودائع من القطاع في الوقت نفسه، نتيجة مخاوف مرتبطة بملاءة أي مصرف، وهي الظاهرة المعروفة باسم "bank runs"، بعد إنقاذ "كريدي سويس" في وقت سابق من هذا العام.
وأفاد اثنان من المصادر بأنّ المحادثات التي لم يُعلن عنها من قبل وهي جزء من مراجعة أوسع للقواعد المصرفية في البلاد، مخصصة للمصارف السويسرية الكبرى، ويمكن أن تستهدف أساساً عملاءها من أصحاب الثروات.
وقال أحد المصادر إنّ من بين الإجراءات التي تجري مناقشتها خيار توزيع جزء أكبر من الانسحابات على فترات زمنية أطول، فيما قال اثنان من المصادر إنّ فرض رسوم على السحوبات هو بديل تجري مناقشته أيضاً، وذكر آخر أنّ مكافأة العملاء الذين يربطون مدخراتهم لفترة أطول بأسعار فائدة أعلى تجري مناقشتها أيضاً.
تجدر الإشارة إلى أنّ المناقشات لا تزال في مراحلها الأولى، بحسب مصدرين. وقال أحدهم إنّ "البنك الوطني السويسري" SNB (المصرف المركزي) ووزارة المالية السويسرية يشاركان في المحادثات مع المقرضين.
في السياق، أشار ممثل عن وزارة المالية إلى أنّ مسألة التهافت على سحب الودائع في الوقت نفسه، هي جزء من تقييم شامل للإطار التنظيمي للمؤسسات المصنفة بأنها أكبر من تفلس (the too-big-to-fail regulatory framework) في سويسرا، مضيفاً أنّ من المقرر أن تنشر الحكومة السويسرية تقريراً في ربيع العام المقبل.
وأوضح البنك الوطني السويسري أن المراجعة مستمرة بالنسبة لقواعد البنوك الواقعة ضمن هذا التصنيف، والتي تركز على ما يسمى بالبنوك ذات الأهمية النظامية، فيما رفض البنك المركزي التعليق على المداولات الحاصلة، كما رفض "يو بي إس" التعليق.
وفي سويسرا، يُعتبر كل من "يو بي إس" و"رايفايزن غروب" Raiffeisen Group، و"زوركا كانتونال بنك" Zürcher Kantonalbank، و"بوست فايننانس" PostFinance من المقرضين ذوي الأهمية النظامية، لأن فشلهم قد يتسبب في أضرار جسيمة لاقتصاد البلاد والنظام المالي.
وذكر متحدث باسم "بوست فايننانس" أنه لم يشارك في المناقشات، بينما رفض متحدث باسم "زوركا" ZKB التعليق. كما لم يكن لدى ممثل "رايفايزن" تعليق فوري.
سحب الودائع المتزامن أدى إلى إفلاس مصارف سابقاً
وفي وقت سابق من هذا العام، عانت بعض المصارف الأميركية الإقليمية وبنك "كريدي سويس" من سحب كميات هائلة من الودائع، مما تسبب في إفلاس بعضها وتدخل المنظمين لمنع حدوث أزمة مالية أوسع نطاقاً.
ومنذ ذلك الحين، ظلت الهيئات التنظيمية في جميع أنحاء العالم تتصارع مع مخاطر سحب الأموال من البنوك، والتي تسارعت في عصر الخدمات المصرفية الرقمية.
في هذا الصدد، قال المدير التنفيذي للأسواق في بنك إنكلترا المركزي أندرو هاوزر، خلال مؤتمر في لندن، اليوم الجمعة، إنّ الهيئات التنظيمية المالية ستحتاج إلى التأكد من احتفاظ المصارف بمصدات مالية كافية، حيث يزيد التقدم التكنولوجي من مخاطر التهافت على سحب الأموال من البنوك.
وفي حالة "كريدي سويس"، عانى البنك السويسري من تدفقات خارجة غير مسبوقة، واقترب من التصفية غير المنظمة في مارس/ آذار المنصرم. ويميل مديرو الثروات إلى تركيز الودائع بشكل أكبر من بعض منافسي الخدمات المصرفية للأفراد، الأمر الذي ظهر كنقطة ضعف بالنسبة للمقرض.
وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022، تضرر البنك الذي كان في ذلك الوقت ثاني أكبر مصارف سويسرا، من تدفقات خارجة بقيمة 111 مليار فرنك سويسري. كما غادرته 61 مليار فرنك سويسري إضافية في الربع الأول، وكانت وحدة الثروة التي تخدم العملاء الأثرياء هي الأكثر تضرراً. (الفرنك= 1.11 دولار).
وقد دفع اقترابه من الانهيار البنك المركزي السويسري إلى التدخل بتمويل طارئ، وتسهيل استحواذ "يو بي إس" عليه، الأمر الذي جعل هذا الأخير أكبر بنوك البلاد.
(رويترز، العربي الجديد)