أسواق السودان (أشرف شاذلي/فرانس برس)
05 أكتوبر 2020
+ الخط -

يترقب السودانيون آثارا إيجابية على اقتصاد البلاد ومعيشتهم، عقب إنهاء الحرب والتوقيع على اتفاق السلام بين الحكومة والجبهة الثورية السودانية. وأنعش السلام آمالا بتخفيف الفقر والبطالة وحل العديد من الأزمات المالية التي أنهكت الشعب وساهمت في انهيار أنظمة الإنتاج والكثير من القطاعات.
وأكد خبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد" أن المرحلة المقبلة تتطلب اهتماماً من الدولة بمعالجة التشوهات التي أعاقت نهضة القطاعات الاقتصادية المختلفة، ومواجهة عمليات النهب والتهريب الممنهجة والتدمير الذي طاول الزراعة والثروة الحيوانية وامتد أثره واضحا إلى خلل في الميزان التجاري، ما أدى بصورة مباشرة إلى تدهور معيشة المواطنين. 
وقالوا إن السلام يفتح صفحة جديدة تنهي الحروب التي استنزفت موارد البلاد وأرهقت الميزانيات وأزهقت الأرواح وعطلت التنمية وأوقفت النمو.
وفي الأثناء، أكد عضو الوساطة الجنوبية، ضيو مطوك، وجود مشاورات مع بعض الدول لتبنّي مؤتمر تمويل اتفاق السلام بين الأطراف السودانية، مشيرا إلى أن عودة حركات الكفاح المسلح للخرطوم تعد أحد الالتزامات وعلى رأسها عودة النازحين واللاجئين والتعويضات، لكنها تحتاج إلى موارد كبيرة.

ومن جانبه، قال رئيس حركة العدل والمساواة وأحد الموقّعين على اتفاق السلام، جبريل إبراهيم، إن الاتفاق سيخلق بيئة صالحة للوفاق الوطني في البلاد ويوفر الأموال التي كانت تُنفق في الحرب، ويحسّن علاقات السودان الإقليمية والدولية، بما يفضي إلى رفع العقوبات المفروضة على البلاد.
وقال جبريل لوكالة السودان للأنباء، إن تحقيق السلام في البلاد سيعيد النازحين واللاجئين إلى مناطق الإنتاج، ليسهموا في الاقتصاد القومي.
وفي هذا السياق، أكدت الباحثة الاقتصادية سوسن فؤاد، لـ"العربي الجديد"، أن المرحلة القادمة يجب أن ترتكز على النهوض بالإنتاج، خاصة بعد أن دمرت الحرب كثيرا من المناطق المنتجة، وساهمت في زيادة البطالة والفقر، ولا سيما في مناطق دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وهى المعنية بالاتفاق الذى تم. 
وأشارت الباحثة الاقتصادية إلى أن هذه المناطق غنية بالثروات، ولكن نسبة لتأثرها بمناخ الحروب لم تستمر العملية الإنتاجية، مطالبة بالتركيز على القطاع الزراعي بعد السلام.
ورغم أن البعض يرون أن السلام أصبح واقعا ولابد من مواجهة التحديات الاقتصادية، إلا أن الخبير الاقتصادي، الفاتح عثمان، يقول إن السلام منقوص طالما سجلت بعض الحركات المسلحة غيابا عن الاتفاق.

ويضيف أن عملية تمويل هذا السلام من قبل الحكومة في وضعها الراهن سيكون خصما من رصيد المواطنين، إلا إذا تلقت تمويلات دولية لترتيب أولويات السلام، خاصة أن هناك دمجا مطلوبا لما لا يقل عن 10 آلاف جندي، بجانب تعويضات ومبالغ للولايات.
ومن جانبه، يقول الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي، لـ"العربي الجديد" إن السلام كفكرة مرحب بها، ولكن يصعب تثبيتها على أرض الواقع، نسبة لتأثر الاقتصاد العالمي وضعف فرص الحصول على تمويلات جيدة، بالإضافة إلى تراجع الاقتصاد الوطني بسبب توقف الإنتاج في الفترة السابقة، لظروف خارج نطاق الإرادة، من جائحة كورونا واجتياح السيول والفيضانات معظم مناطق الإنتاج، وبالتالي تعطلت العملية الإنتاجية.
ويضيف: الآن صوت المدفع وقف، ولكن ما زالت هناك بؤر ومناوشات من حركة عبد الواحد نور في غرب السودان "جبل مرة" لتحطيم اتفاق السلام، موضحا أن الاقتصاد تدهور كثيرا، ومازالت عمليات إعادة بواخر صادر الماشية من ميناء جدة إلى السودان مستمرة.

ويعاني السودان منذ انفصال الجنوب في 2011 من متاعب اقتصادية بسبب شح الموارد من النقد الأجنبي وانهيار العملة الوطنية وغلاء أسعار السلع والخدمات.
الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي يقول لـ"العربي الجديد" إن الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني يتحقق من خلاله النمو والازدهار في كل المجالات. ووصف عملية السلام النهائي بأنها مطلب أساسي لتهيئة مناخ استثماري ملائم تنمو وتزدهر فيه منشآت قطاع الأعمال أكثر، مؤكداً أنه بدون الأمن لا توجد تنمية، وبدون التنمية لا توجد الدولة القوية ذات الأسس السليمة، فانعدام الأمن الاقتصادي آثاره سلبية ومتعددة تتجاوز الحدود الدولية حيث تمتد آثاره إلى دول الجوار، مما ينعكس على الكثير من المتغيرات الاقتصادية مثل التضخم، البطالة، الاستثمار، سعر الصرف، الأسواق المالية، الميزانية العامة، التأمين، والسياحة.
ولفت فتحي إلى أن الاستقرار السياسي يؤثر على الحالة الاقتصادية للبلاد، لما له من أثر كبير على القرارات الاستثمارية، سواء للمستثمر المحلي أو الأجنبي، وكذلك إنتاجية وأداء الأفراد داخل المنظومة الاقتصادية.

ووفق الخبير الاقتصادي فإن عملية السلام الموقعة تساعد على قيام أجهزة الدولة بأداء دورها وتحقيق مستهدفاتها، مشيرا إلى أن القطاع المصرفي يعد من أهم هذه الأجهزة، لما له من أدوات مؤثرة على أداء المشروعات، إلا أنه رهن تحقيق الاستقرار السياسي والأمني.

المساهمون