سفن الحبوب الأوكرانية تبحر للدول المأزومة: لبنان أول المستفيدين

04 اغسطس 2022
ممثلو الأطراف المعنية باتفاق إسطنبول في طريقهم لتفتيش "رازوني" في البوسفور (الاأناضول)
+ الخط -

بات لبنان أول دولة مستفيدة من انفراجة استئناف تصدير الحبوب الأوكرانية، بعد أن توجهت إليها أول سفينة غادرت موانئ أوكرانيا على البحر الأسود، عقب التوصل إلى اتفاق العبور الآمن لسفن الحبوب بين مختلف أطراف الأزمة وبرعاية تركية.

ويأتي اختيار لبنان كأول مستفيد من سفينة الشحن الأولى المحملة بالحبوب، في الوقت الذي تمر فيه البلاد بمشكلة غذائية حادة وأزمة خبز خانقة يعاني منها اللبنانيون، الأمر الذي سيساعد بيروت على تخطي هذه المحنة ولو مؤقتاً.

وكانت التوقعات تشير إلى أن أول سفينة حبوب أوكرانية ستكون من نصيب مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، لكن السفينة توجهت لميناء طرابلس في لبنان حيث يعاني لبنان من أزمة خبز خانقة، إذ ينتظر اللبنانيون أمام الأفران في طوابير طويلة للحصول على ربطة خبز مدعومة الأسعار من الحكومة، وسط نقص التموين من القمح بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا.

وتقنّن الأفران الكميات التي توزعها، وسط تبادل الاتهامات بين وزارة الاقتصاد وأصحاب الأفران حيال المسؤولية عن الأزمة التي تأتي في خضم انهيار اقتصادي غير مسبوق ومستمر منذ أكثر من عامين.

وبعد تأخير "بسبب الأحوال الجوية" وصلت ليل أول من أمس الثلاثاء، سفينة "رازوني" إلى إسطنبول، بعد أن غادرت ميناء أوديسا الأوكراني الإثنين رافعة علم سيراليون، محملة بنحو 26527 طناً من الذرة، لتخضع أمس الأربعاء، بحسب بيان وزارة الدفاع التركية، لعملية "فحص وتفتيش" من الفريق المشترك المؤلف من تركيا وأوكرانيا وروسيا والأمم المتحدة، ثم غادرت ظهر أمس إلى ميناء طرابلس شمالي لبنان، وهو ثاني أكبر مرفأ بلبنان، بعد مرفأ بيروت الذي تعرّض لانفجار في 4 أغسطس/ آب 2020.

ويكشف ممثل تركيا في مركز التنسيق المشترك الذي تأسس للإشراف على استئناف صادرات الحبوب الأوكرانية، أوزجان ألتونبوداك، أن سبب تأخير وصول سفينة "رازوني" إلى إسطنبول يعود لسوء الأحوال الجوية، وخضعت السفينة، بعد رسوها بالمكان المخصص، لتفتيش من مسؤولين من روسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة، بموجب بنود اتفاق العبور الآمن، لتكمل إلى وجهتها النهائية "ميناء طرابلس اللبناني".

ويضيف ألتونبوداك خلال تصريحات أول من أمس، أن عقبات "إزالة الألغام البحرية ووضع إطار عمل للسفن للدخول الآمن لمنطقة الصراع وتحميل الشحنات" لم يتم تخطيها بالكامل ليتم نقل ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية، متوقعاً مغادرة سفينة حبوب يومياً "ما دام اتفاق العبور الآمن قائماً".

وتعاظمت الآمال الدولية بانفراج أزمة نقص الحبوب والزيوت والأسمدة، بعد التوقيع، بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة، على "وثيقة مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية" في إسطنبول 22 يوليو/تموز الماضي.

وتأمل أوكرانيا التي توصف بسلة خبز أوروبا، أن تصدر 20 مليون طن من الحبوب الموجودة في الصوامع و40 مليون طن من محصول متوقع للعام الجاري، بعد أن عطلت الحرب الروسية صادراتها، منذ 24 فبراير/شباط الماضي.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي خلال تصريحات ليل الإثنين، بعد إبحار سفينة "رازوني" إن مغادرة السفينة "أول إشارة إيجابية"، لكنه "من السابق لأوانه القفز لاستنتاجات أو توقع مسار الأمور" متخوفاً من عرقلة موسكو للاتفاقية "لا يمكن أن يكون لدينا أوهام عن أن روسيا ستحجم ببساطة عن محاولة عرقلة الصادرات الأوكرانية".

وتوقع مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بإسطنبول، كامل ديمريل، أن تبدأ أسعار الحبوب العالمية بالتراجع، لأن 16 سفينة أوكرانية تنتظر التحميل والإبحار، وربما الأهم الذي سيساعد بانفراج عالمي بأزمة الحبوب وتضخم الأسعار، هو تصدير القمح الروسي، إذ تشير التوقعات إلى إنتاج نحو 88 مليون طن قمح لهذا العام "وتصدير القمح الروسي الخطوة اللاحقة وإن لم يعلن صراحة خلال الاتفاقية".

ويكشف مدير مركز الدراسات بإسطنبول، خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" أن الأقمار الصناعية التركية، وضعت سفينة "رازوني" تحت المراقبة، منذ إبحارها من ميناء أوديسا الإثنين، حتى وصولها ليل أول من أمس إلى خليج البوسفور.

وبدأت الآمال الدولية بانخفاض أسعار الحبوب وصناعات الدقيق، بعد تحرك أول باخرة إلى لبنان، بعد أن ارتفعت الأسعار إلى أعلى سعر منذ يونيو/ حزيران العام الماضي.

وتنتظر ما لا يقل عن 16 سفينة حبوب في موانئ أوكرانيا لإجراء اختبارات قبل المغادرة، في حين توقع وزير البنية التحتية الأوكراني أولكسندر كوبراكوف عدم خروج أكثر من خمس سفن خلال الأسبوعين المقبلين، قائلاً إن "تخفيف حدة أزمة الغذاء العالمية سيستغرق شهوراً".

وحول لماذا لبنان وجهة أول سفينة حبوب أوكرانية، يؤكد ديمريل، أن "لبنان قريب من الموانئ التركية، ولن تكون رحلة تجربة إبحار أول سفينة طويلة، كما أن لبنان يعاني من أزمة غذائية خانقة "أكثر من الدول الأفريقية".

وأضاف أن "لبنان يعاني من إفلاس مصارف وعدم القدرة على تسديد الديون، ويطلب مساعدات دولية، كما أن مخاوف تأمين الرغيف انتقلت إلى مرحلة صعبة خلال الأيام الأخيرة". وتوقع ذهاب ثاني الشحنات في المنطقة إلى مصر.

المساهمون